لعل التداعيات القائمة على الأيديولوجيا الطائفية هي أكبر من تقود إلى تنمية العنف وتقويض الشرط الوطني؛ إلا أن الإصلاح والمؤتمر يتحمّلان مسؤولية كبرى في ذلك خلال السنين الماضية بمقابل تحميل جماعة الحوثي في السياق نتائج نواياها اللا سياسية ومراوغات منظومتها الفكرية البدائية الرثة التي عزّزت تشكيل وعي ما قبل وطني في الهضبة أيضاً. أما وأن قوى خمسة نوفمبر - وما دار في فلكها لاحقاً وكل من تآمروا على مشروع الحمدي التصحيحي ومشروع الحزب الاشتراكي التحديثي - ظلّوا يقعون في مساوئ تمجيد القبيلة على حساب الدولة واستغلال الدولة باسم الجمهورية؛ فإن الحوثي يقع - برأينا - في مساوئ عبء برمجة الناس على الحس المذهبي لا الحس السياسي؛ لذلك مازلت – وسأظل - أشدّد على هذه المستوجبات في التعامل مع الطرفين حتى نكون منصفين على الأقل. والشاهد أنه لا يمكننا القفز عن جدلية تغييب الدولة كسبب رئيس لكل ما يحدث وآثارها في استشراء قوى الخراب مروراً بالدأب الحثيث على إفراغ الجمهورية كما الوحدة من معناهما أصلاً، وليس انتهاءً بإمكانية إفراغ الوطن نفسه من معناه نهائياً في حال استمرت البلاد نهباً ومشاعاً لقوى المشاريع الضيقة واستمرت الدولة مسروقة من قبلهم. وأما بشأن أحداث عمران مثلاً، فإن أولاد الأحمر والحوثي يقعون في زاوية واحدة هي زاوية التركيز على التجابه المشين مع سلطة الدولة التي تنحسر أصلاً تحت وطأة التخلُّف وسيطرة وعيهما البدائي على الدولة والمجتمع، ففي حال تقدّم نفوذ أي من الجانبين بتلك الصيغ الميليشياوية؛ فليس أمامنا سوى أن نرثي فكرة الدولة أولاً وأخيراً، هذا ما أفهمه ولا مجال للمواقف الرمادية. لقد كنّا ضد حرب صعدة كونها تنطلق من شرور توسيع الشرخ الاجتماعي والتداعي الانتقامي وتصديع فكرة الدولة والتعميم المشين الذي راح ضحيته آلاف المهجّرين؛ غير أن الحوثي رفع لافتة التمادي في الصدام مع الجميع أيضاً حتى أصبح سلطة عليا في صعدة مكرّراً ذات النبرة التي يقول إنه عانى منها ،وحاضناً لصيغة إثارة العنف المضاعف، فكان تعاليه وبالتالي فرض قوة الأمر الواقع، وصولاً إلى إجبار مكمنه الشعوري وحالته الفكرية على ما حوله وتخليق آلاف الضحايا بالمقابل..!.