تصريحات وزير الكهرباء والطاقة صالح سميع الأخيرة التي قال فيها: إن البلاد تحتاج إلى ثلاثة آلاف ميجاوات بصورة عاجلة لتأمين احتياجاتها من الطاقة خاصة للمجالات الصناعية والزراعية والتشغيلية والتجارية، بحاجة للتوقف أمامها ووضع عدة خطوط حمراء وصفراء تحت عبارة ثلاثة آلاف ميجاوات بصورة عاجلة، وسبب وضع تلك الخطوط هو كون أن مشاريع الطاقة التي هي بهذا الحجم تتجاوز مفهوم العاجلة، وتندرج تحت بند الخطط الاستراتيجية والتي لايمكن للحلول الترقيعية التي تقوم بها الوزارة في توفير محطات توليد صغيرة من فئة الخمسة والعشرة ميجاوات، وليس على الوزير إطلاق مثل هذه التصريحات والوعود الزائفة؛ لأنها تندرج تحت بند الوعود التخديرية التي كان يطلقها الوزراء السابقون، والتي تحولت لمواد للتندر على الوزراء والتذكير بإخفاقاتهم.
-2-
ثلاثة آلاف ميجاوات عاجلة هو موضوع مثير للسخرية في بلد لايمتلك نصف تلك القدرة التوليدية، وعلى الحكومة ووزرائها الابتعاد عن التصريحات التي لا تتفق مع الواقع ولا مع قدرتها، وذلك بحثاً عن تغطية مكامن ضعفها واختلال أدائها الفني والإداري، وهنا مازلت أتذكر تصريحات الوزير سميع خلال مرافقته لرئيس الحكومة محمد سالم باسندوة في زيارته الأولى للشقيقة الكبرى أن اليمن بحاجة لمحطات توليد للطاقة بشكل عاجل بقدرة توليدية تبلغ 1500 ميجاوات وأنه واثق من أن الجهات المانحة والممولة في السعودية ودول الخليج سيساهموا في توفير محطات لتوليد الكهرباء بشكل عاجل، لكنه عاد من زيارته تلك بخفي حنين، وبعدها بأكثر من أربعة أشهر تم توفير محطات توليد للكهرباء في محافظة عدن بقوة ستين ميجاوات.
- 3 -
وزارة الكهرباء ليست هي الجهة الوحيدة المعنية بتوليد وتوفير الطاقة في البلد، بل يجب أن تكون هذه هي مسئولية الحكومة بشكل كامل، وعليها أن تقدم خطة استراتيجية كاملة، لكن واقعية وقابلة للتنفيذ، وبدون أن تكون تلك الخطة موضوعة فقط لجلب المساعدات من الدول المانحة ومن ثم يتم تحويلها لمجالات أخرى أو يتم التلاعب بها والتهامها في صفقات فساد مشبوهة وعمولات لمشاريع وهمية.
- 4 -
هناك حاجة حقيقية وماسة لتوفير الكهرباء والطاقة، ويجب أن تكون أولوية للحكومة، لكن وفق منطق المعقول والمقبول وليس بتصريحات غير مسئولة تشعر المواطنين أن الوزارة تمتلك عصى سحرية لإقامة مشاريع عملاقة بشكل عاجل؛ فقطاع الكهرباء يحتاج لعمل وفق معايير عالمية وفنية عالية حتى لا تصبح تلك المشاريع عبارة عن نوافذ للفساد والارتزاق، ولا تخرج عن كونها تصريحات للتخدير المؤقت على قاعدة أن الذاكرة الجمعية للناس هي ذاكرة مثقوبة.