المأساة التي تعانيها اليمن في مسألة توفير الطاقة الكهربائية التي أصبحت اليوم من أساسيات الحياة لا تقابلها مأساة أخرى في هذا الشأن سوى مأساة المبررات والحجج الواهية التي تخرج عن مسئولي هذه الخدمة الحيوية التي لا غنى للناس عنها . وزير الكهرباء الحالي الدكتور صالح سميع خرج على الناس في مؤتمرة الصحفي الأخير وفي مقابلته التلفزيونية مع قناة السعيدة بوعود جديدة مفادها أن مشكلة الكهرباء سوف تحل خلال تسعة شهور فقط وستنتهي خلال هذه الفترة عقود الشراء للطاقة التي كلفت الميزانية مئات الملايين من الدولارات ... والكلام إلى هنا جميل ومبشر .. ولكن لم يقل لنا الدكتور سميع ماذا فعلت هذه الطاقة المشتراه وبتلك المبالغ المهولة والحالة هي هي لم تتغير والطفى واللصى مستمر وأحيانا بوتيرة عالية وفي المدن الرئيسية ... ولم يقل لنا الدكتور سميع أيضا كيف وبأي طريقة سيحل مشكلة الكهرباء وينهي هذه العقود العبثية ؟! وهل هناك مشاريع قائمة ومحطات جديدة تبنى وينتظر فقط افتتاحها بعد تسعة شهور ؟!!
المصيبة ان الدكتور سميع يصف عقود الشراء الحالية للطاقة بالجريمة الكبرى ولكنه اضطر فقط للتوقيع عليها من باب الضرورة " وفقة الضرورات " حتى لا يثور الناس وينقلبوا على حكومة الوفاق ويعكروا صفو وهدوء رئيسها الأستاذ والمناضل والثوري الكبير محمد سالم باسندوة !!
وفي سياق آخر يصف معالي الوزير مفارقات السعر في هذه العقود بالفوضى الإدارية والإجرائية وكأن معاليه بعيد كل البعد عن المسئولية وكأن الموقعون على هذه العقود المخله والمعيبة نزلوا من الفضاء ومن ثم اختفوا فجأة !!!
يادكتور سميع اعترف فقط بأنك فشلت في مهامك وانك لست أهل للمسؤولية في هذه الوزارة الحيوية وقدم استقالتك وأرح نفسك وأرح البلد من الانتظار الطويل وأرح منتقديك الذين كثروا لا من اجل استهداف شخصك الكريم كما يوهمك البعض ولكن من اجل اليمن ومن اجل هذا الشعب المغلوب على أمرة والصابر على كل هذا الكم الكبير من الضغوط النفسية والضغوط المعيشية والضغوط الحياتية التي تسببتم جميعا فيها سواء حكومتك الحالية أو الحكومات السابقة التي ساهمت في تدهور الخدمات وانهيار العديد من المؤسسات .
ولكن ولأمانة الكلمة الكهرباء قبل هذه الأزمة اللعينة لم تكن بهذه الحالة المزرية بل إن معظم المدن اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء كانت مضاءة 24ساعة مع بعض الانطفاءات الطارئة حتى من قبل بناء وتشغيل محطة مأرب الغازية التي أصبحت اليوم للأسف الشديد العمود الفقري لقطاع الكهرباء في اليمن بفعل إهمال المحطات الأخرى من حيث الصيانة والتوسعة وشراء محولات جديدة تبقيها على وضعها الانتاجي !! ... وهذه الحقيقة التي يعرفها الجميع تدحض كلام الوزير المتكرر والدائم بان اليمن لم يكن فيها كهرباء وطاقة وان الصومال كدولة منهارة أفضل منا حالا في هذا الشأن !!
مشكلة الدكتور سميع انه انغمس في السياسة والتحزب والتعصب " الثوري " ونسي مهامه الأساسية وتلك اليمين التي حلف بها أمام الله عز وجل وأمام الشعب ... وما ينطبق على الدكتور سميع ينطبق كذلك على العديد من الوزراء الفاشلين في هذه الحكومة " المعصومة " التي لازالت تكره النقد وتنتقد منتقديها على اختلافهم لانها تعتبر نفسها فوق مستوى النقد ولنتذكر فقط اجتماعها الطارئ قبل مدة لمناقشة هذا الموضوع الخطير !!!