- ميشال عون رئيس الجمهورية التوافقي سيشغل المنصب لست سنوات غير قابلة للتجديد والحريري يشكل الحكومة ينتخب البرلمان اللبناني ظهر اليوم الاثنين، الزعيم الماروني، ميشال عون، رئيسا للجمهورية بعد عامين ونصف عام من شغور المنصب جراء انقسامات سياسية حادة، وبعد تسوية سياسية وافق عليها معظم الاطراف السياسيين في البلاد.
وتنعقد جلسة انتخاب الرئيس ظهر اليوم الاثنين في مقر البرلمان في وسط بيروت، وسط اجراءات أمنية مشددة. وستغلق القوى الامنية كل الطرق المؤدية الى البرلمان حتى موعد انتهاء الجلسة.
✕وانتشرت في مناطق عديدة من بيروت وخارجها الاعلام البرتقالية الخاصة بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون وبصور الرئيس العتيد مع شعارات "لبنان القوي" و"عماد الجمهورية". وأعد التيار لاحتفالات ستقام بعد إعلان فوز الرئيس، ومنها تجمع ضخم في ساحة الشهداء في وسط العاصمة مساء اليوم الاثنين.
وتقول ساميا مكرزل (55 عاما) من بلدة الكحالة شرق بيروت لوكالة فرانس برس "سأذهب منذ الصباح مع زوجي وأحفادي الستة الصغار الى وسط البلدة حيث سيقام تجمع واحتفال وإطلاق مفرقعات فور إعلان الحدث. انه يوم تاريخي".
وينتظر أنصار عون منذ سنوات وصوله الى سدة الرئاسة، الامر الذي لم يحصل الا بعد تغييرات جذرية في المواقف السياسية لخصومه. وأملى الطريق المسدود الذي وصلت اليه ازمة الرئاسة هذه التغييرات.
ويرأس عون منذ العام 2009 كتلة من 20 نائبا، هي أكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني. وهو كان يحظى منذ بداية السباق بدعم حليفه حزب الله (13 نائبا)، لكنه لم يتمكن من ضمان الاكثرية المطلوبة لانتخابه الا بعد اعلان خصمين اساسيين تأييده، وهما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يتقاسم معه الشارع المسيحي، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
"الفراغ والحرب" وقال الحريري الجمعة في مقابلة مع تلفزيون المؤسسة اللبنانية للارسال (ال بي سي) أنه قام ب "بمبادرة لمصلحة البلد. قمت بها لأنني أرى مخاطر الفراغ، لأنني رأيت في هذا التفريغ الذي يحصل في المؤسسات أننا سنصل في مرحلة من المراحل الى حرب أهلية".
وانعكس الشغور في منصب الرئاسة شللا في المؤسسات الرسمية وتصعيدا في الخطاب السياسي والطائفي، وتراجعا في النمو الاقتصادي في بلد صغير ذي امكانات هشة ويرزح تحت وطأة وجود أكثر من مليون لاجئ سوري.
ومن الواضح ان خصوم عون وافقوا على التسوية من منطلق الواقعية السياسية، وهم يعرفون ان دون الحلول للازمات العديدة الكثير من العوائق.
فعلى الرغم من اعلان دعمه لعون، أكد الحريري أن موقفه من حزب الله لم يتغير وأنه سيبقى رافضا لمشاركة الحزب الشيعي في النزاع في سوريا الى جانب "نظام قاتل"، بحسب قوله.
وقال سمير جعجع من جهته مساء الاحد عبر تلفزيون "ام تي في" ان "التحدي سيكون كبيرا خصوصا بالنسبة الى الجنرال عون، لان مشكلات البلد كبيرة والكل ينتظر حلولا".
مكونات التسوية وستكون جلسة اليوم الاثنين الجلسة ال 46 التي تتم الدعوة اليها منذ نيسان/ابريل 2014، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان.
وقاطع ميشال عون مع نواب كتلته وكتلة حزب الله جلسات الانتخاب ال 45، مشترطين حصول توافق على الرئيس.
وبعد الحريري وجعجع، انضم الى التسوية اخيرا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط معلنا ان نواب كتلته (11) سيصوتون بمعظمهم لعون. وكان جنبلاط ايضا معارضا لوصول قائد الجيش السابق ورئيس الحكومة الاسبق الى سدة الرئاسة. وبذلك تكون اكتملت كل مكونات التسوية بين سنة وشيعة ومسيحيين ودروز في بلد ذي تركيبة طائفية وسياسية هشة.
ويتطلب عقد جلسة انتخاب رئيس حضور ثلثي اعضاء مجلس النواب، اي 86 نائبا من أصل 128. ويفوز في دورة الانتخاب الاولى المرشح الذي يحصل على تأييد ثلثي البرلمان، وفي الدورة الثانية وحتى انتخاب رئيس، المرشح الذي يحظى بالأكثرية المطلقة اي النصف زائد واحد (65 صوتا).
وأظهر إحصاء أجرته صحيفة "السفير" اللبنانية إمكانية فوز عون في الدورة الاولى بحصوله على 94 صوتا مقابل 33 ورقة بيضاء.
"الرئيس القوي" ودعا النائب سليمان فرنجية، حليف عون قبل أن يتباعد الرجلان إثر إعلان فرنجية ترشحه للرئاسة، مؤيديه الى التصويت بورقة بيضاء مؤكدا انه لا يريد ان يقف "ضد التسوية الوطنية".
ويعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو جزء من التحالف الذي يضم عون وحزب الله، أبرز المعارضين لانتخاب عون. وأعلن انه في حال وصول الاخير الى الرئاسة سينتقل الى المعارضة. وسينتخب عون لولاية من ست سنوات غير قابلة للتجديد.
ولرئيس الجمهورية في لبنان مكانة رمزية بوصفه "رئيس الدولة"، وعلى الرغم من انه لا يتمتع عمليا بصلاحيات إجرائية واسعة، لكنه جزء من السلطة التنفيذية ومن التركيبة الطائفية التي يمثل فيها الطائفة المارونية، أكبر الطوائف المسيحية.
ويقدم عون نفسه منذ العام 1988 على انه "الرئيس الاقوى"، مستندا بذلك الى قاعدته الشعبية المسيحية العريضة.
لكن خصومه يرون فيه رجلا انفعاليا ويتهمونه بالتقلب في مواقفه من العداء للنظام السوري مثلا في 1989 عندما كان قائدا للجيش ورئيس حكومة الى حد شن حرب ضد الجيش السوري الذي كان منتشرا آنذاك في لبنان، الى حليف للنظام بعد تحالفه مع حزب الله اعتبارا من 2006.
وبات واضحا ان التسوية السياسية التي ستوصل عون الى الرئاسة تشمل تكليف الحريري بعد الانتخاب بتشكيل حكومة جديدة.
ويجمع محللون على ان تشكيل الحكومة سيواجه عقبات كثيرة خاصة بسبب عدم تجانس المكونات ذات المصالح المتضاربة في السلطة في المرحلة المقبلة.