لا أعتقد أن الذين خرجوا حاملين أعلام الجيش الحُر في مسيرات التأييد، أو الذين أرسلوا برقيات المباركة لقرارات الرئيس هادي بهيكلة الجيش يفقهون أكثر مني في موضوعها، فجميعنا غير مختص. كما لا أعتقد أن رئيس الجمهورية -مع الصلاحيات المطلقة التي يحظى بها- يحتاج إلى ذلك الحشد الذي تتلوه الفضائية اليمنية كل مساء من برقيات التأييد والمباركة من الداخل والخارج لقراراته، فمن البديهي أن لرئيس الجمهورية دستورياً الحق، بل يجب عليه إصدار أي قرار يخدم المصلحة الوطنية ويطور أداء أي مؤسسة من مؤسسات الدولة ولا يحتاج من أجل ذلك لمبادرة خليجية ولا جمعة نصرة، أو تأييد من مديرية "قطر"، إذ أنه ليس في تأييد الداخل أو مباركة الخارج غير انتقاص من شرعية القرار وصاحبه. لا يوجد يمني (والعسكريون على وجه الخصوص) سيعترض على تطوير المؤسسة الدفاعية حتى يحتاج القرار إلى تأييد ومؤازرة، ولن يكون سفراء الخمس وبان كي مون أكثر اهتماماً بتطوير الجيش اليمني أكثر من اليمنيين؟. كما أن الحكم على كفاءات القادة العسكريين الذين عينوا أو الذين أقيلوا يحدده سجل أدائهم ومؤهلاتهم وليس مظاهرات المدنيين أو مذيعي قناة الجزيرة. ردود الأفعال على القرارات الرئاسية بين التأييد والاعتراض وتدخلات الخارج في شأن تقتضي خصوصيته السرية تعني أن الهيكلة لم تبارح طاولة التسويات السياسية وأن توحيد الجيش ليس إلاّ إعادة توزيع القوة الصلبة على خارطة الكانتونات المستقبلية والمكاربة الجدد الذين سيتقاسمون الدولة ليخوضوا حروبهم بالوكالة كما اعتاد الأجداد..!! الذين يهتفون للهيكلة لأنها أقصت ابن الرئيس السابق أو ابن أخيه لا يهتمون للجيش وإنما يريدون أن يسجلوا بقرارات الرئيس انتصاراً وهمياً آخر، ولا يهتمون بتوحيد الجيش لأنهم هم الذين مجدوا انشقاق اللواء علي محسن، واعتدوا على معسكرات الجيش. إنهم لا يؤيدون هيكلة الجيش إلا بقدر معسكرات الحرس الجمهوري التي ستضم إلى قيادة اللواء علي محسن، ليستدر أموال الخليج بتوجيه أسلحتها إلى صدور اليمنيين في المنطقة الشمالية باسم الحرب على الرافضة.