يلتقي ممثلون للحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين في سويسرا الثلاثاء تحت رعاية الاممالمتحدة، في مباحثات سلام قد يسبقها وقف لإطلاق النار، تهدف لوضع حد لنزاع اودى بحياة الآلاف ووفر ارضية لتنامي التنظيمات الجهادية. وبعد أكثر من عام على دخول الحوثيين صنعاء، تتواصل الحرب في اليمن، بينما استغلت الجماعات الجهادية خاصة تنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية، هذا الوضع لتعزيز تواجدها ونفوذها في مناطق عدة، لا سيما في مدينة عدن (جنوب) ثاني كبرى مدن البلاد. وبحسب الرئاسة اليمنية، يتوقع أن يبدأ تنفيذ وقف لإطلاق النار عشية بدء المحادثات، ومن المرجح ان يستمر سبعة ايام في حال التزام الحوثيون به. وفي المقابل طالبوا بوقف التحالف غاراته على مواقعهم. والهدنة المأمولة تبدو اقصى ما يمكن ان يحدث حاليا في ظل النزاع الدامي بين الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والقوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي. وادى النزاع الى مقتل قرابة ستة آلاف شخص واصابة نحو 28 الفا، بحسب الاممالمتحدة، اضافة الى تأثيره على الاوضاع الانسانية والمعيشية لنحو 80 بالمئة من السكان الذين يقدر عددهم بقرابة 26 مليون نسمة بعد فرض الحوثيين حصارا خانقا على آلاف اليمنيين ومنع وصول المساعدات الانسانية إليهم. وسيطر الحوثيون وهم من المذهب الزيدي على مساحات من اليمن في يوليو/ تموز 2014 انطلاقا من معقلهم في محافظة صعدة بشمال البلاد. وتقدم الحوثيون تباعا ليسيطروا على صنعاءومحافظات في الشمال الغربي والغرب والوسط ووصلوا الى بعض محافظاتالجنوب قبل أن تتدخل قوات التحالف لدعم الشرعية وقوات المقاومة والجيش اليمنيين لوقف زخفهم وتحرير العديد من المناطق. وتمكنت قوات هادي بدعم جوي وميداني من التحالف من طرد الحوثيين من عدن في يوليو/تموز واستعادة اربع محافظاتجنوبية اخرى. وكان هادي قد اعلن عدن عاصمة موقتة بعد فترة من سيطرة الحوثيين على صنعاء. وعاد إليها منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بعدما غادرها الى الرياض في مارس/آذار بسبب تقدم الحوثيين.
اجتماعات سابقة غير مثمرة وفشلت محاولتان سابقتان للأمم المتحدة في جمع طرفي النزاع في الاشهر الماضية. كما لم يتم احترام اكثر من اعلان لوقف اطلاق النار من قبل المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح خاصة في مايو/ايار ويوليو/تموز. الا ان تواصل القتال من دون افق خصوصا في محافظة تعزبجنوب غرب البلاد، وتنامي نفوذ الجهاديين الذين تبنوا هجمات عدة لا سيما في عدن في اكتوب/تشرين الاول وديسمبر/كانون الاول ، ساهم في اقناع المتحاربين بالعودة الى طاولة المفاوضات، بحسب محللين. واعلن مبعوث الاممالمتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد ان هذه المباحثات تسعى للتوصل الى "وقف دائم وشامل للإطلاق النار، وتحسين الوضع الانساني والعودة الى انتقال سياسي سلمي ومنظم". ويرى المحلل السياسي الاماراتي عبدالخالق عبدلله ان ثمة "فرصة حقيقة للاختراق... فرص النجاح اكبر من اي وقت مضى". واضاف "ستكون هناك تنازلات من الجانبين" وان "دول الخليج وصلت الى نقطة قناعة أنه حان الوقت لإعطاء فرصة للحل السلمي ولأول مرة فرصة اكبر للنجاح". وكانت قمة مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت الخميس في الرياض، اكدت دعم الحل السياسي للنزاع اليمني.
عدو مشترك ويأتي قبول المتنازعين بالجلوس الى طاولة الحوار على رغم التباين بينهما حول قرار مجلس الامن رقم 2216 الذي ينص على انسحاب المتمردين من المناطق التي سيطروا عليها وتسليم الاسلحة الثقيلة. ويرى المحلل عبدالوهاب بدرخان انه "من الصعب تصور ان ينفذ الحوثيون القرار، لأن التنفيذ بالنسبة اليهم اعتراف بالهزيمة". ويشير الى ان سلطنة عمان، الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تنضم الى التحالف والتي تحتفظ بعلاقات جيدة مع مختلف الاطراف الاقليمية، تمكنت من "اقناع" السعودية وايران "بوقف الحرب". ويرى بدرخان المقيم في لندن، ان تنامي نفوذ الجهاديين لا سيما تنظيم الدولة الاسلامية الذي تبنى الاسبوع الماضي اغتيال محافظ عدن، يدفع الحكومة اليمنية الى ان تبدي "موقفا اكثر ليونة" و"التصرف بإيجابية". ويشير عبدالله الى ان تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة هما "عدو مشترك يشكل عاملا ضاغطا على طرفي النزاع في اليمن وعلى الدول الخليجية". وأضاف "لا احد يريد قاعدة لداعش (الدولة الاسلامية) في اليمن بنفس خطورة قاعدته الموجودة في سوريا".