حضرت قبل فترة طويلة ندوة حول الوقاية من مرض الإيدز .. كانت الندوة توضح كل شيء، وتتحدث عن كل التفاصيل والممارسات الناقلة للمرض، وطرق الوقاية أيضاً.كان من بين الحاضرين في الندوة مجموعة فتيات من طالبات الثانوية العامة، وعند ذاك قامت إحداهن تصرخ : المنهج المدرسي لا يزال حتى اللحظة يقول لنا بأن مرض الايدز ينتقل - فقط - عن طريق القرود؟ وأسأل بالمناسبة : هل لا يزال منهج الثانوية يحمِّل القرود كل أمراض العصر!؟ وهل لا يزال المنهج المدرسي يخوض حربه الضروس ضد «داروين» ونظريته المعروفة «الإنسان هو في الأصل قرد ينمو حتى يصير كذلك» . بغض النظر عن صحة نظرية داروين من عدمها ، أنا أتحدث عن منهج مدرسي يسير خارج نطاق العصر ، ويخوض حروبا متخلفة ضد الغرب المتقدم لإرضاء شهوات وغرور ثلة من رجال الدين الذين ساهمت رؤاهم الضيقة - بدرجة أساس – في تخلفنا عن الخلق . القرد في موروثنا كله على أي حال حيوان غلبان ومتهم بكل خراب ، حتى أولئك الذين تبطروا على النعمة ذات يوم تحولوا إلى قردة خاسئين. ليس هذا ما أريد أن أتحدث عنه.. أحاول أن أتحدث بالضبط عن عجزنا الدائم في ما يخص تشخيص الأسباب. إننا لا نستطيع أن نكون نداً قوياً للحقيقة ، ذلك لأننا لا نستطيع أن نكون أكثر شفافية وأكثر ثقة ووضوحاً. بل لا نستطيع حتى أن «نتعذر» بفن أيضاً .. يعني بدلا من أن نحمّل «القرد» كل مشاكلنا، خلونا نجرب مرة ونحمّل «الأسد» بعض المسؤولية، لا يستطيع علماؤنا أن يفعلوا ذلك لأن حيرهم دائما على الضعيف بس ،ساع الذي يقُلك : قد هو إلاّ قرد، أصنج أبوه وبس، أما القوي فإنه يجعلهم – على الدوام - معتصمين بمبدأ التُّقية . سؤال أخير أيضاً : متى سيخرج إلى الحياة اختراع الشيخ عبدالمجيد الزنداني الخاص بعلاج الإيدز ؟ ملايين من البشر يحتاجون إلى هذا العقار وشيخنا لا يزال يخبئه كمفاعل نووي ! من المحتمل أن يعلن عنه في مناسبة مهمة ك (عيد الشجرة) مثلاً، على اعتبار أنه علاج مستخرج من الأعشاب الطبيعية مائة في المائة . على أي حال ، إن هذا العقار لوحده يكفي شيخنا الزنداني لأن يحمله إلى الجنة محفوفا بالتبجيل والإجلال ، دون الحاجة لأن يطلب الجنة عبر ممارسة تسلق جبال أرحب أو عبر أشرطة كاسيت تدعو إلى التبرع للقدس وتخبر الناس – باستمرار- أن العدو الكافر على مقربة من أبواب بيوتهم . الجهل هو العدو الحقيقي للإنسان، وذاك الذي يعمل جاهدا للتقرب إلى الله عبر ممارسة تجهيل الناس واستغبائهم ، هو في الأساس يمارس رذيلة لا تغضب الله فحسب، بل تخدش مهابة رجل الدين أيضاً .