وسط مقاطعة برلمانيّي المعارضة مؤتمر برلماني لتعديل دستور موريتانيا أمين محمد–نواكشوط بدأ في العاصمة الموريتانية نواكشوط أمس الاثنين أول مؤتمر برلماني في تاريخ البلاد يضم أعضاء الغرفتين الأولى (مجلس الشيوخ) والثانية (مجلس النواب)، وذلك لإجراء تغييرات في الدستور الموريتاني تم التوافق عليها بين الأغلبية الحاكمة وبعض أحزاب المعارضة. ويعود تأسيس البرلمان الحالي بغرفتيه إلى بداية ما يعرف بالتجربة الديمقراطية في تسعينيات القرن الماضي، لكنه لم يلتئم بشكل جماعي منذ تأسيسه، الأمر الذي اعتبره المجتمعون حدثا تاريخيا غير مسبوق في تاريخ التجربة الديمقراطية للبلاد. لكن هذا الوصف رفضه برلمانيو المعارضة الذين قاطعوا الجلسة، وقالوا إنها غير شرعية وغير دستورية، معتبرين إياها "مسرحية هزيلة" لإجراء تعديلات -في الزمان والموقع "الخطأين"- على أهم وثيقة دستورية في البلاد. شرعية المؤتمر ولم يعبأ المسؤولون عن المؤتمر بمقاطعة المعارضة للجلسة، وأصروا على شرعية المؤتمر وعلى أهمية الحدث، قبل رفع الجلسة إلى الأربعاء القادم موعد التصويت على التعديلات الدستورية المنتظرة بشكل نهائي من قبل مؤتمر البرلمان، بعد أن صادقت عليه كلتا الغرفتين على انفراد. وقال رئيس مجلس النواب مسعود ولد بلخير -الذي تولى رئاسة المؤتمر البرلماني- إن هذا المؤتمر لا يمثل حدثا تاريخيا فقط، بل هو نقطة تحول هامة في الحياة السياسية والمؤسسية في البلاد، معتبرا أنه يشكل انعكاسا وضامنا لتحقيق نتائج الحوار. وأضاف أن نتائج الحوار مؤشر إيجابي لملامح موريتانيا الغد الذي ستنعم فيه البلاد بالاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، وهو أيضا ضمان لاستقرار الدولة المبنية على أسس ديمقراطية بعيدا عن المغامرات العسكرية، وفق تعبيره. ويسمح القانون الموريتاني بإجراء تغييرات على الدستور بإحدى طريقتين، فإما باستفتاء شعبي أو بجمع لغرفتيْ البرلمان المكونتين من 151 عضوا، من بينهم 95 هم أعضاء مجلس النواب، والباقي 56 هم أعضاء مجلس الشيوخ. وهذه ثاني مرة تجرى فيها تغييرات على الدستور الحالي الذي تم إقراره في عام 1991 لدى انطلاق ما عرف حينها بالمسلسل الديمقراطي، حيث تم إجراء تغييرات عليه في عام 2006 بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع. ورغم أن برلمانيّي المعارضة دأبوا في الآونة الأخيرة على الانسحاب من التصويت على القوانين والقرارات المعروضة على البرلمان، فإنهم واصلوا المشاركة في كل الجلسات التي تعقد باستثناء جلسة الاثنين الأخيرة التي قاطعوها كليا. ويقول البرلماني السالك ولد سيدي محمود للجزيرة نت إن المقاطعة تعود إلى خطورة ما يترتب على جلسة الاثنين لكونها تناقش أهم وثيقة دستورية لدى الموريتانيين، وبسبب ما تأكد لديهم من عزم الموالاة على حظر النقاش والاكتفاء فقط بالتصويت، وهو ما يعني منع البرلمانيين من تأدية الأمانة التي وضعها الشعب في أعناقهم. برلمان غير شرعي وأضاف ولد سيدي محمود أن برلمانيّي المعارضة يعتقدون أيضا أن البرلمان الحالي غير شرعي بالمرة، حيث انتهت فترته الدستورية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبالتالي لم يعد مهيأ لتغيير أهم وأخطر وثيقة دستورية من المفروض ألا تجرى عليها أي تغييرات إلا بإجماع وطني، وفي ظرف سياسي غير متوتر كما عليه الحال الآن. ولكن رئيس فريق الأغلبية في البرلمان سيدي أحمد ولد أحمد قال للجزيرة نت إنه كان الأولى ببرلمانيّي المعارضة ألا يفقدهم الشعب في محطة تاريخية كهذه، مشيرا إلى أن ما تتضمنه التعديلات الدستورية المعروضة يمثل مصلحة لكل الموريتانيين. وقلل من شأن غياب المعارضة، وقال إنه لن يؤثر على مصداقية التصويت الذي من المنتظر أن يجري الأربعاء القادم، حيث ستتم المصادقة على تلك التعديلات في حال حصولها على ثلثيْ أعضاء الغرفتين. وتقضي التغييرات الحالية المقترحة على مؤتمر البرلمان بتوسيع صلاحيات البرلمان، وتجريم وحظر ومعاقبة مرتكبي الانقلابات العسكرية والداعمين لهم والمتواطئين معهم، وعلى التنوع الثقافي لموريتانيا، وعلى حظر وتجريم ممارسة العبودية في موريتانيا.