دعا رئيس مجلس الوزراء القطري على هامش ملتقى إلى إنشاء منظمة في الخليج للأمن الاقليمي تضم دول الخليج وإيران، كما دعا إلى تطوير العلاقة مع تركيا لتصبح شريكا سياسيا.وجاءت كلمة رئيس مجلس الوزراء القطري حمد بن جاسم في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الأولى لمجلس العلاقات العربية والدولية أمس بالكويت.وقال مراقبون إن دعوة حمد بن جاسم محاولة لاختراق استقلالية مجلس التعاون والحد من فاعليته، وأنها امتداد لما تم التسويق له خلال القمة الإسلامية التي احتضنتها مصر بتكوين تحالف لدول الإسلام السياسي "مصر، إيران، تركيا + قطر".واعتبر حمد أن العلاقات العربية الايرانية قديمة وثابتة "رسخها التاريخ وعمقتها الجغرافيا لذلك فهي قادرة على الصمود في وجه الأزمات والتوترات الطارئة ولا بديل للطرفين عن التعايش والتعاون والتحاور لحل المشاكل وتجاوز العقبات".وتوقع رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري أن تشهد العلاقات العربية التركية في المرحلة المقبلة مزيدا من التعاون، معتبرا أن "تركيا مؤهلة لتصبح شريكا سياسيا واقتصاديا للعالم العربي".وأشار المراقبون إلى أن دعوة الوزير القطري تحمل في طياتها دلالات خطيرة، فالدعوة إلى "إنشاء منظمة في الخليج للأمن الاقليمي تضم دول الخليج وإيران" تعني مكافأة إيران على سلوكها تجاه جيرانها الخليجيين.ولفت هؤلاء المراقبون إلى أن اشتراك طهران في المنظومة الأمنية الخليجية لا يتم قبل أن تتولى إعادة الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها، فضلا عن وقف الحملات الدعائية المذهبية التي تحرض مجموعات شيعية على الانفصال خاصة في البحرين وشرق السعودية.واستغرب محللون أن تدعو قطر إلى تغيير خارطة التحالفات بالمنطقة دون أن تضع في اعتبارها تداعيات ذلك على المنطقة، فدول الخليج بنت علاقاتها الإقليمية والدولية، بما في ذلك على المستوى الأمني، على ثوابت ولا يمكن التراجع عنها بمجرد رغبة في التغيير.يشار إلى أن إيران انخرطت في سباق قوي نحو التسلح سواء تعلق الأمر بالأسلحة التقليدية أم بالسلاح النووي، وهو ما يثير قلق الجيران الخليجيين.واعتبر المحللون سعي الدوحة لفتح الفضاء الخليجي أمام شركاء جدد ناجما عن أنها لم تجد نفسها فيه طرفا فاعلا ومؤثرا، أو أنها تبحث عن "أدوار البطولة" عبر ربط علاقات مع قوى إقليمية ودولية.وكانت القمة الإسلامية التي احتضنتها القاهرة بداية الأسبوع الفارط مسرحا لمبادرة إيرانية إخوانية لخلق حلف لدول الإسلام السياسي قالت مصادر إنه يحظى بتشجيع قطري، لكنها قوبلت بمعارضة شديدة من الجيش المصري الذي رفض مجرد التفكير في تغيير التوازنات الإقليمية.كما أن تناقض المصالح الإيرانية التركية في المنطقة لم يكن يسمح بقيام هذا الحلف، خاصة اختلافهما تجاه الملف السوري.وتسعى الدوحة لاحتواء المجموعات الإخوانية التي صعدت إلى السلطة في مصر وتونس ودعمها ماليا مقابل فسح المجال أمام قطر لتلعب "دورا مّا" تقنع من خلاله دولا غربية بتأثيرها على مجموعات الإسلام السياسي، واستعدادها للعب دور الوسيط.لكن هذا الدور أثار ضدها غضبا شديدا في تونس ومصر وليبيا وسوريا، فضلا عن انزعاج دوائر خليجية مما يروج عن ارتباط قطري بخلايا إخوانية سعت لاستهداف بعض دول الخليج.وقلل خبراء في العلاقات الدولية من محاولات قطر ركوب موجة التحالفات الإقليمية للظهور ك"طرف فاعل"، وأشار هؤلاء خاصة إلى فشل الدوحة في لعب ورقة المجموعات الجهادية في ليبيا وسوريا، وهي ورقة بدل أن تجلب لها الرضا أثارت ضدها غضبا أميركيا.يشار إلى أن مجموعات تتهم قطر بدعمها ماليا وعسكريا أقدمت على قتل السفير الأميركي خلال هجوم على القنصلية الأميركية بمدينة بنغازي الليبية، وهو ما دفع دوائر مختلفة في واشنطن إلى مطالبة قطر بالتوقف عن اللعب بالنار.إلى ذلك أصدرت واشنطن تعليمات واضحة لقطر بوقف تسليح المجموعات الجهادية في سوريا، وهي المجموعات التي تم وضعها على قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة أميركيا.ونشطت في باريس حملة إعلامية وسياسية ضد الدور القطري المفترض في دعم المجموعات الجهادية في مالي.ولا يتوقع المراقبون أن توفق الدوحة في محاولاتها لاختراق وحدة مجلس التعاون، وخاصة خياره الاستقلال عن التأثيرات الإقليمية في صياغة مواقفه.