يبذل يمنيون كرامتهم الوطنية بسخاء، وبلا حياء، كما نلاحظ هذه الأيام ونحن نتابع فعاليات مهرجان استدعاء العالم للتدخل في تفاصيل حياتنا، وانتهاك سيادة بلادنا.. المرة الوحيدة التي سمح فيها الرئيس السابق علي عبدالله صالح لطائرة أمريكية بتوجيه ضربة عسكرية لعناصر من تنظيم القاعدة كانت عام 2002م، وهي الضربة التي استهدفت الإرهابي أبو علي الحارثي في منطقة صحراوية بين شبوة ومأرب، وحينها أشغل (عويله ولسان طويلة) الدنيا بكلام عن هذا الرئيس الذي سمح بانتهاك السيادة الوطنية. عندما ضرب تنظيم القاعدة المدمرة الأمريكية (يو إس إس كول) في ميناء عدن في أكتوبر 2000 بقارب مفخخ، وقتل 17 جندياً أمريكياً وجرح 34.. حاول الأمريكيون التدخل، فمُنعوا من القيام بإنزال جوي في مطار عدن، وحاولوا إرسال طائرة عمودية للتحليق فوق المدمرة فمُنعت، ومُنعت أية طائرة من التحليق في السماء اليمني، ولم يُسمح للأمريكيين سوى بطائرة أتت من قواعدهم العسكرية في دولة خليجية لكي تجلي قتلى وجرحى الهجوم الإرهابي، وفريق المحققين الذين أقاموا بالدور الرابع في فندق عدن، حينها قالوا: لقد أهينت السيادة اليمنية. الذين كانوا يومها مثقلين بهمِّ السيادة الوطنية، ويشغبون على الرئيس علي عبدالله صالح أصيبوا اليوم بنزف وطني حاد، فحتى عندما يسأل مؤتمري: ما دخل جمال بنعمر في خصوصية وطنية مثل صنع أو تعديل القوانين اليمنية؟ يردون بصوت واحد: المؤتمر الشعبي يهاجم جمال بنعمر، يريد بذلك عرقلة التسوية. لا كلام عن السيادة، فالطائرات الأمريكية بدون طيار تنتهك أجواءنا وتضرب في كل مكان، ومياهنا الإقليمية مظللة بالبوارج الحربية الأجنبية، وفندق شيراتون بالعاصمة تحول إلى ثكنة أمريكية، وقوات التدخل السريع في قاعدة العند، وحتى فندق عدن الذي استنكر (عويله ولسان طويلة) إقامة محققين أمريكيين فيه عام 2000م، صار مأوى لرجال الاستخبارات الأمريكية 2013، فلا نكير من الإخوان، ولا تعليق، ولا نواح على السيادة.. السفير الأمريكي يتكلم في شئون الجيش اليمني، ويجول في المحافظات وهم يغطون أخباره: السفير افتتح.. السفير قص الشريط.
نعم.. اليوم أصيبوا بنزف وطني حاد، فقيادي إصلاحي يطالب أمريكا بالتدخل العسكري المباشر لضرب القاعدة في اليمن، وقيادات المشترك تطالب الدول الراعية للتسوية السياسية التدخل لتغيير قيادة المؤتمر الشعبي، وهؤلاء يطالبون دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدةالأمريكية وإيران والسعودية وقطر، وحتى بنعمر التدخل العاجل في صعدة.