بإقرار البرلمان العراقي قانون دمج ميليشيات الحشد الشعبي داخل المؤسسة العسكرية، أصبح لإيران أول ذراع عسكرية رسمية داخل جيش دولة عربية. ويتكون الحشد الشعبي من أكثر من 40 ميليشيا، تدين جميعها بولاء عقائدي ومالي لإيران، كما يخضع أبرزها لسلطة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ويلتزم مواقفه، بينما يوالي القليل منها رئيس الوزراء حيدر العبادي وقيادات شيعية عراقية أخرى. واعترف قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، في تصريحات سابقة، بأن طهران هي التي أسست ميليشيات الحشد الشعبي.
ويؤكد تصريح سليماني الطبيعة الطائفية لتلك الميليشيات وولاءها التام لإيران، وهو ولاء أكدته في وقت سابق صورة اجتماع سليماني مع قادة الميليشيات قبل معركة الفلوجة هذا العام. وتشارك ميليشيات الحشد الشعبي، في عمليات الجيش العراقي ضد تنظيم "داعش"، رغم الانتهاكات التي سجلت ضدها بحق المدنيين في المناطق المحررة. وتشير المعلومات بشأن هذه الانتهاكات أنها موجهة لطائفة معينة وهي العرب السنة، وهو ما يؤكد على الطبيعة الطائفية لهذه القوات وخطورة إعطائها صلاحيات ميدانية وقانونية. وبالرغم من أن تأكيد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري على أن قانون الحشد الشعبي لا يعني إعفاء مرتكبي الانتهاكات من العقاب، فإن ما يعرف بالمبادرة الوطنية للسلم الأهلي وبناء الدولة التي أطلقتها ووافقت عليها الأحزاب الشيعية التي طرحت قانون ضم الحشد إلى الجيش، تنص على حماية الميليشيات وإصدار عفو حكومي عن أفرادها المتورطين في انتهاكات. ويماثل ضم ميليشيات الحشد الشعبي إلى الجيش العراقي، قوات الباسيج الإيرانية (وهي تعني بالفارسية: الحشد الشعبي) وتتبع الحرس الثوري، واستخدمت لفض أكبر مظاهرات احتجاجية شهدها النظام الإيراني عقب انتخابات الرئاسة عام 2009. وليس من الواضح كيفية عمل هذا الحشد تحت راية الجيش العراقي، في وقت يأتمر فيه بأومر قادة الحرس الثوري الإيراني والموالين لهم من قادة الأذرع العسكرية للأحزاب الشيعية في العراق، وهو ما يؤدي إلى ازدواجية القرار داخل المؤسسة العسكرية العراقية أو هيمنة الإيرانيين على مقدرات الأمن الوطني العراقي. وتنذر هذه الازدواجية بزيادة التوترات بين الوسطين الشيعي والسني في العراق، خاصة بعد رفض تشكيل قوات الحرس الوطني التي اقترحتها المدن التي تقطنها أغلبية سنية من أجل مكافحة داعش في مناطقها.