قالت مصادر سياسية مصرية إن الانتخابات الرئاسية التي تتجه نحو ترشيح المشير عبدالفتاح السيسي، لما يحظى به من مصداقية وشعبية في الشارع المصري، أخذت منعرجا جديدا بعد إعلان زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي ترشحه. وأكدت نفس المصادر أن القوى الحزبية باتت ترى أن الانتخابات الرئاسية القادمة تسير في اتجاه الحسم مبكرا لصالح المشير عبدالفتاح السيسي، الذي تؤكد المعطيات أنه سيستجيب لإرادة الشعب المصري المصرّ على ترشيحه. ومع ذلك قالت نفس المصادر إنه بعد إعلان حمدين صباحي خوض هذه الانتخابات للمرة الثانية على التوالي، بدأت العملية تأخذ طريقا جديدا، أساسه أن انتخابات الرئاسة “لن تكون من تحصيل الحاصل”، كما كان يرى كثيرون. وكان صباحي، الذي حل ثالثا في الانتخابات السابقة عام 2012، أعلن يوم السبت أنه سيكون مرشحا ومعبرا عن القوى الثورية، التي انقسمت على موقفها منه، بين مؤيد ومعارض، بما في ذلك التيار الشعبي الذي يتزعمه، إذ كانت قيادات أعلنت دعمها للمشير السيسي، لكنها عادت ووقفت إلى جوار صباحي في الصورة وهو يعلن ترشحه، ما عرضها لهجوم شرس من أفراد، داخل التيار الشعبي وخارجه، متمثلين في جبهة الإنقاذ الوطني، التي تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة، عقب انتهاء دورها عمليا في معارضة حكم الإخوان. ويقول المتابعون للشأن المصري إن هناك انقساما آخر يسود حاليا الشارع نحو ترشح صباحي، إذ يرى البعض أنها قفزة في الهواء أو خطوة “دون كيشوتية” في مواجهة طوفان جارف من التأييد يحظى به السيسي في قلوب البسطاء، وكذلك القوى السياسية، وأن صباحي سيخوض هذه الانتخابات، رغبة في المزيد من التلميع السياسي، بصورة تمنحه، حال خسارته المتوقعة، مقعد زعيم المعارضة في مصر، في زمن ربما اختفى فيه صوتها، باستثناء أصوات الإخوان وحلفائهم في الشارع، عبر المظاهرات والاحتجاجات، التي تأخذ غالبا شكلا عنيفا. ويرى مراقبون أن صباحي يريد الاستفادة من الفراغ، وربما الخواء، ليتمكن من أن يكون جزءا من اللعبة، خلال الفترة القادمة، سواء خارج الحكم، أو على يساره، وبالتنسيق معه. غير أن ذلك لا ينفي أن قطاعا مهما من النخبة المصرية، استحسن خطوة ترشح صباحي، لأنها ذات إيجابيات سياسية، أبرزها التأكيد أن هناك انتخابات جادة، نتائجها لن تحسم إلا بعد الانتهاء من فرز صناديق الاقتراع، وهذه ميزة مزدوجة، حيث تنفي من جهة هيمنة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية، خاصة بعد تفويض المجلس الأعلى للقوات المسلحة السيسي لخوض الانتخابات الرئاسية، وتبدد من جهة أخرى هواجس من اعتقدوا أن النتيجة محسومة سلفا للمشير، بحكم شعبيته الكبيرة، كما تؤكد أن ما حدث في الثلاثين من يونيو الماضي، ثورة شعبية وليست انقلابا، كما يروج الإخوان وأنصارهم. وبرأي السياسيين المصريين فإن ترشح صباحي سواء كان بإرادته التامة، أو بالتنسيق مع جهات رسمية، دفع بمستقبله السياسي في المجهول، فإما أن يفوز، وهذا احتمال ضعيف، أو يسقط سقوطا ذريعا، وفي الحالتين سوف يواجه حزمة من الأزمات لا تنتهي، فالنجاح يستوجب قوة متنوعة، أبرزها، ألا يكون على خصام مع جزء مهم مما أصبح يوصف في مصر ب”الدولة العميقة” وهي مؤسسات وهيئات الدولة، شرطة وجيش وبيروقراطية، وحتى الآن يبدو صباحي بعيدا عن غالبية هؤلاء، ما يرجح عدم فوزه. ويراهن صباحي عمليا، على شباب الثورة، بعد أن بدا جزءا منه متململا مما يحدث بحق بعضهم، من استبعاد، لكن صباحي الذي يدرك أن المشير السيسي لم تفته هذه “الهفوة”، حيث أوصى بمد جسور التواصل مع قطاع من الشباب، وجرى تطمينهم بأنهم سيكونون جزءا من اللعبة خلال المرحلة المقبلة. ويقول المراقبون إن عدم فوز صباحي يمكن أن يقضي على مستقبله السياسي، حتى لو خاض هذه الانتخابات وحصد جانبا من أصوات الإخوان، الذين يريدون إبعاد السيسي عن المشهد السياسي بأية صورة من الصور، حيث نفى حزب “مصر القوية” الإسلامي أمس الأحد ترشح عبدالمنعم أبو الفتوح. ويؤكد المراقبون أن حظوظ المشير السيسي في الفوز خلال الانتخابات الرئاسية هي أوفر بكثير من حظوظ أي مترشح آخر نظرا لنجاحه في إدارة الشأن العام وتسيير دواليب الدولة وإنقاذ مصر من ديكتاتورية الإخوان. من جانبه أكد محمد نبوي المتحدث باسم حركة تمرد المصرية ، أن حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي، تاجر بدماء وأسماء الشهداء عندما استغل مؤتمر لتأبين الشهيد محمد الجندى وقام من خلاله بالإعلان عن ترشحه لرئاسة الجمهورية، قائلا: "مافعله صباحى نقطة سوداء في تاريخه". وشدد نبوي على أن حركة تمرد تدعم المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربى لأنه يمثل خيار الشعب الأول والأخير. ونفى وجود انقسام في الحركة وما يروج من حدوث تشققات داخلها بسبب إعلان صباحي الترشح لرئاسة، مؤكدا أن حركة تمرد قررت تجميد عضوية حسن شاهين ومحمد عبدالعزيز وخالد القاضي. واعتبر المتحدث باسم حركة تمرد، أن خروج 3 أعضاء عن المسار العام للتنظيم لا يعني بأي حال من الأحوال تشتت الحركة.