في أول سبتمبر شكلت لجنة الخمسين المعنية بصياغة دستور مصر، وأمس انتهت من صياغة الدستور المكون من 247 مادة، وصوت الأعضاء على المواد، باستثناء أربع لم تحصل على النسبة المطلوبة من الأصوات.. المهم، خلال تسعين يوما أنجزوا دستورا، رغم ما شهدته الأيام التسعين من تحضيرات، وخلافات، وانسحابات، ومشاورات، وإعادة صياغة، ثم تصويت، وكل هذا الإنجاز في الوقت القصير قام به أمخاخ بدون مقابل، كان عملهم لمصر والمصريين تطوعيا، لا بدل جلسات، ولا خمسة نجوم، ولا أطعمة ودولارات. عندنا، لجنة 565، في فندق خمسة نجوم، وبدل يومي بالدولار، وسكن ونقل وتكييف وحلويات وأطعمة.. وخلاصته، قد صرف عليهم مبلغ وقدره مليار وتسعمائة وثلاثة وسبعون ألفاً وثمانمائة وثمانية وأربعين ريالاً، خلال مارس- أغسطس فقط، وليس بين أيدينا بعد نتيجة ناجزة تسوى عشرة ريال. القوم أنجزوا دستورا من 247 مادة في تسعين يوما وبالمجان، وعندنا بدأ الشهر التاسع من عمر مؤتمر الحوار، وخلال 246 يوماً ما تزال لجنة 565 صفر اليدين من أي شيء مؤكد أو محسوم، والسبب البعسسة، وبن عمر، وقلة العقل، والخروج على القواعد المتفق عليها، والدولارات. حدد عمر مؤتمر الحوار من البداية إلى النهاية بستة أشهر، وها نحن في بداية الشهر التاسع، والقوم لا يزالون يعصدون، ويشتغلون في أمور ليست من شغلهم.. ويبدو أن ما سيأتي سيكون أفدح، لأن المخرجات المقترحة حتى الآن نتاج تشعيبات في الغالب، وستكون محلا لخلاف، ولا تكفي خمسين سنة لوضعها موضع التطبيق، ولو توافرت لها موازنة دول الاتحاد الأوروبي. خلص أمخاخ مصر إلى دستور من 247 مادة في تسعين يوما، وعندنا توصلت خمس فرق من الفرق التسع إلى نحو 1248 مادة دستورية وقانونية وتوصية.. خمس فرق فقط وضعت أكثر من 300 مادة دستورية، أو موجهات دستورية، والمزيد لا يزال في جعبة بقية الفرق، وسيكون لدينا دستور من 600 مادة في مجلد من القطع الكبير. كل فريق "يندع" من جانبه.. موجهات دستورية، وقانونية.. ولا بأس في مواد وموجهات دستورية، ولو كثرت، ففي الأخير ستوضع أمام لجنة صياغة الدستور، وستصلح شأنها، لكن ماذا بالنسبة للمواد القانونية والتوصيات التي وضعتها الفرق؟ هل هي مجلس تشريعي لتسن قوانين؟.. شغلوا أنفسهم بالتشريع القانوني، وليس هذا من شغلهم، لأن المهمة الأصل هي الوصول إلى الدستور، وما سيتقرر في الدستور ستأتي منه القوانين.