أشار التقرير العسكري الدولي الذي يعده المعهد الملكي للعلاقات الدولية إلى أن ما يقلق الخليجيين ليس فقط البرنامج النووي لإيران بل التسليح الصاروخي الذي بنته خلال العقود الأخيرة. وأكد التقرير اهتمام الخليجيين ببناء أنظمة دفاعية ضد الصواريخ الإيرانية وأن ذلك يعد في أولى قائمة اهتمام العسكريين الخليجيين. وقال التقرير إن هناك ضغوطا سياسية داخلية على العسكريين الخليجيين كي ينسقوا جهودهم مع بعضهم البعض، وأن السعودية والإمارات وقطر اشترت منظومات دفاع وهجوم صاروخية غربية منها منظومات متحركة ومتنقلة. ويطرح التقرير الاستراتيجي أسئلة حول قدرة الدول الخليجية على التعاون عسكريا في ظل الظروف المحيطة وخاصة اختلاف التوجهات الاستراتيجية لها. وسجل التقرير عودة العراق إلى المواجهات الأمنية خاصة في ظل المعارك الراهنة في الأنبار وتأثيرها على الوضع السياسي وذلك قبيل انتخابات جديدة. وفي الملف السوري، لاحظ التقرير أن نظام الأسد فشل في الحسم العسكري ما دفعه إلى البحث عن سبل التكيّف مع الوضع الجديد وخلق استراتيجية عسكرية بديلة. كما سجل عجز المعارضة عن تغيير موازين القوى لفائدتها، لكنه حذر بالمقابل من صعود مجموعات جهادية متشددة، وهو يخلق في الوقت نفسه تحدّيا أمنيا إقليميا ودوليا باعتبار أن أغلب المقاتلين في صفوف هذه الجماعات هم من الأجانب الذين جاؤوا من مختلف أنحاء العالم العربي والغربي. وقد كشف التقرير السنوي حول التوازن العسكري، الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أن الغليان في منطقة الشرق الأوسط والنووي الإيراني والاضطرابات في أفريقيا والأزمة الاقتصادية في أوروبا والصعود الصامت للقوى الآسيوية يجبر دول العالم على النظر مليا في سياساتها الدفاعية وميزانياتها العسكرية. هذا الوضع يدفع إلى التفكير في استراتيجيات دفاعية جديدة تدعم التسلّح العسكري، وذلك عن طريق تطوير صناعة الأسلحة تكنولوجيا، لتحقيق التوازن بين ضرورات التدخّل الخارجي في بعض مناطق الصراع وبين الأصوات المعارضة لذلك بسبب الخسائر التي تتكبّدها الجيوش المتدخّلة، على غرار الخسائر الأميركية في العراق وأفغانستان. ارتفاع الميزانيات العسكرية في آسيا في حين تتراجع في أوروبا. ويضيف التقرير أن نفقات الدفاع ازدادت عمليا، أي خارج التضخم، ب11.6 بالمئة بين 2010 و2013 في القارة الآسيوية مدفوعة بالصين واليابان وكوريا الجنوبية. بينما انخفضت في أوروبا ب2.5 بالمئة في الفترة نفسها. ويلاحظ التقرير ارتفاعا كبيرا في نسب الإقبال على التسلح بالشرق الأوسط وأفريقيا بفعل تعدد الأزمات. ويقول مدير المعهد، جون شيبيمان، إن آسيا أصبحت تشكّل منطقة جذب هامة على مستوى المشتريات العسكرية، أو على مستوى تسلّح الدول الآسيوية.
بالمقابل شهد الميزان العسكري الأوروبي تراجعا جليا بسبب مخلفات الأزمة الاقتصادية، بينما ما يزال الميزان العسكري الأميركي في ارتفاع ملحوظ بفعل وجود دور للأميركيين في نزاعات كثيرة. من جهة أخرى، وفي سياق رصد التطور التكنولوجي، أفاد التقرير أن انخفاض ثمن الطائرات دون طيار بفضل تقنيات التصغير كثف بشكل كبير استخدامها في القطاعين العسكري والمدني. ويجعل سقوط الحواجز التكنولوجية الواحد تلو الآخر، هذه الطائرات دون طيار متوفرة لعدد متزايد من البلدان ولم تعد حكرا على القوات المسلحة في الدول الغربية. ولخص دوغ باري الخبير في الطيران العسكري في المعهد لدى تقديم التقرير من 500 صفحة “سنرى منها أكثر فأكثر، ستكثر الطائرات دون طيار سواء كانت الطائرة الصغيرة القابلة للتفكيك التي يمكن أن نضعها في حقيبة الظهر أو الطائرة القتالية ذات قوة الضرب القصوى”. وعلى الصعيد العسكري تحاول كل القوى الكبرى تدارك تأخيرها على الجيش الأميركي الذي يهيمن على السوق مع غلوبل هاوك ونورثروب غرومن اكس-47ب. وقد تمكنت هذه الطائرة الأخيرة من الهبوط على حاملة طائرات الصيف الماضي لأول مرة. وتريد عدة دول أوروبية تطوير طائرات دون طيار من طراز “مايل” (ارتفاع متوسط ومقاومة طويلة)، واتفق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة على مشروع طائرة مقاتلة فرنسية بريطانية من دون طيار. وتمكنت الصين التي تواصل التسلح على غرار بقية بلدان آسيا (ارتفاع النفقات العسكرية ب11,6 ٪ بين 2010 و2013، وفق تقرير المعهد) من التوصل إلى تحليق أول طائراتها دون طيار مقاتلة ومحجوبة عن الأنظار. وقامت الآلة المقتبسة من طائرة اكس ب 047 الأميركية والتي أطلق عليها اسم “ليجيان” (السيف الحاد) بالتحليق عشرين دقيقة أمام عدسات الكاميرات.