بدأ أعضاء لجنة الخمسين المكلفة بوضع الدستور الجديد لمصر التصويت على المسودة النهائية التي ستطرح بعد ذلك في استفتاء عام. يأتي هذا في ظل جدل كبير حول مسودة الدستور وعلاقتها بالصراع القائم مع الإخوان والمجموعات الشبابية التي تسير في فلكهم دون وعي، وهي مجموعات يصفها نشطاء مصريون بالطابور الخامس. ويعد الاستفتاء الخطوة الرئيسية الأولى في خارطة الطريق التي تم وضعها بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو. وباعتماد الدستور، من المقرر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية منتصف 2014. وكان الجيش علق الدستور الذي تم تبنيه إبان رئاسة مرسي وكلف السلطات المؤقتة بإعادة النظر في هذا الدستور وإجراء انتخابات تشريعية ثم رئاسية. ومنذ سبتمبر، تتولى خمسون شخصية تمثل مختلف المؤسسات في البلاد من نقابات وجيش وشرطة والأزهر ومختلف الكنائس فضلا عن شخصيات أخرى سياسية ومن المجتمع المدني، مناقشة مسودة الدستور. وجماعة الإخوان التي ينتمي اليها مرسي هي الغائب الأكبر عن هذه اللجنة التي تضم إسلاميين لا ينتميان إلى هذه الجماعة. وأوضح رئيس اللجنة عمرو موسى، وهو أمين عام سابق للجامعة العربية ووزير خارجية سابق في عهد حسني مبارك، أنه بعد أكثر من شهرين من العمل "توصلت لجنة الخمسين إلى التوافق على مجمل نص الدستور"، لافتا إلى أن التصويت الذي بدأ مساء أمس سيستمر حتى اليوم على الأقل. ووافقت اللجنة بأكثرية 45 صوتا من أصل 47 عضوا شاركوا في التصويت على المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن "مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع". وسيسلم النص النهائي بعدها للرئيس المؤقت عدلي منصور الذي أمامه شهر وفق خارطة الطريق لإعلان تنظيم الاستفتاء. وانتقدت جماعات حقوقية ونشطاء مسودة الدستور وقالت إنها لا تحد من صلاحيات الجيش. واعترضت بشكل خاص على المادة 203 التي تسمح بمحاكمة المدنيين المتهمين بشن "هجمات مباشرة" على القوات المسلحة، أمام محاكم عسكرية. لكن موسى أوضح أنه تمت إعادة صياغة هذه المادة التي كانت مدرجة في الدستور السابق، معتبرا أنها تحدد بوضوح الإطار الذي يمكن أن تحصل فيه هذه المحاكمات، وأنها لا تحصّن الجيش ولا وزير الدفاع. إلى ذلك، أوضح موسى أن الدستور الجديد "يمنع قيام أحزاب دينية أو على قواعد دينية"، مضيفا أن حزبا معينا "يمكن أن تكون له هوية دينية ولكن عليه احترام القوانين والدستور والدولة المدنية المصرية"، في غمز من قناة الإخوان المسلمين. وقال خبراء دستوريون إن الدستور الجديد نجح في عزل جماعة الإخوان المسلمين دستوريا بعد أن كان قرار منعها قرارا إداريا أمكنها الالتفاف عليه. وأضاف الخبراء أن الدستور سحب البساط من تحت أرجل الأحزاب الدينية التي تضع ساقا مع المعارضة وأخرى مع السلطة، وتعمل بكل ما في وسعها على أسلمة التشريعات والتدخل في الحياة الخاصة للأفراد والمجموعات، مثل حزب النور. ولفت هؤلاء إلى أن الدستور نجح في قصقصة أجنحة مجموعات شبابية تردد شعارات عامة تصب في خدمة الإخوان من حيث لا تدري، وذلك في إشارة إلى الاحتجاجات التي رافقت قانون التظاهر الذي يمنع تنظيم أي تحرك في الشارع دون الحصول على موافقة مسبقة من الداخلية. فقد تم توقيف الناشط البارز علاء عبد الفتاح الذي كان اعتقل في عهد مبارك وإبان تولي حكم المجلس العسكري، واعتقل كذلك أحمد ماهر مؤسسة حركة السادس من أبريل التي شاركت بقوة في الثورة على مبارك.