وصلت أصداء الإعتداءات الإسرائيلية على أسطول الحرية الذي كان ينوي فك الحصار عن غزة الأسبوع قبل الماضي إلى كافة دول العالم، ومن بينها بالطبع كوريا الجنوبية، التي استقبلت رئيس الدولة العبرية شيمعون بيريز ب "روبوت" عوضاً عن رئيس الدولة الكورية، كما هو متبع في البروتوكولات الرسمية، كما قررت سيول اختصار برنامج الرئيس غير المرغوب فيه، فألغت بعض الفعاليات التي كان من المقرر أن يقوم بها بيريز في العاصمة الكورية سيول، خاصة وأن متظاهرين استقبلوه بعلم إسرائيلي ملطخ بالدم. لم يكن الكوريون وحدهم من أبدوا غضباً من الهمجية الإسرائيلية ضد نشطاء السلام في أسطول الحرية، والتي قامت بالإعتداء عليهم وهم في المياه الدولية، بل ساد غضب عارم العالم كله، وأيقنت إسرائيل أنها دولة منبوذة ليس فقط من أعدائها التقليديين، وهم العرب والمسلمين، بل وحتى من بعض حلفائها وأصدقائها، مع أن هؤلاء الحلفاء لم يكونوا قادرين على "بلع" تصرفات هذه الدولة المارقة، فانتقدوها بنوع من اللطف حتى لا تغضب هذه الدولة المدللة.
لقد أبى الإسرائيليون إلا أن يتركوا صورة سيئة عنهم، عندما قرروا أن يواجهوا نشطاء السلام في المياه الدولية، وأن يتركوا دليل جريمة يشهد عليهم مدى الحياة، عندما أقدموا على قتل تسعة مواطنين أتراكا ممن قرروا ترك أهاليهم وأصدقائهم ليعلنوا تضامنهم مع المحاصرين في قطاع غزة وليتحدوا العنجهية الإسرائيلية التي أدمنت القتل والتعذيب والإرهاب، ليس فقط ضد الفلسطينيين فحسب، بل وضد من يفكر برفع الحصار عنهم.
لكن ما لم تدركه إسرائيل أن الحصار الذي كان مفروضاً على سكان غزة تحول ليكون حصاراً على الإسرائيليين أنفسهم، فالملايين من سكان العالم أدركوا ماذا تعني العنجهية الإسرائيلية، وكيف يتصرف قادة هذه الدولة التي تمردت على القوانين التي تنظم العالم، ولم تجد الولاياتالمتحدة الراعية الرئيسة للمدللة إسرائيل، وهي الولاياتالمتحدة الأميركية سوى الاعتراف أن إسرائيل "زوّدتها شوي"، إلا أنها أبقت انتقاداتها في الإطار المعروف عن أميركا، التي لا تريد لأحد أن يجرح إسرائيل.
لقد أرادت إسرائيل الانتقام من الراغبين في فك الحصار عن سكان غزة، شيوخها ونسائها، أطفالها ورجالها، إلا أنها حاصرت نفسها بغضب عارم من شعوب العالم، ومهما حاولت فك هذا الحصار، إلا أنها لن تتمكن من ذلك، وأكبر مظاهر ذلك هو "الروبوت" الكوري الجنوبي الذي استقبل رئيس الدولة العبرية شيمعون بيريز عوضاً عن رئيس الدولة الكورية، إذ أنه ذهب ويده ملطخة بدماء الشهداء الذين سقطوا على الأرض الفلسطينية وفي المياه الدولية على حد سواء.