من يعتقد أن رحيل الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد شرطا للحل السلمي هو في الحقيقة مغفل كبير . ما يقال اليوم من تصريحات أمريكية أو غربية بهذا الخصوص لا يعدو عن كونه ورقة ضغط تفاوضية هدفها قبول سورية وجود تمثيل ولو جزئي لمعارضة الخارج في الحكومة الانتقالية. قبول أمريكا وأوروبا بالحل السلمي وبتفسير موسكو لاتفاق جنيف هو في الأصل قبول بوجود الرئيس والنظام السوري وبدولة سورية موحدة على خلاف ما كان يخطَط له ويعمل على الأرض خلال عامين مضت وعلى أقل تقدير هو اعتراف واضح وصريح بعدم القدرة على إسقاط النظام السوري بالإرهاب والتدخل الخارجي.
وإذا كان المتغير الجديد هو الاعتراف بعد القدرة على إسقاط النظام بالحرب، فكيف يمكن إسقاطه بالحل السلمي هذا هراء و"تخاريف" تكتيكية أمريكية هدفها جر أو أغراء من تبقى من "المزعططين" الأعراب والأتراك ومن تبقى من المقاتلين إلى طاولة المفاوضات . من الآن وصاعدا ستتمحور الحوارات والمفاوضات على موقع ودور الحكومة الانتقالية ونسبة تمثيل معارضة الداخل والخارج فيها وما إذا كان رئيس الحكومة الانتقالية معينا من قبل الرئيس بشار الأسد ومن النظام السوري "حزب البعث "نفسه أم يتم اختياره من المعارضة أو أن يكون شخصية توافقية.. هذا بالضبط هو الذي سيجري خلال الأيام والأسابيع القادمة وأثناء انعقاد المؤتمر الدولي المزعوم بالطبع ما لم يحدث متغير دراماتيكي مفاجئ قد يغير المسار بكاملة . أما موضوع الرئيس والنظام الحاكم برمته فقد حسمه الجيش العربي السوري على الأرض وليس موقف موسكو أو واشنطن أو طهران أو حتى المؤتمر الدولي . تداعيات الحل السوري على قطر وبقية الأطراف ..! لا توجد أزمة في قطر على خلفية اضطرار أمريكا والغرب عموما لقبول الحل السياسي للأزمة السورية لأن قطر مجرد إمارة بلا شعب وبلا قضية من ناحية وعبارة عن (....) ووسيط مالي بين المرتزقة ومشغليهم الكبار من ناحية أخرى. وعندما يقال لها كفي ستكف فورا وستتحول وبدون أي حرج لأداء الدور الجديد والمطلوب منها كوسيط أو كاداة وظيفية بلا دور . الأزمة الحقيقية هي في تركيا والسعودية أولا والمعارضة السورية المبعثرة في الخارج -ومن ضمنها التيار السياسي الديني- ثانيا ..... فهذه الأطراف تعيش من الآن "الأزمة " وحالة الخوف والإرباك من إمكانية أن ينعكس حل الأزمة السورية سلبا وعلى هيئة أزمات داخليه ووجودية جدية في بلدانها(تركيا والسعودية) وعلى ضعف أو زوال أنظمتها ومؤسساتها الهشة والمتهالكة. أما الإرهابيون والمقاتلون من الجماعات الدينية المتطرفة في سورية فستحل مشكلتها نهائيا وباتفاق جميع الأطراف المتصارعة حول سورية.
لماذا تفرحون إذاً..... ؟ إذا كانت إسرائيل قد قصفت أسلحة استراتيجية سورية فقط لأنها كانت خائفة من أن تتسلم المعارضة السورية هذه الأسلحة الاستراتيجية بعد سقوط نظام بشار الأسد، فلماذا إذا تفرحون وتهللون وتكبرون لقصفها ؟ ألم يكن من المفترض -وبدلا من التكبير والتهليل- أن تبكوا وأن يكون غضبكم وردود فعلكم ضد هذا العمل الإجرامي عليكم وعلى أسلحتكم المحتملة أكثر من غضب وردود فعل النظام السوري نفسه ؟ ....والا كيف هذا العجين حقكم أمانة خبرونا.