قللت مصادر أردنية من قيمة الزيارة التي يبدأها اليوم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى المملكة الأردنية، كاشفة عن أن الأردن يريد أن ينأى بنفسه عن الخلافات داخل مجلس التعاون الخليجي فيما الزيارة توحي وكأن الأردن يقف إلى صف قطر مع أن علاقته معها محدودة وغير ذات قيمة قياسا بعلاقته بدول المجلس الأخرى. وقال ملاحظون إن أمير قطر يريد عبر هذه الزيارة أن يوحي لجيرانه أنه غير متأثر بسحب السفراء ولا بخطابات التحذير التي تطالبه بوقف فوري لعلاقته بالإخوان، بالمقابل فإن مصلحة الأردن تقتضي الحفاظ على علاقة قوية مع دول الخليج الأخرى، وأن هذه الزيارة يمكن أن تكون مدخلا لإفساد تلك العلاقة. وأضاف الملاحظون أن ما يعكس عدم رغبة الأردن في هذه الزيارة هو بيان الديوان الملكي المقتضب الذي صدر بالمناسبة، وحدد مهمة الزيارة بيوم واحد وموضوعها بمحور واحد، وهو التركيز على “العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات”. وأكدوا أن بيان الديوان الملكي قطع الطريق أمام المسعى الخفي من الزيارة وهو بحث الأمير تميم عن وساطة أردنية، وقطع الطريق كذلك على التسريبات التي يعمد إليها الإعلام القطري بالترويج لوجود وساطات بين الدوحة وجيرانها، مع أن الحل بيد قطر وذلك بالكف عن دعم الإخوان، ووقف تحريض قناة “الجزيرة” والشيخ يوسف القرضاوي ضد دول الخليج وكذلك ضد مصر.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين قررت سحب سفرائها يوم 5 مارس من قطر، وبررت الخطوة، في بيان مشترك، “بعدم التزام قطر باتفاق مبرم في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بالعاصمة السعودية الرياض ووقعه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بحضور أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأيده بقية قادة دول مجلس التعاون الخليجي”. وقبل نحو أسبوعين قال وزير الإعلام والاتصال الأردني محمد المومني إن بلاده ليست طرفا في الأزمة الدبلوماسية الدائرة بين دول خليجية وقطر. وقال المومني إنها “أزمة مرحلية وستنتهي، ولا مصلحة للأردن بالتدخل فيهاً”. وعزا مراقبون عدم حماس الأردن لأية وساطة بين قطر وجيرانها الخليجيين لمعرفة عمان بطبيعة الدور القطري في المنطقة، وهي محاولة البروز دون مراعاة مصالح الجيران وأمنهم، والأردن نفسه اكتوى بنيران قناة “الجزيرة” القطرية التي عملت على تحريض الأردنيين من أصول فلسطينية وزرع الفتنة بين أهل الأردن. وأضاف المراقبون أن الأردن يعرف كيف انتهى الأمر مع الكويت التي سحبت يدها من موضوع الوساطة بين قطر وجيرانها بعد أن وثقت بالتعهدات التي قطعها الأمير تميم على نفسه في القمة الثلاثية بالسعودية، لكن النتيجة أن الدوحة رمت بتلك التعهدات جانبا متذرّعة بوجود صراع بين الحرس القديم والحرس الجديد. يشار إلى أن سلطنة عمان التي طلبت منها القيادة القطرية التوسط لدى الدول الثلاث التي سحبت سفراءها صارت أقل حماسة للتدخل بعد أن اكتشفت أنها تحاول لملمة الشمل في نفس الوقت الذي حركت فيه الدوحة منظمات “حقوقية” تابعة لها في جنيف لمهاجمة مسقط. وتوقع المراقبون أن تتسع دائرة العزلة حول الدوحة في ظل خلافاتها الإقليمية، ما يدفعها للبحث عن علاقات ثانوية غير ذات قيمة أو تأثير مثل الزيارة التي من المنتظر أن يؤديها الشيخ تميم إلى السودان الذي يعاني بدوره من العزلة. وكانت شعوب “ثورات الربيع العربي” قابلت الدور القطري بغضب كبير خاصة في مصر وتونس وليبيا بسبب دعم الدوحة للجماعات الإخوانية والمجموعات الإسلامية المتشددة لفرضهم بالحكم. وامتد الغضب ليشمل الولاياتالمتحدة نفسها، فقدت حذّرت تقارير رسمية من أن دعم قطر للإسلاميين المتشددين كان سببا مباشرا في تقوية نفوذ المجموعات المعادية للولايات المتحدة خاصة في الحرب السورية.