على الرغم من طلب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى وقف فوري لاعنف اضطرابات سياسية منذ توليه السلطة قبل عشر سنوات، إلا أن آلاف الأتراك استعدوا السبت لمظاهرات ضد الحكومة وفي ميدان تقسيم بوسط اسطنبول حيث اشتبكت شرطة مكافحة الشغب المدعومة بطائرات هليكوبتر وعربات مدرعة مع المحتجين قبل أسبوع قضى ناشطون الليل في خيام وحافلات مدمرة وتدثروا بأغطية تحت الاشجار. وتحولت حملة بدأت سلمية ضد اعادة تطوير حديقة جيزي في ميدان تقسيم إلى غضب عام لم يسبق له مثيل ضد ما يتصوره المحتجون من تسلط أردوغان وحزبه العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية. وطالب أردوغان بوقف الاحتجاجات فورا ووصف المتظاهرين بأنهم لصوص وقال إن جماعات “إرهابية” تحرك هذه الاحتجاجات. ولم يشر اردوغان في خطابه إلى أي خطط لإزالة خيام المحتجين التي ظهرت في ميدان تقسيم باسطنبول ومتنزه في العاصمة التركية انقرة. لكن الاحتجاجات أصبحت تحديا كبيرا لزعيم فاز في ثلاث انتخابات متعاقبة. نفذ أردوغان الكثير من الاصلاحات الديمقراطية وحد من نفوذ الجيش الذي أطاح بأربع حكومات في أربعة عقود وبدأ محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، لكن في السنوات القليلة الماضية يقول منتقدون إن أسلوبه أصبح استبداديا. حيث باتت تتعرض وسائل الاعلام لضغوط كما أثار القبض على شخصيات عسكرية ومدنية في مؤامرات انقلاب مزعومة وخطوات أخرى مثل القيود على بيع الخمور قلق الطبقة المتوسطة العلمانية التي تخشى من أي اقحام للدين في حياتها اليومية. وأشارات المصادر ذاتها أن رجب طيب أردوغان الذي أعرب عن دعمه لرياح الربيع العربي التي لاحت في أفق تونس ومصر وصولا إلى سوريا من المرجح أنه سيواجه رياح التغيير ذاتها في ظل اصرار المحتجين وتطور مطالبهم في وقت قصير إلى حد المطالبة باستقالته. وعبرت من جهتها، حكومات غربية منها الولاياتالمتحدة التي ترى تركيا عضوا هاما في حلف شمال الاطلسي في منطقة الشرق الاوسط لها حدود مع كل من إيران والعراق وسوريا، عن قلقها من أساليب العنف التي استخدمتها الشرطة. وكانت واشنطن قد رأت في تركيا تحت قيادة اردوغان نموذجا للديمقراطية الإسلامية يمكن ان يطبق في دول اخرى في المنطقة مثل مصر. ويرى يالجين أكدوغان كبير مستشاري اردوغان ان هناك اتفاقا بين قوي داخلية وخارجية تريد اذلال اردوغان. وكتب في صحيفة ذا ستار “في هذا التحالف هناك من يريدون أن يلقنوه درسا ومن يريدون تدميره.” وقال اردوغان وسط هتافات أنصاره “البعض يقول أن رئيس الوزراء هو رئيس وزراء 50 في المئة فقط. وقلنا دوما اننا خدم لستة وسبعين مليونا.” وليس لأردوغان منافسون واضحون داخل حزب العدالة والتنمية أو خارجه حيث أن المعارضة سواء في البرلمان أو في الشارع متشرذمة. لكن داخل حزبه هناك من يدلي بتصريحات عامة أكثر اتزانا من تلك التي قالها اردوغان وأدان فيها المحتجين ووصفهم بانهم لصوص أو يرتبطون بجماعات ارهابية. وتصاعدت احتجاجات بدأها نشطاء يعارضون خطة لتطوير ميدان تقسيم. ومن بين المحتجين الآن قوميون واشتراكيون وطلبة واعضاء نقابات عمالية ويساريون متشددون ومهنيون ينتمون للطبقة المتوسطة ربما استفاد كثير منهم من الطفرة الاقتصادية لكنهم لا يزالون متشككين في اردوغان.