يواجه تحالف أحزاب اللقاء المشترك -الشريك في الائتلاف الحكومي- في اليمن تحديات داخلية وخارجية تهدد بقاءه كيانا موحدا خلال المرحلة القادمة، وهو ما دفعه لإعلان رؤية لتطوير أدائه بما يتناسب وأهدافه الجديدة بعد إسقاط نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. ويضم المشترك -الذي أسس في فبراير/شباط 2003- ستة أحزاب هي التجمع الوطني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وحزب البعث العربي الاشتراكي، واتحاد القوى الشعبية، وحزب الحق. ورغم التباين الفكري بين مكوناته، فإنه نجح طوال السنوات الماضية في الحفاظ على تماسكه أمام محاولات نظام صالح لتفكيكه، وكلل ذلك التوحد بدوره في الثورة التي اندلعت في فبراير/شباط عام 2011، وأسقطت نظام صالح. وتتضمن الرؤية -التي حصلت الجزيرة نت على أجزاء منها- حزمة من الأسس والمعالجات الإستراتيجية لتطوير المشترك خلال المرحلة الراهنة، بما في ذلك تعزيز دوره كحامل للمشروع الوطني، وعامل توازن في الساحة اليمنية عن طريق تفعيل وتطوير آليات الشراكة الوطنية، والعمل المؤسسي في إطار مؤسساته العليا والدنيا، وتحديد سياسة التوظيف وشغل المناصب السياسية الشاغرة، وفقا لمبادئ المعيارية. وتشمل الرؤية إجراء حوارات داخلية بشأن الخيارات والقضايا التي لم يحسم النقاش بصددها، وصولا إلى توحيد رؤية المشترك وشركائه داخل مؤتمر الحوار الوطني، بما يؤدي إلى إنجاز عملية التغيير واستكمال النقل السلمي للسلطة، وبناء أسس الدولة المدنية الحديثة، والانتقال إلى الديمقراطية. ويرى عدنان العديني -نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح- أن استمرار بقاء المشترك مرهون بمدى تمسكه بالمشروع الوطني الهادف إلى بناء مؤسسات الدولة عن طريق الديمقراطية. وأكد -في حديث للجزيرة نت- أن المشترك في حاجة لتحديث سياساته العامة، بحسب ما تتطلبه كل مرحلة، موضحا أن المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز الوعي في أوساط أعضائه والرأي العام ككل بأهمية بناء الدولة كأحد أهم أهداف الثورة. وأرجع حالة القلق التي تنتاب المشترك إلى الإرباك الذي شهدته وسائله الإعلامية وحاجة العاملين فيها للتطوير والتأهيل من أجل تبشير الناس بالغايات السياسية التي تهدف في أولوياتها لبناء الدولة بعد مرحلة الثورة. من جانبه، أكد الكاتب الصحفي فيصل علي أن المشترك مطالب بتطوير أدائه بعد انتقاله من المعارضة إلى السلطة في المرحلة الانتقالية وبعد إنجاز التغيير في البلاد، وانتخاب رئيس جديد وحكومة انتقالية. وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن "المشترك يواجه تحديات كثيرة أخطرها تلك الرامية لتفكيكه من داخله من قبل بعض منتسبي أحزابه، بالتزامن مع توجه مماثل لبقايا النظام القديم وبعض مكونات الحراك الانفصالي المسلح وجماعة الحوثي"، موضحا أن المشترك كان يتحدث بلسان جماعي منذ عام 2006، في حين دخل مؤتمر الحوار منفصلا كأحزاب، ولكل حزب حصته. وعن ما إذا كان يفضل بقاء التحالف، قال علي إنه "يؤيد ذلك ولمدة عشرين سنة قادمة، لكن على مستوى القيادات المركزية فقط، مع إعفاء الفروع في المحافظات من هذا الالتزام، ودفع كل حزب لقواعده للعمل بنفسه". ودعا المشترك إلى إنجاح الثورة ومؤتمر الحوار والاستعداد لما بعد المرحلة الانتقالية، بما في ذلك التفكير بمرشح باسمه لانتخابات الرئاسة المقررة في فبراير/شباط عام 2014. لكن المحلل السياسي عبدالناصر المودع استبعد وجود تنسيق أو تحول نوعي يجعل المشترك أكثر تجانسا خلال الفترة القادمة، بالنظر إلى التحديات التي تواجهه من الداخل. وفي حديث للجزيرة نت، أوضح أن المشترك سيظل قائما إلى حين خروج الجزء المتبقي لنظام صالح من السلطة، باعتبار ذلك هو الهدف الرئيسي الذي سعى إليه منذ تأسيسه. وأشار المودع إلى أن "الاستحقاقات القادمة -مثل الفدرالية والنظام السياسي والقضية الجنوبية- ستكون من القضايا محل الخلاف داخل المشترك، في ظل تباين الرؤى بين الإصلاح والاشتراكي حولها"، مؤكدا أنه كلما زاد الافتراق إزاء هذه القضايا سيلقي بظلاله على القواعد التحتية التي ستتأثر بهذا الخلاف. وبشأن التحديات الخارجية للمشترك, قال "لا توجد أي تهديدات لعدم ميلاد أحزاب جديدة تستطيع أن تحل مكانه عدا جماعة الحوثي والحراك الجنوبي في حال ما إذا شكلا حزبا سياسيا، وهو ما أستبعده تماما".