أقر مجلس النواب الموريتاني تعديلات في الدستور تم التوافق عليها بين الأغلبية الحاكمة وجزء من المعارضة، وسط جدل كبير بين الأغلبية والمعارضة التي تعتبر أن البرلمان بات غير شرعي بحكم انتهاء فترته الدستورية. وصوت لصالح التعديلات الدستورية بأغلبية واسعة (69 نائبا)، بينما رفض نواب المعارضة المنضوية تحت لواء منسقية المعارضة الديمقراطية حضور النقاش بعد خلاف مع الأغلبية بشأن الوقت الممنوح للنواب داخل القاعة من أجل نقاش التعديلات. ومن المتوقع في حالة إقرار التعديلات الدستورية من مجلسي النواب والشيوخ أن تعقد جلسة مشتركة بينهما للتصويت على التغييرات الدستورية التي يلزم أن تحوز على نسبة الثلثين فما فوق من أصوات البرلمانيين حتى تصبح تلك التعديلات ناجزة. وانسحب نواب المعارضة غير المشاركة في الحوار فور بدء نقاشات التعديلات الدستورية على مستوى مجلس النواب بعد تصويت المجلس على قرار يحدد فترة مداخلات النواب بعشر دقائق كحد أعلى لكل نائب، وهو القرار الذي عدته المعارضة غير قانوني ويستهدف تكميم أفواههم ومنعهم من حق دستوري. وتعد التعديلات الدستورية ثمرة لحوار جرى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بين الأغلبية الحاكمة وأربعة من أحزاب المعارضة يتصدرها حزب التحالف الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب مسعود بلخير، وهو الحوار الذي قاطعته نحو عشرة من أحزاب المعارضة ووصفت نتائجه بالهزيلة والمحبطة. خطوة مبيتة وتدافع نواب الأغلبية والمعارضة المسؤولية عن انسحاب ومقاطعة نواب المعارضة لجلسة الأمس، ففي حين اعتبر رئيس مجلس النواب مسعود ولد بلخير أنه لم يتجاوز صلاحياته ولم يخالف القانون، وأن انسحاب المعارضين ربما كان خطوة مبيتة وغير مبررة، رأى المنسحبون أن التصويت على تقليص الوقت المحدد للمداخلات كان خطوة مبيتة هدفها تكميم أفواههم ومنعهم من الحديث. وقال المتحدث باسم المعارضة محمد المصطفى بدر الدين في مؤتمر صحفي للجزيرة نت إن مؤتمر الرؤساء المخول بتحديد أوقات المداخلات حدد 20 دقيقة لكل متداخل، بينما صوت نواب الأغلبية على تحديد 10 دقائق لكل نائب وهو سابقة خطيرة في تجاوز القوانين المنظمة لعمل مجلس النواب، وفي تكميم أفواه النواب، والأسوأ -حسب قوله- أن كل ذلك حدث في جلسة برلمانية غير شرعية. وأشار النائب محمد جميل ولد منصور ردا على سؤال للجزيرة نت أن الأكثر خطورة في الأمر هو أن النواب الذين تحدثوا بدون تحديد في جلسة عقدت قبل يومين لنقاش قانون اللجنة الانتخابية، بينما تم التضييق عليهم في نقاش أهم وثيقة على الإطلاق وهي وثيقة الدستور. ولكن النائب عن الأغلبية محمد ولد ببانا اعتبر في تصريح للجزيرة نت أن نواب المعارضة يبطنون قرارا بالانسحاب من جلسة تغيير الدستور، وكانوا يتحينون الفرص ويبحثون عن أي فرصة للانسحاب وليس موضوع الوقت إلا ذريعة وابتزازا سياسيا مكشوفا من قبل هؤلاء النواب. التعديلات وتشمل التعديلات الدستورية النص على التنوع الثقافي لموريتانيا أي أن موريتانيا مكونة من عرقيتين عربية وزنجية، كما تشمل النص على حظر وتجريم الرق والانقلابات العسكرية التي تعدها جريمة لا تسقط بالتقادم وتعاقب مرتكبيها وداعميها والمتواطئين معهم. كما تتضمن أيضا النص على أن الوزير الأول مسؤول أمام البرلمان الموريتاني، وفسح المجال أمام النساء للولوج إلى الفرص والوظائف الحكومية بشكل متساو مع الرجال. وأقر الدستور الحالي في 1991 مع بداية ما يسمى بالانفتاح الديمقراطي في موريتانيا، وتعزز الدستور الحالي بتغييرات جوهرية أقرت منتصف 2006 بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، وهي التعديلات التي حظيت باتفاق الغالبية الساحقة من الأحزاب والقوى السياسية في البلاد وأعلن حينها أنها تهدف لتعزيز مبدأ التناوب السلمي على السلطة وتحديد فترتين رئاسيتين فقط. وأقرت تلك التعديلات في استفتاء شعبي عام، بيد أن الحكومة الحالية ترى أنها ليست ملزمة بحكم القانون بتنظيم استفتاء لتغيير الدستور، وإنما يمكنها فقط اللجوء لعقد اجتماع لغرفتي البرلمان لإجازته بثلثي البرلمانيين. اخبارية نت / الجزيرة نت