يبدو أن المغامرة واقتحام المخاطر واكتشاف جوردن مع والده المجهول أمران طبيعيان عند الكثير من الغربيين الذين وبشكل عام يعطون اولوية كبيرة لذلك، وفي احيان اخرى كثيرة تقترن المغامرة بالرياضة مثل هواية تسلق الجبال والإبحار في المحيطات والبحار. لكن الشيء الذي يبدو غريبًا هو تمتع الكثير من الاطفال والمراهقين بهوايات الكبار نفسها، والتي تسير على المنوال ذاته من المغامرة والمخاطرة من اجل تحقيق انجازات غير مسبوقة تضعهم في سجلات المغامرين وسجلات التاريخ. احد هؤلاء المراهقين هو الصبي الاميركي جوردون روميرو الذي لا يزيد عمره عن 13 عامًا، اذ قرر ان يتسلق اعلى قمة جبل في العالم وهي قمة جبل افرست الشهيرة، التي تبلغ 8846 مترًا، وهو بذلك يريد ان يسجل اسمه في سجل التاريخ كأصغر متسلق لقمة افرست التي تعتبر واحدة من اخطر قمم الجبال تسلقًا على الاطلاق، إذ إنها حلم كل محبي ومحترفي هذه الرياضة بالنظر الى الصعوبات الشديدة التي تواجه المتسلقين، ويعتبر من يبلغ هذه القمة هو من امهر المتسلقين على الاطلاق ويدخل اسمه التاريخ. يعرف والد جوردون ذلك الخطر الداهم الذي يواجه ابنه في تسلق هذه القمة الوعرة ويقول عن ذلك "لقد حاولت مرارًا وتكرارًا ان اجعله يتنازل عن فكرته هذه، لكنه مغامر من الطراز الاول، وهو مصر على تحقيق هذا الإنجاز، ولم افلح في تعديل قراره" ، لكن الاب ما زال يطارد ابنه من اجل اقناعه بالعدول عن هذا القرار الخطر، على الرغم من بقاء ايام قليلة على بدء المغامرة، خصوصًا أنّ الاب يعرف ان الجزء العلوي من قمة افرست هو اخطر مكان لمتسلق ان يمر به ، اذ يعتبر مقبرة المتسلقين في كل جبال العالم ، فقد قتل فيه اكثر من 200 مغامر حتى الان. تبدو الصورة في مدينة الصبي المغامر جوردون والتي تبعد عن سان فرانسسكو 140 كيلو مترًا مفعمة بالآمال والطموحات ، فالصبي الصغير يمارس تدريباته الاخيرة قبل توجهه بصحبة والده وزوجة والده الى العاصمة النيبالية كتمندوا ، حيث سيقيمون مخيم التسلق في قاعدة جبل افرست. يقول الصبي وهو يبتسم لكاميرات التلفزة التي تلاحقه في تدريباته انني اود من هذه المغامرة ان تكون إلهامًا لصغار السن في حب الرياضة والمغامرة وقهر الطبيعة، ويضيف انه يود ان يخلد اسمه في سجلات العظماء كأصغر متسلق للقمة الشهيرة. فكرة تسلق قمة افرست بالنسبة إلى جوردون لا تأتي من فراغ، انما سبقتها محاولات عديدة للصبي لتسلق قمم متعددة مشهورة في العالم بعلوها الكبير، لقد تسلق من قبل خمس قمم من اشهر القمم الجبلية في العالم، في قارات مختلفة. ففي سن العاشرة استطاع الوصول الى قمة "كليمجارو" في افريقيا والتي تبلغ 5892 مترًا وفي استراليا وصل الى قمة جبل "كوسيازكو" التي تبلغ 2230 مترًا، وفي سن الحادية عشر استطاع بلوغ قمة جبل "البروزا" في القارة الاوروبية وقمة جبل "واكونكاغوا" البالغة 6959 مترًا في اميركا الجنوبية. اما في قارة اميركا الشمالية فقد تسلق قمة جبل "ماكينلي" التي ترتفع عن سطح الارض 5140مترًا ويطمح في سن الرابعة عشر ان يكون قد اتم تسلق القمم السبع الجبلية المشهورة عند المتسلقين في العالم. في تلك الاثناء يقوم جوردون بالتدريب الشاق كل يوم، انه يعدو لمدة طويلة وهو يحمل حقيبة ثقيلة الوزن فوق ظهره، وأيضًا يواظب على النوم في خيمة داخل حجرة حتى يتعود جسمه على النوم بهذه الطريقة، اضافة الى تدريب جهازه التنفسي على ضيق المكان ونقص الاكسجين اذ انه سيعاني كثيرًا فوق قمة افرست للنقص الشديد في كمية الاكسجين على القمة. جدير بالذكر ان محاولات الصغار تسلق قمم الجبال عرفت على مدار التاريخ لكن تسجيلهم بدأ في سنوات متأخرة بعد الاتساع في شبكات المعلومات وتطور الاجهزة الاعلامية التي تقتفي اثرهم واظهارهم للرأي العام مما يجعل التنافس يحتدم بينهم ، تشير التقارير الى ان محاولات الصغار تسلق قمة افرست كانت عديدة، وان اصغر من تسلق القمة هو "مينج كيبا" في العام 2003 وكان يبلغ انذاك من العمر 15 سنة و9 اشهر ، وقد كسر بذلك الرقم المسجل باسم "تمبا شيري" الذي كان يبلغ من العمر انذاك 16 عامًا عندما وصل الى القمة، وكان قد تعرّض للموت المحقق نظرًا لتجمد بعض من اطرافه الا انه نجى بعد بتر عدد من اصابع يديه. لاتتوقف محاولات الصغار على لورا تسلق الجبال فقط انما تصل ايضا الى المغامرة بالابحار بقوارب حول العالم وسط انواء البحر ومخاطره الشديدة، فالصبية الهولندية لورا ديكر هي الاخرى مغامرة من الطراز الاول. ففي الوقت الذي يكون جوردون قد بلغ ربيعه ال14 تكون لورا قد حصلت على التصريح لبدء رحلتها المثيرة حول العالم في قارب صغير، وكانت قد حاولت قبل ذلك مرتين الا ان محكمة هولندية في مدينة اوتراخت قد منعتها من الابحار بالنظر الى صغر سنها والمخاطر التي قد تودي بحياتها دون ان تدرك ذلك. سبقت لورا ايضًا محاولات ابحار عديدة فكانت "ابي زنرلاند" من اميركا ذو ال16 عامًا قد قضت اكثر وقت لمغامر صغير السن في البحر، ثم تبعتها الاسترالية "جيسكا واتسون" وقد تفوقت على الرقم المسجل باسمها، والاثنتان تغلبتا على الرقم السابق المسجل باسم "مايك برهام" الذي كان في السابعة عشر عندما قطع اطول مسافة في الابحار بمفرده.