تزايدت بيانات التبرؤ من قيادات ومسؤولين يمنيين من علاقتهم بما يسمى «المجلس الانتقالي لإدارة جنوباليمن» الذي تم إعلان تشكيله خلال الأسبوع الماضي، بقيادة محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، وهو ما أشار مراقبون إلى أنه ليس مجرد تأكيد لشرعية الحكومة التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي وسلطتها المسنودة بالقانون الدولي، على كافة الأراضي اليمنية، بل إعلان فعلي لسقوط ذلك المجلس المزعوم، بعد «بيانات براءة» من وردت أسماؤهم كأعضاء قياديين فيه. وكان آخر المتبرئين من ذلك المجلس وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، المهندس لطفي باشريف، الذي أصدر بيانا توضيحيا، ينفي علاقته بهذا المجلس، مبدياً تمسكه بالحكومة الشرعية، ومرجعيات المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216. وتشير وحدة تحليل السياسات بمركز أبعاد للدراسات والبحوث، في دراسة أصدرتها أوائل الشهر الجاري، بعنوان «مشاريع متصارعة في جنوباليمن.. الانفصال والحكم الذاتي والفيدرالية» إلى أن مشروع الانفصال المتدرج الذي يقوده الزبيدي، يصطدم بمشاريع أخرى، مثل رؤية «حضرموت المستقلة، ورؤية التحالف العربي والخليجي للأمن القومي، ومشروع الدولة الاتحادية التي يقودها الرئيس هادي، ويتمثل في تطبيق مخرجات الحوار الوطني، لإقامة فيدرالية من عدة أقاليم، تكون لها صلاحيات واسعة في اتخاذ القرار الاقتصادي والتنموي للمحافظات.
توصيات علمية خلصت الدراسة التي حصلت «الوطن» على نسخة منها، إلى توصيات رئيسية، هي أهمية ترتيب الحراك الجنوبي لأولويات المرحلة، واستعادة الدولة اليمنية، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق الأمن القومي للخليج المجاور والداعم لليمنيين ضد التدخلات الإيرانية، والعمل بشكل جدي في تقديم الخدمات لأبناء المحافظاتالجنوبية، وتحقيق الدولة الاتحادية، ودراسة الواقع الجديد وفق رؤية واضحة لإعادة رسم خارطة الاستراتيجية المستقبلية للجنوب، وتكوين رؤية موحدة للتحالف العربي، فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، وعمل غرفة عمليات موحدة لتحقيق استراتيجية الأمن القومي لليمن والخليج، إضافة إلى تجنيب المحافظاتالجنوبية ملامح الحرب الأهلية، وتشجيع أبناء تلك المحافظات للانخراط في سلك الدولة، بعيداً عن التشكيلات المسلحة. كما طالبت الدراسة الحكومة الشرعية بتبني استراتيجية تنموية واقتصادية عاجلة للمحافظات الجنوبية، وتفعيل أدوات الدولة في تحقيق الأمن، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والقضاء على فوضى السلاح، وإدماج المجاميع المسلحة تحت إطار الدولة، وأن ذلك لن يتم إلا بتنسيق كامل مع التحالف العربي.
مغامرة ومقامرة أشار محافظ حضرموت السابق وسفير اليمن في ماليزيا، الدكتور عادل باحميد، في صفحته الرسمية على فيسبوك إلى العديد من الدلالات العميقة، معتبراً في المقام الأول أن تأسيس مجلس انتقالي جنوبي في الظروف السياسية الراهنة «قفزة غير واعية»، لم تستند إلا على منهجية شطحات قياداتها المغامرة والمقامرة، على حد وصفه. ووصف التعاطي بتأسيس المجلس الانتقالي بأنه «مقامرة بمعاناة الشعب في الجنوب المُنهك والمُتعب من جرّاء سياسات النهب الظالمة والإقصائية ما بعد الوحدة الاندماجية، عام 1990، وجعلها مطيّة لمشاريع أخرى داخلية وخارجية، استثمرت المظلومية الجنوبية بطريقةٍ انفعالية، سُخّرت لها أبواق الإعلام الصفراء، والشحن بالكراهية، والانتقام، والصوت العالي، وإرهاب المخالف».