لم تستطع إيمان من مدينة غزة ابنة التاسعة المريضة بالسرطان من السفر لتلقي العلاج في مستشفى المطلع في مدينة القدس، فقد اخبر الأطباء والدها انه لا يوجد لديهم علاج يفيدها، فقرر الأطباء في غزة تغيير تحويلة العلاج في الخارج من القدس إلى مصر، وأكتشف والدها أنها بحاجة إلى جواز سفر، وسوف تنتظر إلى أن يفتح معبر رفح، ولا يعلم أحد متى سوف يفتح المعبر أبوابه. إيمان وغيرها من مئات المرضى الذين هم بأمس الحاجة للسفر لتلقي العلاج، في غير مستشفيات القطاع التي ليس يها القدرة على تقديم العلاج المناسب للمرضى المحتاجين لعمليات جراحية خطيرة، وازداد الوضع سوءاً بعد القرار الذي اتخذته وزارة الصحة في حكومة رام الله بالتوقف عن تحويل المرضى الفلسطينيين إلى المستشفيات الإسرائيلية. وما تزال النكبة مستمرة وكذلك الانقسام، فالفلسطينيون يعانون النكبة منذ 61 عاما، وهم يشعرون بالظلم المستمر الواقع عليهم، فالاحتلال مستمر في عقابهم ، والقتل والجرائم والإهانة المستمرة والدائمة المفروضة عليهم من قبل دولة الاحتلال، فلم يكف دولة الاحتلال الاستمرار في فرض الحصار الظالم والخانق على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ ثلاث سنوات، وما يترتب على ذلك من مصائب ومآسي تلحق بهم. فدولة الاحتلال ارتكبت الجرائم وما تزال بحق الفلسطينيين منذ 61عاما، وهي مستمرة بارتكاب الجرائم والتي كان آخرها جريمة فتل 1500 فلسطيني خلال العدوان الهمجي على قطاع غزة، وما خلفه من دمار وكوارث لحقت بالناس في القطاع، ما تزال آثارها قائمة حتى اليوم، وعشرات الآلاف من المشردين من دون مأوى وأصبحوا لاجئين من جديد. الاحتلال قائم ومشاريعه قائمة، وهو لا يزال يرفض الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، وحكومات دولة الاحتلال المتعاقبة تريد من الفلسطينيين أن يكونوا حراساً يحفظون أمن دولتهم. الظلم الواقع على الفلسطينيين ليس من دولة الاحتلال فقط، فهم يعانون ظلم ما يسمى المجتمع الدولي، وتواطئه وصمته على الاحتلال وجرائمه، ومن الاستمرار في احتلال أراضيهم وعدم اعترافه بحقوقهم، بل أيضا في استمرار المجتمع الدولي في فرض الحصار على الفلسطينيين في القطاع ومنع مرضاه من تلقي العلاج والغذاء والدواء. والظلم الأفدح هو من ذوي القربى المشاركين في الحصار، والتزامهم بقرارات المجتمع الدولي، والتي هي استجابة لشروط دولة الاحتلال في معاقبة الفلسطينيين على خيارهم الديمقراطي، واعتبار مقاومتهم إرهابا. أما الظلم الداخلي فهو من قبل قيادات الشعب الفلسطيني خاصة حركتي فتح وحماس، والتجاذبات السياسية بينهما، فحركة حماس تمنع فصائل منظمة التحرير من إحياء الذكرى 61 للنكبة، تحت حجج واهية من أن هناك عناصر سوف تستغل المسيرات والاعتصامات من اجل التخريب في الساحة الفلسطينية في قطاع غزة، وفي الضفة لم تشارك حركة حماس في المسيرات التي خرجت أحياء للذكرى 61 للنكبة لأنها تعتبر نفسها محظورة من العمل السياسي هناك. النكبة مستمرة وأحداث الانقسام تتوالى والاتهامات المتبادلة من الطرفين، فكل طرف يتهم الآخر بالتآمر على الآخر، وهناك طرف يريد العودة إلى الاستئثار بكامل السلطة والعودة إلى القطاع بأي ثمن، والفريق المقاوم غارق في الحصار، وعدم وضوح الرؤية سواء في التعامل مع أصدقائه، أو أعدائه. فالانقسام مستمر والفلسطينيين يتعرضون للإهانة وعدم السماح لهم ولمرضاهم بالسفر حتى لتلقي العلاج، وبدلا من انتظار الأمل ينتظرون الموت، فالفلسطينيون يعمقون الانقسام ويستمرون في تعميق النكبات الداخلية لديهم، وهم لا يستطيعون تقديم العلاج لمرضاهم والعمل على إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، والتوحد من أجل إيجاد المأوى لعشرات الآلاف الذين يفترشون العراء مسكناً ومأوى لهم.