الأستاذ علي سالم البيض وفي مليونية التصالح والتسامح غير المسبوقة من حيث الحشد والتنظيم يؤكد زعامته الطاغية ولا أقول المطلقة في صفوف جماهير الحراك الجنوبي . ومع أن جميع زعماء فصائل الحراك في الداخل والخارج كانوا قد شاركوا في الدعوة والحشد لأضخم تظاهرة شعبية في تاريخ الاحتجاجات السلمية الجنوبية إلا أن البيض وحده هو من تصدر هذا الحشد ومن أجمعت غالبية الجماهير المشاركة على زعامته بدون منازع وكانت الصور والخطب واللافتات تؤكد جميعها زعامة البيض وتأييد الغالبية المشاركة في المهرجان لمشروعه السياسي أو هذا ما يكشفه المهرجان الجماهيري المليوني اليوم على الأقل. البيض اليوم وحتى إشعار آخر هو الأكثر شعبية وتأثيرا في مزاج الحراك السلمي الجنوبي ومشروعه المعلن والصريح والداعي إلى فك الارتباط واستعادة الدولة والهوية الجنوبية لا يزال هو المشروع الأكثر قبولا وتأييدا من قبل كل أنصار الحراك الجنوبي ولا يزال الأقرب إلى مزاج الناس في ظل غياب وضبابية وعدم وضوح المشاريع المطروحة لتفسير ومعالجة القضية الجنوبية من قبل السلطة والنظام السياسي عموما في صنعاء بل ومن قبل بعض فصائل الحراك الجنوبي نفسها . مهرجان التصالح والتسامح " المليوني" بمدينة عدن يقول اليوم وبصريح العبارة من يريد حل القضية الجنوبية عليه أن يأخذ بتفسير الأستاذ البيض لها "فك الارتباط" وعلى من يريد الحوار مع فصائل الحراك أو إشراكهم في مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده قريبا فلا يوجد سوى عنوان وحيد هو "البيض" وتياره الطاغي الداعي إلى فك الارتباط تحديدا . شخصيا لست مع البيض ولا مع مشروعه السياسي ولا أجد له أفقا في المستقبل القريب على الأقل ولكنني أقرأ مشهدا سياسيا واجتماعيا واضحا في الجنوب وأقرر واقعا يعيشه الناس هناك... وهو مشهد موجود وظاهر بقوة في هذه اللحظة وقد كان سببه وعامله الأول والأكثر تأثيرا هو نظام ما بعد الثورة المسيطر عليها، والذي عجز حتى اللحظة أن يقدم نفسه ومشروعه ورموزه وأدواته السياسية والعسكرية والقبلية بطريقة تختلف أو مختلفة عن نظام الرئيس صالح بل ربما كان المشهد البائس في صنعاء اليوم أسوأ حيث يتكالب الحاكمون الجدد على الاستحواذ على السيطرة على الجيش والأمن وعلى مؤسسات الدولة المختلفة بطريقة غير مسئولة ولا يراعون فيها خطورة نتائج هذه السياسة الاستفرادية وغير الوطنية على أمن واستقرار اليمن عموما وعلى الجنوب خصوصا وعلى قضايا الحوار الوطنية والمصيرية، بما فيها القضية الجنوبية التي تحولت في عهد التحالف السياسي "الأقلوي" إلى ملكية خاصة مثلها مثل بقية قضايا الوطن الكبرى التي يتم تقاسمها اليوم على هيئة قرارات وتعيينات جديدة نسمع عنها كل يوم ويتقاسمون من خلالها قيادات الجيش والأمن والسلطة المحلية والوظيفة العامة والخاصة وما تبقى من ثروة وعيني عينك . الأستاذ البيض "زعيما"للحراك والقضية الجنوبية لم يكن سوى تحصيل حاصل وطبيعي لهذه السياسة الاستحواذية لنظام صنعاء منذ 1994م وحتى 2012م . يبقى أن أقول إن تخوفي الوحيد وربما أملي الوحيد هو أن يكون البيض هذه المرة مختلفا عن البيض الذي نعرفه، وأن لا يكرر سياساته الارتجالية-المتعجلة- التي عرفها شعبنا في الجنوب عنه منذ أن كان وزيرا للدفاع في أول حكومة للدولة بعد نيل الاستقلال عام 1967م وحتى إعلانه للوحدة الاندماجية عام 1990م وإلى أن أعلن الانفصال الأول قبل أسابيع فقط من هزيمته العسكرية من قبل ما عرف حينها بقوات "الشرعية" التابعة لتحالف الرئيس صالح حينها في حرب صيف 1994م الإجرامية. *البيض بطلا ! يقال إن التاريخ لا يكرر نفسه إلا بصورة هزلية ولكن ها هو التاريخ يعيد نفسه هنا في جنوب شبه الجزيرة العربية ويعيد الأستاذ البيض .."بطلا " شعبيا للانفصال بعد أن كان قبل 22عاما "بطلا" شعبيا ولكن في "الوحدة" الاندماجية . ..فأين هي هزالة التاريخ التي يتحدث عنها المنظرون في الغرب؟ وهل هي في صنعاء أم في عدن؟ أم أنها فينا وفيهما معا ؟ *تغريدة بدون الحزب الاشتراكي اليمني تبقى القضية الجنوبية تائهة وقد تتفسخ قبل أن تجد فرصتها للحل... مشكلة القضية الجنوبية إما أنها بلا رافعة سياسية أو أن المطلوب هو ضرب رافعتها السياسية حتى تكون بلا مشروع سياسي وبلا أفق وطني ولا شك أن الاشتراكي "المؤسسة" يتحمل جزءاً من مسئولية تغييب نفسه عن قضيته الأهم والأكبر.