رحم الله سند عبدالله نجاد، الإنسان والناشر والشاعر والكاتب والصعلوك الشهم واليساري النبيل، عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي سابقاً؛ صدمني خبر رحيله المفاجئ. كان أجمل رجل أعمال فاشل في العالم إذا جاز التعبير كان أكثر مالك مطابع تجارية يجد نفسه «يكلع» ديناً عديد صحف تعاني ظروفاً مادية صعبة تجسيداً لروحه الاشتراكية الحلوة، كان لا يردّ أحداً، ولا يخذل أحداً، وبالذات معارفه ورفاقه إلى أن يتمكنوا من الإيفاء «حين ميسرة». وإذ كان يحنب دائماً بسبب عدم محذاقته التجارية، كانت بسمته الأصيلة تتجذّر أكثر وأكثر؛ بالمقابل استمرت ديونه تتراكم فوق ما يطيق؛ لكن بالرغم من كل شيء استمر متماسكاً في ظل ظروف قاهرة كعزيز نفس حقيقي، بل ومن فصيلة نادرة حقاً. هكذا عرفناه بصفته« المديونير المغلوب» الذي لا تفارقه الضحكة النابعة تماماً من القلب، العاشق للسخاء ولمحبة الإنسان، والمعتز المدهش والمبهر بقيم العطاء والإعانة والبذل والمغامرات والصبر وروح الرفاقية على وجه الخصوص. أشير إلى أن سند عبدالله نجاد كان أصغر معتقل في ذلك العهد المرعب، عهد الأمن الوطني ومحمد خميس، اعتقل نهاية السبعينيات وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره مع كامل أسرته على خلفية نشاط والده السياسي الذي كان أحد أهم روّاد اليسار وقادته الميدانيين في الشمال “منطقة سنحان” والده الباسل الذي تم اغتياله بشكل نذل وخسيس من قبل النظام في مطلع الثمانينيات. رحم الله سند عبدالله نجاد، العصامي الطيّب والحالم المهووس بالصداقات والشعر، قهرته الحياة مراراً، وقهرها مراراً.. المجد لروحه في الأقاصي.