يعيش الكاتب الكولومبي الأشهر، جابرائيل جارسيا ماركيز، هذه الأيام عزلة شبه تامة في المكسيك بسبب دخوله مرحلة متقدمة من الخرف وفقدان الذاكرة. صاحب "مائة عام من العزلة" والحاصل على جائزة نوبل للأدب، عانى كثيراً، وعندما قدم أول عمل أدبي له إلى أحد الناشرين بادره: أنت يمكن أن تكون أي شيء سوى أن تكون كاتباً. لم يحبط الرجل، واصل إنتاجه الروائي والقصصي حتى وصل إلى تربع عرش الأدب اللاتيني. كنت قبل سنوات قرأت مقابلة مطولة مع ماركيز صدرت في كتاب، كان الحديث حول أجواء كتابته لمائة عام من العزلة أخذ معظم الحوار. أهم ما قاله في ذلك الحوار أنه عندما شرع في كتابة تلك الرواية كان قرر أن ستة أشهر بالتمام كافية لإنجازها، باع سيارته وتفرغ للكتابة، ظن أن ما يمتلكه من مال سيعيش منه حتى تكتمل الرواية. مرت ستة أشهر وتلتها مثلها وهو لا يعرف ما يدور خارج منزله، كانت العظيمة (مرسيدس) زوجته تهدئ المؤجر وتلاطف البقال وتعد الجزار بتسديد الديون. ظل ماركيز يكتب روايته طوال 8 أشهر دون أن يزعجه لا مؤجر ولا بقال ولا جزار.