براقش نت متابعات يرى مراقبون أن انتخاب أول رئيس إسلامي في مصر يشكل تحديا لإدارة أوباما، التي تحاول ان تستوعب الحقيقة الماثلة في التعامل مع زعيم كانت نظرته إلى العالم كثيرا ما تتعارض مع نظرة واشنطن. وستجري مراسم تنصيب زعيم الإخوان المسلمين في مصر محمد مرسي الذي درس في الولاياتالمتحدة يوم السبت في القاهرة. وقال الخبير بالشؤون المصرية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، اريك تريغر إن رئاسة مرسي ستكون تحدياً كبيراً لمصالح أميركية حيوية في المنطقة. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز، عن تريغر قوله "إن الأجندة اللاهوتية للإخوان المسلمين تبعد تدعيم الديمقراطية عن الطاولة، وإن عداء مرسي تجاه اسرائيل يضع السلام الإقليمي موضع شك". وأضاف تريغر أن إدارة أوباما "ما زالت تجس نبض الإخوان المسلمين، بدلا من أن تحدد مجموعة مواصفات واضحة لتعاون الاخوان بشأن مصالح أميركية أساسية". وقالت مارينا اوتاواي الباحثة في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي، إن إدارة أوباما اتخذت موقف التريث قبل أن تعيد رسم سياستها تجاه مصر. وسيتولى مرسي منصبا جُرد من السلطة اساسا بقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تسلم مقاليد الحكم بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك. ومن المرجح أن يستهلك الرئيس الجديد كثيرا من وقته في صراع على السلطة مع العسكر. وكان المجلس العسكري أعلن تسليم السلطات التنفيذية إلى الرئيس مرسي في نهاية حزيران (يونيو) ولكنه سيحتفظ بالسلطات التشريعية حتى كتابة دستور جديد وانتخاب برلمان جديد. وقالت ميشيل دان مديرة مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي إن إدارة اوباما ما زالت تراهن على الجيش المصري لتأمين المصالح الأميركية. واقترحت دان تعديل العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر في المرحلة الجديدة ولكنها أضافت لصحيفة واشنطن تايمز أنها ليست متأكدة من أن "الإدارة الأميركية تتوجه حقا نحو تغيير العلاقة". وقال الباحث تريغر، إنه بوقوف مرسي وراء دفة القيادة "ستكون مصر شريكا أقل موثوقية بكثير، ومصدر صداعات في غالب الأحيان". وتوقع الزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن والخبير في شؤون الشرق الأوسط خيري إباظة، أن تكون العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر "أشد تعقيدا لسبب بسيط، هو أن الادارة في واشنطن لم تعد تتعامل مع رجل واحد في القاهرة". وقال أباظة انه "سيتعين على الولاياتالمتحدة أن تقيم علاقات مع مفاعيل سياسية مختلفة وأن تتفاوض بشأن مصالحها". وأضاف "العلاقة قد تصبح أكثر تعقيدا بعض الشيء ولكنها يمكن أن تصبح علاقة أكثر تعافيا بكثير". ويتفق المحللون على أن التزام حكومة مرسي بمعاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية هو أكبر المجاهيل في العلاقة الجديدة. وكان مبارك يتلقى سنويا 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية مقابل الحفاظ على السلام مع إسرائيل. وصرح قياديون في جماعة الإخوان المسلمين بأنهم يريدون تعديل المعاهدة. وقالت مديرة مركز رفيق الحريري للشرق الوسط في المجلس الأطلسي، ميشيل دان "ان مرسي سيتطلع إلى إقامة علاقة اقتصادية أمتن، وربما علاقة تشتمل على حوار استراتيجي أوسع بشأن القضايا الاقتصادية والسياسية، وليس علاقة تتمثل ببساطة في تقديم الكثير من المساعدات العسكرية مقابل إطار محدد من التعاون العسكري والأمني". وحاول مرسي في أاول كلمة بثها التلفزيون بعد انتخابه، أن يبدد مخاوف الولاياتالمتحدة واسرائيل بإعلان نيته في الالتزام باتفاقيات مصر الدولية. واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون، مثل هذه التصريحات إيجابية ولكنها أضافت أن الولاياتالمتحدة ستنتظر وتحكم في ضوء الممارسة العملية. وينظر بعض المحللين إلى تصريحات الرئيس المنتخب بعين الشك. وقالت الباحثة في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام العالمي مارينا أوتاواي "أن الولاياتالمتحدة ليست متأكدة بأن الإخوان المسلمين سيحترمون معاهدة السلام كما كانت في حالة مبارك". ولاحظ الباحث تريغر "أن مرسي قال إنه سيلتزم بكل الاتفاقيات ولكنه كثيراً ما كان يضع استثناءات تراعي الإرادة الشعبية والأولويات الاستراتيجية، والمتفق عليه في مصر أن السلام مع إسرائيل ليس أولوية استراتيجية". ويرى محللون أن السلام مع إسرائيل يتوقف على الاستقرار في شبه جزيرة سيناء حيث يمكن لوقوع مواجهة أن تشعل حريقا في المنطقة بأكملها. كما أن تأييد الإخوان المسلمين لتعزيز العلاقات مع إيران قرع نواقيس إنذار في واشنطن، ولكن محللين استبعدوا أن يبدأ مرسي عهده بأجندة كبيرة في مجال السياسة بحكم الضرورة أساسا. إذ سيكون إنعاش الاقتصاد المصري وإعادته على السكة من أكبر التحديات التي تواجه إدارته. ويشير المحللون إلى كساد قطاع السياحة، مصدر الدخل الأساسي في مصر، منذ بداية الانتفاضة ضد مبارك في عام 2011 متوقعين أن تجبر هذه الحقائق الاقتصادية القاسية الاخوان المسلمين على تخفيف أجندتهم في مجال السياسة الخارجية. وقالت الخبيرة دان إن الإخوان المسلمين، سيعملون على نيل دعم الولاياتالمتحدة وأوروبا لأنهم يحتاجون إلى الاستثمار وإلى ترتيبات تجارية أفضل. واتفق أباظة مع ما ذهبت إليه دان قائلا "إن مصر تحتاج إلى الولاياتالمتحدة من أجل اقتصادها وإلى دعم واشنطن في مؤسسات مالية مثل البنك الدولي وصندوق النفد الدولي".