افتتحت بالعاصمة الموريتانية نواكشوط أول دورة برلمانية بعد الحوار الذي جرى الشهر الماضي بين الأغلبية الحاكمة وأربعة أحزاب معارضة من أصل 13 تشكل منسقية أحزاب المعارضة، وهو الحوار الذي أدى إلى انقسام قوي في صفوف منسقية المعارضة وسجال ما زال متواصلا بين مكوناتها. وينظر إلى الدورة الحالية باعتبارها دورة حاسمة كونها آخر الدورات البرلمانية قبيل الانتخابات التشريعية والبلدية التي يتوقع أن تجرى في الربع الأول من العام القادم رغم أنه لم يتم التوافق حتى الآن على تاريخ إجرائها. كما تكتسب هذه الدورة أهميتها أيضا كونها تأتي في ظل وضعية اجتماعية صعبة تخيم عليها مخاوف الجفاف، فضلا عن احتمال نقاشها لنتائج الحوار وما انبثق عنه من قوانين وإجراءات. وأكد رئيس مجلس النواب مسعود ولد بلخير في افتتاح الدورة أنها أكثر أهمية من كل الدورات التي سبقتها لأنها ستشكل -بحسبه- منطلقا حاسما لكل المخططات التنموية، ولكونها أيضا تجري في ظروف تخيم عليها هواجس الجفاف، وآمال الحوار ما يمنحها أهمية بالغة. وقال ولد بلخير إن الدورة الحالية ستناقش الموازنة السنوية للدولة، مشيرا إلى أن الموازنة التي سيتم إقرارها ستعكس كل القرارات التي تمخض عنها الحوار الوطني، والتي على رأسها مبدأ فصل السلطات، الذي سيؤدي إلى تعزيز الديمقراطية في البلاد. ولم يؤكد ولد بلخير ما إن كانت نتائج الحوار ستعرض على البرلمان للمصادقة عليها، كما أن نوابا معارضين قالوا للجزيرة نت إنهم لا يعرفون بالضبط ما إن كانت الدورة الحالية ستناقش تلك النتائج أم لا. لكن مفاوض الرئيس الموريتاني وممثله في لجنة متابعة نتائج الحوار أحمد ولد باهية (وزير الدولة للتهذيب الوطني) لم يستبعد في تصريح للجزيرة نت أن تحال تلك النتائج للبرلمان لإقرارها على شكل قوانين في الدورة الحالية. وقال رئيس مفاوضي المعارضة المشاركة في الحوار بيجل ولد حميد إن لجانا تعكف في الوقت الحالي على تهيئة نتائج الحوار على شكل قوانين لإحالتها للدورة البرلمانية الحالية قصد إقرارها بشكل نهائي. ومن بين نتائج الحوار التي ينتظر أن تثير جدلا برلمانيا واسعا ما يتعلق بالقوانين الانتخابية وبالتعديلات الدستورية وشكل النظام السياسي ودور الجيش في المرحلة القادمة، وكلها نقاط تم الاتفاق بين الأغلبية وأحزاب المعارضة المشاركة بالحوار على مواقف نهائية بشأنها. ويثير موضوع تعديل الدستور جدلا آخر، حيث جزم رئيس فريق الأغلبية سيدي أحمد ولد أحمد أنه يمكن للحكومة دستوريا أن تجيز تلك التعديلات عن طريق التصويت عليها بين غرفتي البرلمان مجتمعتين، لكن معارضين آخرين يرون أن أي تعديل في الدستور يلزم أن يمر حتما باستفتاء شعبي. وخارج موضوع الحوار ينتظر أن تثير «الميزانية المعدلة» سجالا برلمانيا ساخنا، حيث دأبت المعارضة على اعتبار تلك الميزانية غير دستورية، في حين تتمسك الحكومة بتقديم موازنتين خلال الدورة البرلمانية الأخيرة إحداهما الميزانية السنوية العادية للعام القادم، والأخرى معدلة عن ميزانية العام الماضي. وقال النائب المعارض ومقرر الميزانية بمجلس النواب السالك سيدي محمود إن القانون ينص على إلزامية إقرار البرلمان لأي تعديل أو سلفة يتم صرفها على حساب الميزانية بإقرارها فورا من قبل البرلمان، في حين أن الحكومة تتقصد تأجيل إقرارها برلمانيا حتى الدورة الأخيرة في كل عام.