التقى المبعوث العربي والدولي كوفي أنان الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق لبحث خطة السلام الرامية لإيجاد حل للأزمة السورية المستمرة منذ 14 شهرا، في وقت طردت فيه أستراليا دبلوماسييْن سورييْن احتجاجا على مجزرة الحولة بوسط سوريا، التي أوقعت ما لا يقل عن 108 قتلى -غالبيتهم من الأطفال والنساء- وأثارت تنديدا عربيا ودوليا واسعا. وكان أنان صرح فور وصوله الاثنين بأنه يعتزم إجراء مناقشات جادة وصريحة مع الرئيس السوري بالإضافة إلى مسؤولين آخرين أثناء الزيارة، وهي الثانية له إلى دمشق منذ تعيينه موفدا للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا قبل ثلاثة أشهر. والتقى أنان مساء أمس وزير الخارجية السوري وليد المعلم وبحث معه الجهود الجارية لتطبيق خطة السلام ذات النقاط الست التي توافق عليها الجانبان والتي تهدف للتوصل إلى وقف العنف بكل أشكاله ومن أي طرف كان، بغية فتح الطريق أمام آفاق الحل السياسي وإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا. وأكد أنان أن الهدف هو الوصول إلى وقف هذه المعاناة بأسرع وقت ممكن، وحث الحكومة السورية "على اتخاذ خطوات جريئة للدلالة على أنها جادة في عزمها على حل هذه الأزمة سلميا"، مشيرا إلى أنه طلب ذلك من "جميع المعنيين للمساعدة على تهيئة السياق الصحيح لعملية سياسية ذات مصداقية". وأوضح أنها "رسالة للسلام يوجهها ليس فقط للحكومة، ولكن لكل شخص يحمل سلاحا". ووضع أنان خطة للخروج من الأزمة أقرتها دمشق، وأرسلِت بموجبها بعثة من المراقبين الدوليين إلى سوريا للتثبت من وقف إطلاق النار الذي أعلن في 12 أبريل/نيسان ويتم خرقه يوميا. وتنص خطة أنان أيضا على سحب الدبابات من الشوارع، والسماح بوصول المنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى المحتاجين، وإطلاق المعتقلين، وبدء حوار سياسي مفتوح لا يُستثنى منه أي طرف. وتأتي هذه الزيارة بعد إدانة مجلس الأمن الدولي الأحد لمجزرة الحولة التي وقعت الجمعة. وقال مجلس الأمن إن الضحايا سقطوا إثر "هجمات شملت القصف بالدبابات والمدفعية الحكومية ضد حي سكني"، وإن "هذا الاستخدام الفاضح للقوة ضد المدنيين ينتهك القوانين الدولية والتزامات الحكومة السورية". ونفت السلطات السورية أي علاقة لها بما حصل في الحولة، واتهمت الخارجية السورية -في رسالة بعثتها إلى مجلس الأمن- من قالت إنهم مئات من عناصر "مليشيات إسلامية" بارتكاب مجزرة الحولة، نافية روايات لشهود عيان وللمراقبين قالت إن دبابات الجيش وجدت في المنطقة ساعة وقوع المجزرة. طرد دبلوماسيين واحتجاجا على هذه المجزرة، أعلنت أستراليا اليوم طرد دبلوماسييْن سورييْن في غضون 72 ساعة، وهما القائم بالأعمال السوري جودت علي ودبلوماسي آخر. واستدعى مسؤولون حكوميون أستراليون الاثنين القائم بالأعمال السوري لتوضيح شأن المجزرة. وقال وزير الخارجية الأسترالي بوب كار إن على الحكومة السورية ألا تتوقع التزامات رسمية أخرى مع أستراليا قبل أن تحترم وقف إطلاق النار الذي أقرته الأممالمتحدة، وتتخذ إجراءات عملية لتطبيق خطة أنان، وتوقع أن تحذو دول أخرى حذو بلاده. وأضاف أن "هذه المجزرة -التي راح ضحيتها أكثر من مائة شخص في الحولة من رجال ونساء وأطفال- هي جريمة شنيعة ووحشية". وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أعلنا -في اتصال هاتفي بينهما أمس الاثنين- أنهما اتفقا "على العمل معا لزيادة الضغط" على الرئيس السوري، وأكدا سعيهما لمحاسبة المسؤولين في النظام السوري على هذه الممارسات. وبدوره توقع رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي تصاعد الضغط الدبلوماسي الدولي على النظام السوري، وقال إنه يجب أن يسبق أي مناقشات عن خيارات عسكرية قال إنهم مستعدون لتوفيرها إذا طلب منهم ذلك. كما أدانت الصين المذبحة، وقال المتحدث باسم وزارتها الخارجية ليو وي مين "تشعر الصين بصدمة بالغة جراء العدد الكبير من الضحايا المدنيين في الحولة، وتدين بأقوى العبارات القتل الوحشي لمدنيين، خاصة النساء والأطفال". وأعلن وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرزي أن بلاده مستعدة لدعم إقامة ممرات إنسانية لإنهاء المجازر في سوريا ضمن إطار "مسؤولية الحماية". كما أعرب بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر عن "ألمه" و"قلقه البالغ" بعد المجزرة، آملا أن تلتزم المجموعات الدينية "بالتعاون المتبادل لإعادة إرساء السلام". عربيا ناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مجلس الأمن -عبر رسائل لوزراء خارجية الدول الأعضاء- "التحرك السريع من أجل وقف جميع أعمال العنف" في سوريا، و"توفير الحماية للمدنيين"، وذلك بعد مجزرة الحولة. اجتماع المعارضة وفي تطور ذي صلة، عقد المجلسان الوطني السوري والوطني الكردي والكتلة الوطنية لقاء قرب العاصمة البلغارية صوفيا برعاية وزير الخارجية البلغاري. واتفق المجتمعون على أن بيانات الإدانة لم تعد تكفي لحماية الشعب السوري، وأن على مجلس الأمن أن يتدخل عاجلا لحماية المدنيين، ووضع حد لجرائم النظام المروعة عبر قرارات صارمة وتحت الفصل السابع. كما طالبوا جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بنصرة الشعب السوري وتقديم الإغاثة فورا وبجميع الوسائل المتاحة، وأكدوا أن إسقاط النظام وإقامة دولة ديمقراطية مدنية هدف مشترك، مشددين على متابعة الحوار بين أطياف المعارضة من أجل توحيد رؤيتها وتصعيد العمل الثوري. من جهة أخرى، انتقد المجلس الوطني السوري البيان الصادر عن مجلس الأمن والذي أدان فيه النظام السوري بسبب المجزرة، مطالبا باتخاذ قرار تحت الفصل السابع يحمي المدنيين. وقال -في بيان- إن "البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن لا يرقى إلى مستوى ما يرتكبه النظام السوري من مجازر، ولا يشكل أساسا يمكن أن يقود إلى وقف جرائم النظام ومنعه من ارتكاب مزيد من عمليات القتل". اخبارية نت – الجزيرة نت