أخذ خابطو الكهرباء ونابلوها استراحة محارب - وليتها تطول- فافتضحت وزارة الكهرباء.. سقطت الذريعة الأولى للفشل، ولو مؤقتا، وجاءت الذريعة البديل: خلل فني في الشبكة الوطنية للكهرباء، وهي حقيقية كما يبدو، لأن وزارة الكهرباء منتجة للخلل والاختلالات.. فبينما كانت الوزارة تزيل خبطات كلفوت ومدراج والضمن والجرادي خلال ساعات، لم تحسن إصلاح "خلل فني" خلال ثلاثة أيام، باتت فيها البلاد من الطرف للطرف في ظلام، ومصالح الناس معطلة. أرادوا أن يؤسلموا الكهرباء فأقصوا المتخصصين، والذين اكتسبوا خبرات ومهارات، وأحلوا محلهم مؤذنين وخطباء ووعاظ وضباط فرقة، مؤهلاتهم- حسب تقرير النائب جدبان- أمي.. يقرأ ويكتب.. ابتدائية.. إعدادية.. ثانوية.. شريعة وقانون.. والنتيجة خراب وفساد وخلل فني. حسب تقرير النائب جدبان، قام وزير الكهرباء، باستبعاد عشرات المديرين والفنيين المتخصصين والمؤهلين في مجال الكهرباء، وعين بدلا عنهم إصلاحيين مؤهلاتهم هي تلك التي ذكرناها قبل قليل.. طيب إذا كان ولا بد من إقصاء الخبراء والمجربين لأنهم "نظام سابق" فعلى الأقل يكون البديل الإسلامي بربع خبرتهم. مهندس في مجال الاتصالات يعين مدير منطقة كهرباء.. وكله أسلاك.. فني شبكة انترنت يعين مديرا قانونيا، وضابط في الفرقة الأولى يعين مديرا ماليا.. وتصوروا حال الكهرباء عندما يعين الأمي قارئ عدادات، وصاحب الابتدائية مدير تدريب، والإعدادية مدير إطفاء، والثانوية مدير تشغيل، وصاحب الشريعة والقانون خبير وايرات، وخطيب المسجد للهندسة الكهربائية، والمؤذن في التحكم الالكتروني، وصاحب السوابق أمين صندوق! والمسألة ليست أسلمة حسب الأصول غير المرعية فحسب، بل ومعها أيضا فساد، فهذا من الأهل، وهذا من الجماعة، وهذا من الفرقة له سابقة في الثورة، وهذا يحصل له على لقمة وهجمة.. وهكذا.. كان الوزير يزعم أن عدد العاملين في وزارة الكهرباء يفوق الحد، ولا حاجة لمزيد، فوظف المزيد والمزيد، وزاد إلى المزيد والمزيد ازدواجا وظيفيا من جديد، وحسب التقرير المشار إليه عين واحدا مديرا براتب، وهو عسكري برتبة ضابط. وعلى ذكر العسكري.. وزير التربية ووزير الداخلية يواصلان نقل آلاف الجنود من وزارة الداخلية إلى وزارة التربية والتعليم، بينما عشرات الآلاف المتخرجون من كليات التربية في مختلف التخصصات غير مرحب بهم.. وفي ذات الوقت تواصل وزارة الداخلية عملية التجنيد.. واحد أفادني أن خمسة آلاف جندي في وزارة الداخلية في سبيلهم للتحول إلى وزارة التربية.. وكأن مرورهم بوزارة الداخلية أولا ضرورة للتدريب على طرق التدريس وتحضير الدروس.