بعد تأجيله يوم أمس.. الإعلان عن موعد فتح طريق ''الحوبان جولة القصر الكمب مدينة تعز''    بعد إعلانها ضبط شبكة تجسس.. رئيسة منظمة حقوقية في صنعاء تتنبأ بنهاية المليشيات الحوثية    انهيار جنوني .. محلات الصرافة تعلن السعر الجديد للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    حسام حسن: البعض يخشى نجاح منتخب مصر.. والتحكيم ظلمنا    الاتحاد البرازيلي: عقوبة المعتدين على فينيسيوس هينة    برشلونة يقدم أول عرض لهدف ريال مدريد    عن جيراننا الذين سبقوا كوريا الشمالية!!    أطراف الصراع في اليمن وحرب المصالح    هل فقدت مليشيا الحوثي بصيرتها؟!    ثغرات فاضحة في بيان جماعة الحوثي بشأن "شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية".. وأخطر ما رد فيه!    دفعة رابعة من القادة تجتاز برنامجا تأهيليا بالقوات الجنوبية    الحوثيون يوقفون عشرات الأطباء والعاملين الصحيين في صنعاء تمهيدًا لفصلهم من وظائفهم    ماهي إنجازات الانتقالي؟    عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج "صور"    حكم التضحية بالأضحية عن الميت وفق التشريع الإسلامي    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    تشيلسي مهتم بضم الفاريز    ساني متحمس لبدء يورو 2024    رومانو: تشيزني على ابواب الدوري السعودي    إعلان مفاجئ من بنك الكريمي بعد قرار البنك المركزي بعدن وقف التعامل معه!!    الحكومة تندد باستمرار التدمير الحوثي الممنهج للقطاع الصحي    "صنعاء على صفيح ساخن.. الرعب يسيطر على المليشيا الحوثية و حملة اعتقالات واسعة"    مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار يدعم مقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    تعز التي لم تفرط بواجبها    لماذا لن تحقق صفقة إسرائيلية-سعودية السلام في الشرق الأوسط    إغلاق مستشفى حريب العام بمارب بسبب الإضراب عن العمل بسبب تأخر الرواتب    الشيخ زايد بن سلطان .. هل كان يحب اليمنيين الجنوبيين أم الشماليين ؟    أكبر عملية سطو في تاريخ الأدوية اليمنية: الحوثيون يسيطرون على مصانع حيوية    ادارة الموارد البشرية بكاك بنك تدشن دورة تقيم الاداء الوظيفي لمدراء الادارات ورؤساء الاقسام بالبنك    بوتين يهدد بنقل حرب أوكرانيا إلى البحر الأحمر    غرق وفقدان عشرات المهاجرين الأفارقة قبالة شواطئ شبوة    السلطات السعودية تكشف عن أكبر التحديات التي تواجهها في موسم الحج هذا العام.. وتوجه دعوة مهمة للحجاج    "الأونروا": الدمار الذي شهدته غزة لا يوصف وإعادة الإعمار يحتاج 20 عاما    النفط يرتفع وسط توقعات بزيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    آخر ظهور للفنان محمد عبده عقب تلقيه علاج السرطان .. شاهد كيف أصبح؟ (فيديو)    الحوثيون يمنحون مشرفين درجة الماجستير برسالة واحدة مسروقة وتم مناقشتهما(أسماء)    دعوة لمقاطعة مبخوت بن ماضي    العطش وانعدام الماء والكهرباء في عاصمة شبوة يصيب مواطن بجلطة دماغية    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    جرة قلم: قمة الأخلاق 18    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    تدشين مخيم مجاني للعيون بمديرية العدين في إب    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    الرواية الحوثية بشأن حادث انهيار مبنى في جامع قبة المهدي بصنعاء و(أسماء الضحايا)    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    أحب الأيام الى الله    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    ما حد يبادل ابنه بجنّي    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن يبحث عن الحل النهائي.. والعراق وأزمة كردستان
نشر في براقش نت يوم 22 - 11 - 2012

بعيداً عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، هيمن الارتباك على الساحة العربية خلال الفترة من (17 -22 نوفمبر الحالي)، حيث بدا أن "شبح" الحرب الأهلية يحوم حول العراق عبر الاشتباكات بين الجيش العراقي وقوات "البشمركة" الكردية التي أعادت الحديث عن احتمال سيناريو انفصال إقليم كردستان عن الدولة المركزية. بالتوازي أصبح الدستور والاستقرار السياسي في مصر بعيداً بعد انسحاب القوى المدنية والكنيسة من الهيئة التأسيسية للدستور بالتوازي مع اندلاع اشتباكات جديدة في وسط القاهرة بين معارضي "الإخوان" والقوى الأمنية مما يهدد بتصعيد عنيف في الشارع قد يغير من توازنات الخريطة السياسية. بينما ضغطت القوى الإقليمية والدولية من أجل التسريع بإجراء الحوار الوطني في اليمن بغرض استكمال اتفاق المبادرة الخليجية التي تعثرت مؤخراً مع تأجيل المؤتمر الذي كان مقررا عقده خلال منتصف نوفمبر.
بالتوازي، نجحت جميع الأطراف في تحقيق مكاسب عبر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث وصلت حماس وإسرائيل ومصر إلى ما تصبو إليه عبر الاتفاق والذي منح الجميع الفرصة في إعلان انتصاره السياسي. وفي سوريا، حققت المعارضة المسلحة مكاسب استراتيجية في دير الزور كما حصلت على مزيد من الدعم الفرنسي، فيما تحاول إيران تشكيل بديلها القادر على الجلوس على مائدة المفاوضات مستقبلاً.
غزة: انتصار الجميع

انتهى العدوان الإسرائيلي على غزة الذي استمر نحو ثمانية أيام (14-21 نوفمبر) بإعلان وقف إطلاق النار في القاهرة مساء 21 نوفمبر بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.. ولعل صيغة الاتفاق على وقف إطلاق النار تجعل من الحرب بمثابة إعلان انتصار للجميع. ففي حرب "الجميع منتصرون"، نجحت "حماس" في وقف العدوان على قطاع غزة والحيلولة دون غزو بري لأراضي القطاع والحصول على ضمانات "غير ملزمة" بشأن تسهيل حركة الفلسطينيين والبضائع عبر المعابر وعدم مضايقة الصيادين في شواطئ القطاع.

ولعل أهم المكاسب التي حققتها "حماس" هو الاعتراف "شبه الرسمي" بسيطرتها على قطاع غزة والحصول على التأييد والدعم المصري خلال المفاوضات. بالتوازي تظل قضية رفع الحصار جدلية في ظل النص في الاتفاق على "تسهيل حركة الأشخاص والبضائع بعد 24 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ". وهو النص الذي لا يشير صراحة لرفع الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وربما يضيق في إطار التفاهمات إلي السماح بمزيد من التسهيلات للعبور عبر معبر رفح المصري فقط.

بالتوازي٫ فإن الجانب الإسرائيلي نجح في تقديم الاتفاق على أنه انتصار، من خلال وقف إطلاق الصواريخ على مدن الجنوب المتاخمة للقطاع دون الحاجة لاجتياح بري واسع يدفع الجيش الإسرائيلي فيه أثمان باهظة من حيث العتاد والجنود. فبالنسبة لتل أبيب، فقد تم التوصل لنفس الصيغة تقريباً لاتفاق هدنة يناير 2009 الذي اعقب عملية "الرصاص المصبوب" دون تدخل عسكري بري والاكتفاء بغارات الطيران وتقليص الخسائر البشرية إلي ثلاثة مدنيين فقط مقابل 13 عسكرياً ومدنياً في عملية "الرصاص المصبوب".

فإسرائيل ترى أن الثمن المدفوع لاتفاق الهدنة عسكرياً كان أقل بما لا يقارن بثمن اتفاق هدنة 2009 وهو مكسب سيستخدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورفيقيه وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان ووزير الدفاع إيهود باراك في تحقيق مكاسب انتخابية خلال انتخابات الكنيست التاسع عشر التي ستجرى في 22 يناير المقبل. على صعيد أخر، فقد نجح نتنياهو في ردم الهوة مع الإدارة الأمريكية باظهار مدى التعاون الوثيق بين تل أبيب وواشنطن وتعزيز العلاقات "المتوترة" مع إدارة باراك أوباما على خلفية التعارض بينهما بشأن الموقف من البرنامج النووي الإيراني وما اثير بشأن دعم نتنياهو للمرشح الجمهوري ميت رومني في سباق البيت الأبيض. ولعل "الهدية الكبرى" كانت في الحصول على تعهد أمريكي رسمي بالمساعد في تعزيز نظام الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية" وهو ما يمثل مكسباً استراتيجياً للجيش العبري في مواجهة احتمالات تجدد الحرب مع غزة أو نشوب صراع مسلح مستقبلي مع إيران.

بالتوازي، نجحت القيادة المصرية في تحقيق انتصار دبلوماسي هام، عبر نجاحها في التوصل لاتفاق الهدنة في مدة قياسية لم تتجاوز سبع أيام وانتقالها إلى الطرف الثالث القائم على متابعة تنفيذ الاتفاق وحصولها على ضمانات من الطرفين. وهو ما يعزز مكانة الحكومة المصرية "الإخوانية" إقليمياً وتوصيل رسالة واضحة للولايات المتحدة بقدرة النظام الجديد على فرض الهدوء في منطقة الشرق الأوسط. وبعيداً عن الخطابات الحماسية للرئيس المصري محمد مرسي وزيارة رئيس وزراءه هشام قنديل لقطاع غزة، فإن القاهرة تمكنت من اظهار قدراتها على دفع "حماس" والفصائل الفلسطينية إلى اقرار سريع لوقف اطلاق النار وبالتالي بعث رسالة للإدارة الأميركية بأنها هي "الشريك الناجح" في المنطقة بعد اسابيع من توتر "نسبي" بعد التظاهرات العنيفة على الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام. ف

قد أعاد مرسي مد الخيوط مع واشنطن عبر غزة وفرض نفسه كطرف إقليمي مؤثر وهو ما سينعكس في دعم أمريكي قوي لحكومته ولخططه الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، وبما لا يمكن تجاهل توصل القاهرة لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض بنحو 4،8 مليار دولار عشية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما اعتبره البعض "عربون" صداقة جديدة من الأطراف الدولية للحكومة الإخوانية في مصر.
اليمن: الطريق الصعب إلى الحوار

شهد اليمن خلال الأسبوع الحالي تحركات إقليمية ودولية مكثفة بهدف استكمال المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية للانتقال السياسي السلمي مع ذكرى مرور عام لتوقيع الاتفاقية (23 نوفمبر 2011). وكان استقبال صنعاء لكل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني ومبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمرو ليشير إلى إصرار على إنجاز الحل السياسي بحثاً عن استقرار اليمن وتقويتها في مواجهة التهديدات الأمنية لتنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" التي وصلت إلى "مستويات مرتفعة للغاية"، بحسب بيان الخارجية الأمريكية في 21 نوفمبر.

فوسط الاهتمام الإقليمي والعالمي بالحرب في سوريا وغزة، يبدو أن قضية اليمن لم تخرج عن الرادار، حيث تشعر الدول المجاورة بخطورة تدهور الوضع لصالح التفكك السياسي والعسكري وتقوية تنظيم "القاعدة" لنفوذه وعملياته. وبالتالي كان التأكيد على ضرورة الانتهاء من المرحلة الثانية للانتقال السلمي وصولاً للانتخابات في فبراير 2014. ويبدو أن تأجيل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني - الذي كان مقرراً في منتصف نوفمبر وفقاً للمبادرة الخليجية- أثار ريبة من إمكانية انهيار العملية السياسية وتحول اليمن إلي ساحة فوضى تقلب التوازنات وتهدد الاستقرار الأمني لدول منطقة الخليج هو الدافع الرئيسي للتحرك المكثف خلال الأيام الأخيرة.

وسعى بان كي مون خلال زيارته القصيرة لصنعاء في 20 نوفمبر ولقاءه مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى بعث رسالة لكافة الأطراف تشدد على الدعم الدولي للحكومة اليمنية الانتقالية والإشادة ب"نجاحاتها الباهرة" في سبيل إخراج اليمن من أزمته. وهي الرسالة التي تستهدف بالأساس أطراف الحراك الجنوبي والقوى السياسية الموالية والمعارضة للرئيس السابق علي عبد الله صالح. ولقط منصور هادي الرسالة ليؤكد التواصل مع جميع الأطراف بما فيها فصائل "الحراك الجنوبي" لاقناعها بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الذي يتوقع أن يعقد في نهاية ديسمبر المقبل.

على صعيد مواز، تسعى القيادة اليمنية إلى إحكام قبضتها على المؤسسة العسكرية في ظل الدعم الدولي والإقليمي، وهو ما ترجم في التسريبات الخاصة بسعي الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى تغير مواقع طرفي الصراع في المؤسسة العسكرية: اللواء على محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع والعميد أحمد علي عبدالله صالح المسيطر على "الحرس الجمهوري"، بحيث يتولى الأحمر منصب رئاسة الأركان ويصبح أبن عبد الله صالح مسؤولاً عن قوة مكافحة الإرهاب وهو الموقع الذي تطالب به واشنطن لأحمد علي لقدراته في مواجهة تنظيم القاعدة. وفي حال نجاح منصور هادي في عملية تغير المواقع سيعزز سيطرته علي مؤسسة الجيش المنقسمة ويفتح الطريق أمام تعزيز الهدوء السياسي في اليمن.
سوريا: فرنسا "رأس حربة" لدعم المعارضة

واصلت فرنسا دورها ك"رأس حربة" للدعم الغربي للمعارضة السورية، حيث أعلنت في 17 نوفمبر قبولها لتعيين منذر باخوس سفيراً للائتلاف الوطني السوري المعارض عقب اجتماع للرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند مع رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب.

وجاء اللقاء رفيع المستوى بعد أربع أيام فقط من اعتراف باريس بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري واعلان فرنسا استعداها لدعم المعارضة مع التزامها بالقرار الأوروبي بحظر تصدير الأسلحة لطرفي النزاع في سوريا. وجاء الموقف الفرنسي لينهي التردد البريطاني الذي ظهر في تصريحات وزير الخارجية وليام هيج (16 نوفمبر) بشأن حاجة لندن إلى مزيد من التفاصيل للاعتراف بالائتلاف الوطني وهو ما انتهي باعتراف الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بهيئة المعارضة الموحدة في 20 نوفمبر. وبالتوازي كان اختيار الائتلاف للقاهرة مقراً له بمثابة ضربة دبلوماسية ناجحة تبعث برسالة إلى أن المعارضة قادرة على حشد الدعم العربي وفي دولة مقر الجامعة العربية.

وفي سياق التحركات السياسية، واصلت إيران مساعيها لخلق الحل البديل من خلال استضافة مؤتمر الحوار الوطني السوري تحت اسم "لا للعنف ونعم للديمقراطية" في يوم 18 نوفمبر بطهران. وهو المؤتمر الذي شاركت فيه الحكومة السورية ممثلة بنائب رئيس الوزراء قدري جميل ووزير الحوار الوطني علي حيدر. ويعد المؤتمر استكمالاً لمؤتمر دمشق قبل شهرين للحوار الوطني والذي حضره سفير إيران في دمشق . وربما تسعى إيران عبر اتصالها بالأطراف الداخلية القريبة من النظام السوري والمصطفة في إطار "المعارضة الشرعية" إلى تشكيل فريق يمثل مصالحها في أي مفاوضات محتملة بشأن مستقبل سوريا.

ولعل التحرك السريع من قبل فرنسا وطهران ينصب في اصرار المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي على كون بيان جنيف (30 يونيو 2012) هو الأرضية الممكنة لبناء مشروع الحل في سوريا عبر المفاوضات وتشكيل حكومة انتقالية تضم كافة الأطراف انتهاء بإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، محذراً (في 20 نوفمبر) من تحول سوريا إلى "ساحة قتال إقليمي" عبر عسكرة الصراع وتحولها إلى السيناريو الصومالي كدولة فاشلة.

وفي المقابل، حمل إعلان فصائل إسلامية معارضة في حلب يوم 20 نوفمبر عن رفضها للائتلاف عزمها تأسيس دولة إسلامية في سوريا المزيد من الشكوك حول قدرة الائتلاف المعارض على السيطرة على المجموعات المسلحة وربما يعرقل هذا الإعلان من جهود المعارضة السورية في الحصول على الدعم العسكري. حيث مازال السؤال الغربي حول لمن ستؤول الأسلحة والخوف من ان تصل لأيدي تنظيمات لها علاقة مع "القاعدة" يدفع الدول الغربية إلى تأجيل الحديث عن دعم عسكري للمعارضة.

وعسكرياً، حققت فصائل المعارضة المسلحة تقدماً نوعياً في محافظة دير الزور، بإعلان سيطرتها على مطار الحمدان (19 نوفمبر) بالقرب من الحدود العراقية عقب معارك كر وفر استمرت أكثر من 60 يوماً على المطار العسكري الهام. وهو ما تزامن مع الاستيلاء علي مدينة الميادين الاستراتيجية بنفس المحافظة. وبالتوازي بدا أن تركيا تسعى لتحقيق مكاسب عسكرية من استمرار التوتر في سوريا عبر الحصول على موافقة حلف شمال الأطلنطي "الناتو" على نشر المزيد من صواريخ "باتريوت" على الحدود التركية السوري الممتدة لنحو 900 كيلو متر.
الارتباك في مصر والعراق والسودان

هيمن الارتباك على المشهد السياسي في مصر والعراق والسودان خلال الأسبوع الحالي، حيث واصلت القاهرة السير في طريق التخبط بشأن الدستور الجديد مع استمرار الانتقادات لعدم قدرة الحكومة على الترك والفشل في مواجهة الكوارث واخرها حادثة قطار الصعيد الذي اسفر عن مقتل 51 طفلاً واندلاع اشتباكات جديدة في وسط القاهرة بين المعارضين ل"الإخوان" وقوات الأمن. وفي العراق، تحول التوتر بين الجيش العراقي والبشمركة إلى نذير انفجار حرب أهلية والدفع إلى انفصال كردستان عن الدولة المركزية. وبالتوازي عاد شبح الانقلابات العسكرية إلى السودان مع إعلان الحكومة إحباط مؤامرة والقبض على رئيس المخابرات السابق.

ففي القاهرة، انسحبت القوى المدنية من الهيئة التأسيسية للدستور في 18 نوفمبر مع إعلان انسحاب ممثلي الكنيسة وهو ما وضع الهيئة في مازق شديد مع اقتراب الموعد المحدد للانتهاء من اعمالها في 14 ديسمبر المقبل وفقاً للإعلان الدستوري المكمل والذي يمنحها ستة أشهر لكتابة الدستور ومع اقتراب موعد حكم المحكمة الدستورية خلال الأسبوع الأول من ديسمبر بشأن تشكيلها. ولعل خروج القوى المدنية يعود بالأساس لمحاولة "الإخوان" استرضاء الحليف السلفي عبر تمرير المادة 220 التي تفسر المادة الثانية الخاصة بكون مبادى الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بإضافة الأحكام الأصولية بتفسيراتها وجزئيتها وفقه أهل السنة والجماعة. وهي المادة التي تجعل الدستور يميل للدولة الدينية بحسب القوى المدنية. وفي هذا السياق أصبح "الإخوان" بين شقي رحي استرضاء السلفيين أو فقدان الدعم المتبقي من بعض القوى المدنية ويهدد بطرح دستور لا توافق عليه قوى اجتماعية رئيسية في مصر متمثلة في الطبقة الوسطى الحضرية والأقباط ونخب القضاء والصحفيين للاستفتاء مما قد ينزع الشرعية عن الدستور ويضع "الإخوان" في امتحان سياسي صعب يهدد مستقبلها.

وبالتوازي، واجهت الحكومة كارثة جديدة تمثلت في حادثة قطار بحافة أطفال مدارس بمدينة منفلوط بأسيوط (جنوب القاهرة) والتي اودت بحياة 51 طفلاً واثارت غضب شعبي تجاه حكومة الرئيس "الإخواني" ودفعت وزير النقل "الإخواني" إلي الاستقالة مما طرح أسئلة بشزن كفاءة وقدرات الحكومة المصرية في مواجهة الأزمات ومنح المعارضة المزيد من المصداقية في الشارع السياسي مع تكرار الأزمات في ظل هذه الحكومة. بالتوازي كان انفجار العنف في محمد محمود دليلاً على استمرار السياسية الأمنية القديمة ولكن تحت غطاء سياسي "إخواني" قد يدفع لمواجهات عنيفة ضد مقرات الجماعة ويجعلها في مواجهة الغضب الشعبي وبالتالي خسارة قسم كبير من جمهور ناخبيها قبل أشهر من انتخابات برلمانية جديدة.

وفي السودان، كان الغموض هو المسيطر على المشهد بإعلان احباط محاولة تخريبية في 22 نوفمبر والقبض على رئيس المخابرات الاسبق صلاح قوش. وهي المؤامرة التي لم تضح تفاصيلها (حتى كتابة التقرير)، ولكنها تشير إلى استمرار حالة عدم السيطرة على القي الأمنية والجيش، ومواجهة حكومة البشير لاحتمالات انفلات أمني بعد نجاحها في وأد محاولات تكرار سيناريو "الربيع العربي".

وفي العراق، قادت الاشتباكات بين الجيش العراقي وقوات "البشمركة" الكردية إلى اعادة سيناريو انفصال كردستان إلى الواجهة. وكان التوتر قد تصاعد عقب القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بتشكيل قيادة عسكرية جديدة، أطلق عليها قيادة عمليات دجلة، تشمل منطقة عملياتها مدينة كركوك المتنازع عليها ما أدى إلى اشتباكات بين الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية أسفرت عن قتلى وجرحى. وربما خشية قيادة إقليم كردستان من مواجهة ضغوط دولية خاصة من أميركا في حال السير قدماً في المواجهات مع الجيش العراقي هو الذي دفعها لتهدئة الأمور.

ولكن يبقي الوضع ساخناً، حيث قادت هذه المواجهات إلي ارتفاع صوت "الانفصاليين" في الإقليم والدفع نحو بحث سيناريوهات المستقبل مع الخروج من عباءة الدولة العراقية المركزية. ومن الواضح أن الوضع الإقليمي في ظل الحرب السورية يحول دون قدرة الأكراد في كسب أي دعم دولي في اللحظة الراهنة لمشروع الانفصال وهو ما يصب في صالح حكومة نوري المالكي التي تسعى للظهور كسلطة قوية في مواجهة الانفلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.