أعاد الهجوم الكيميائي على إدلب صباح اليوم الأزمة السورية الى الواجهة من جديد أمام المجتمع الدولي. ورغم اتهام المسلحين السلطات السورية استخدام الأسلحة الكيميائية، إلا أن السلطات السورية والروسية نفتا بشكل قاطع تنفيذهما غارات بقنابل تحمل غازات سامة على مدينة خان شيخون في إدلب. وبعد ساعات من مشاهد تناقلها نشطاء سوريون وأطراف معارضة لضحايا تعرضوا لحالات اختناق نتيجة الغاز السام، عاد الملف السوري الى واجهة المجتمع الدولي من جديد، وذلك بعد فترة طويلة من اتفاقات ومفاوضات بين أطراف النزاع السوري، وبعد سلسلة من اتفاقات وخاصة اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان بعيدا عن سلم أولويات المجتمع الدولي.وتشير التقارير الواردة من سوريا أن نحو 100 قتيل ومئات الجرحى جراء القصف بالمواد الكيميائية. وعصر اليوم، دعت كل من فرنسا وبريطانيا الى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الذي يتوقع أن يحمل مشروع قرار يدين النظام السوري ويتهمه بالمسؤولية عن إطلاق إسقاط الصواريخ الكيميائية. وكانت سوريا وبوساطة روسية قد سمحت لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية من تدمير كافة الأسلحة الكيميائية في سوريا التي يمتلكها النظام السوري. وأعلنت المنظمة في العام 2013 عن تدمير الترسانة الكيميائية السورية بشكل كامل.ورغم ذلك، اتهمت فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي السلطات السورية بالمسؤولية عن الهجوم الكيميائي، فيما دعا نتنياهو في إسرائيل المجتمع الدولي إلى "‘خراج الأسلحة الكيميائية من سوريا". وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه "عندما شاهدت صور الاطفال الذين اختنقوا من هجوم كيميائي في سوريا، شعرت بالصدمة والغضب". الاممالمتحدة تريد "تحديدا واضحا" للمسؤولين" وأعلنت لجنة في الاممالمتحدة تعلن انها تحقق في هجوم "كيميائي" في سوريا. واكد موفد الاممالمتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الثلاثاء أن المنظمة الدولية تسعى الى "تحديد واضح للمسؤوليات" و"محاسبة" مرتكبي الهجوم الكيميائي في شمال غرب سوريا. وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي في بروكسل على هامش مؤتمر دولي حول مستقبل سوريا "بناء على فهمناه، انه هجوم كيميائي تم شنه من الجو".وندد البيت الابيض بقوة الثلاثاء ب"الهجوم الكيميائي" الذي اتهم النظام السوري بشنه على مدينة في شمال غرب سوريا، معتبرا انه "لا يمكن القبول به".وقال المتحدث باسم البيت الابيض شون سبايسر ان "الهجوم الكيميائي الذي وقع اليوم في سوريا واستهدف ابرياء بينهم نساء واطفال (هو) مشين". واضاف ان "هذا العمل المروع من جانب نظام بشار الاسد هو نتيجة ضعف الادارة السابقة وانعدام التصميم لديها".وحمل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء النظام السوري "مسؤولية" الهجوم الكيميائي. وقال هولاند في بيان للرئاسة "كما حصل في الغوطة الشرقية لدمشق في 21 اب/اغسطس 2013 فإن بشار الاسد يهاجم مدنيين مستخدما وسائل يحظرها المجتمع الدولي. مرة جديدة، سينكر النظام السوري بالتأكيد مسؤوليته عن المجزرة".ووصف وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ب"المرعبة" الانباء التي تحدثت عن "هجوم بالسلاح الكيميائي" في سوريا، ورأى انه يحمل "كل سمات هجوم نفذه نظام" الرئيس السوري بشار الاسد. وكتب جونسون في حسابه على تويتر "هناك معلومات مرعبة عن هجوم بالأسلحة الكيميائية وقع في ادلب في سوريا. لا بد من اجراء تحقيق في الحادث ومحاسبة مرتكبيه".وقال ايضا عن الحادث نفسه في بيان "اذا كنا لا نزال غير قادرين بعد على التأكد مما حصل، الا ان ذلك يحمل كل سمات هجوم نفذه النظام الذي استخدم مرارا الاسلحة الكيميائية". واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد يتحمل "المسؤولية الرئيسية" في الهجوم. وقالت موغيريني في مقابلة مع منظمات اعلامية في بروكسل على هامش مؤتمر الاتحاد الاوروبي-الاممالمتحدة الهادف لبحث مستقبل سوريا، "اليوم الانباء رهيبة" مضيفة "بالطبع المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق النظام (السوري) اولا لان مسؤوليته الرئيسية هي حماية شعبه وليس مهاجمته". وأضافت موغيريني "لكن هذا يشكل تذكيرا دراماتيكيا بان الوضع على الارض لا يزال مأساويا في مناطق عدة من سوريا". وتابعت ان "الاولوية الاولى تكمن، كما في اي نزاع، في وقف المعارك" مشددة على ضرورة ان "يحاسب" اطراف النزاع في وقت تندد الاممالمتحدة منذ فترة طويلة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في سوريا.بدورها، عبرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الثلاثاء عن "قلقها الشديد" بعد الهجوم. وقالت المنظمة التي تتخذ مقرا في لاهاي في بيان انها "قلقة جدا اثر الهجوم المفترض بالأسلحة الكيميائية الذي تحدثت عنه وسائل الاعلام صباحا في خان شيخون، المنطقة الواقعة في جنوب محافظة ادلب". وأكدت انها "تجمع وتحلل معلومات من كل المصادر المتوافرة".وندد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء في اتصال هاتفي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين بالهجوم "الكيميائي" في شمال غرب سوريا، واعتبره "غير انساني" محذرا من انه يمكن ان يهدد محادثات استانا للسلام في سوريا.وقالت مصادر رئاسية ان "الرئيس اردوغان قال ان مثل هذا النوع من الهجمات غير الانسانية غير مقبول محذرا من انها قد تنسف كل الجهود الجارية ضمن إطار عملية استانا" لاحلال السلام في سوريا.ووصف وزير الخارجية الالماني سيغمار غابرييل الهجوم ب "العمل الوحشي الذي لا مثيل له"، وطالب ب"موقف لا لبس فيه" من جانب مجلس الامن الدولي. وقال الوزير الالماني في بيان مقتضب "ننتظر من مجلس الامن موقفا لا لبس فيه إذا تأكدت الشكوك" في ان الهجوم كيميائي بالفعل.وأعربت دولة قطر عن "إدانتها واستنكارها بأشد العبارات للهجوم بالغاز الذي نفذته طائرات في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا وأسفر عن سقوط قتلى بينهم أطفال".وطالبت وزارة الخارجية في بيان "بتحقيق دولي في هذه الجريمة البشعة واتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية الشعب السوري".من جهته أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه يتوجب على المجتمع الدولي اخراج الاسلحة الكيميائية من سوريا بعد هذا الهجوم.وقال نتانياهو في بيان صادر عن مكتبه "عندما شاهدت صور الاطفال الذين اختنقوا من هجوم كيميائي في سوريا، شعرت بالصدمة والغضب". واضاف "ادعو المجتمع الدولي الى الايفاء بالتزامه منذ عام 2013 باخراج هذه الاسلحة الرهيبة من سوريا بشكل كامل". وأكدت وزارة الدفاع الروسية ان طائراتها "لم تشن اي غارة في منطقة بلدة خان شيخون".ونفى الجيش السوري الثلاثاء "نفيا قاطعا" استخدام اي اسلحة كيمائية او سامة في مدينة خان شيخون، وجاء في بيان نقلته وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان "القيادة العامة للجيش تنفي نفيا قاطعا استخدام أي مواد كيماوية أو سامة في بلدة خان شيخون بريف ادلب هذا اليوم، وتؤكد أنها لم ولن تستخدمها في أي مكان أو زمان لا سابقا ولا مستقبلا".واضاف الجيش السوري ان "المجموعات الارهابية ومن يقف خلفها تتحمل مسؤولية استخدام المواد الكيماوية والسامة والاستهتار بحياة المواطنين الابرياء لتحقيق أهدافها وأجنداتها الدنيئة".