تواصل دول عديدة حول العالم تحركا محموما بشأن سوريا، فقد أعلنت واشنطن أنها ستتحرك وفق مصالحها دون انتظار مجلس الأمن الذي لم يصل إلى اتفاق، ودون انتظار حلفاء، خاصة بريطانيا التي قررت عدم المشاركة عسكريا ضد سوريا، في حين تتواصل الحشود العسكرية. وفي هذه الأثناء أعلنت دول غربية عديدة مساندتها لعمل عسكري ضد سوريا، في حين دعت روسيا إلى انتظار نتائج التحقيق الدولي الجاري في سوريا مطالبة بإعطائه المزيد من الوقت، كما هددت إيران بأن أي تحرك ضد سوريا سيكون نهاية إسرائيل. فقد أعلن البيت الأبيض الخميس أن الرئيس باراك أوباما سيحدد قراره بشأن الملف السوري "وفقا للمصالح الأميركية"، من دون الحاجة إلى انتظار الأممالمتحدة أو حلفائه مثل بريطانيا، وذلك بعد رفض البرلمان البريطاني مذكرة تتيح للحكومة توجيه ضربة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي كيتلين هايدن "لقد شاهدنا نتيجة التصويت في البرلمان البريطاني الليلة"، مضيفة "الرئيس أوباما سيبني قراره على ما هو أفضل لمصلحة الولاياتالمتحدة. إنه يعتقد أن هناك مصالح أساسية للولايات المتحدة على المحك وأن الدول التي تنتهك المعايير الدولية المتعلقة بالأسلحة الكيمياوية لا بد أن تحاسب". يأتي ذلك بعد تصريح لوزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند قال فيه إن بريطانيا لن تشارك في أي عمل عسكري ضد سوريا بعد أن خسرت الحكومة على نحو غير متوقع اقتراعا مهما في البرلمان حول هذه المسألة. وتوقع في الوقت نفسه أن يتم ضرب سوريا. وأكد رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أنه لن يتخطى إرادة البرلمان بالموافقة على مثل هذا العمل، مضيفا أنه سيتصرف في ضوء ذلك. وكان اجتماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن قد انتهى دون التوصل إلى قرار بشأن سوريا. وسبق للمجلس أن عقد اجتماعا الأربعاء بشأن مسودة قرار من شأنه أن يفوض باستخدام "كل القوة الضرورية" ردا على مجزرة الغوطة، لكنه لم يصل إلى اتفاق بسبب انسحاب مندوبي روسيا والصين. وفي هذه الأثناء طالبت روسيا بإبقاء مفتشي الأممالمتحدة في سوريا مدة أطول لزيارة مزيد من المواقع التي تردد تعرضها لهجمات بالأسلحة الكيمياوية، كما طالبت بأن يأخذ مجلس الأمن الدولي في الاعتبار تقرير الخبراء الروس الذين فتشوا موقع استخدام سلاح كيمياوي في خان العسل بريف حلب. تهديدات وفي هذا السياق، هددت إسرائيل برد قوي إذا تعرضت لهجوم من سوريا، ردا على أي هجوم غربي قد تتعرض له. وجدد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز التأكيد على ما قاله مسؤولون آخرون من أن "إسرائيل لم تتورط وليست متورطة في القتال السوري"، وقال إنها سترد بقوة على أي هجوم يستهدفها. ويترافق التهديد الإسرائيلي مع تهديد إيراني لإسرائيل قال فيه قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري إن "أي هجوم عسكري أميركي على سوريا سيؤدي إلى زوال إسرائيل قريبا. وستكون سوريا فيتناما أخرى للأميركيين". على الصعيد نفسه، قال رئيس الوزراء الإيطالي إنريكو ليتا إن بلاده لن تشارك في أي عملية عسكرية ضد سوريا إذا لم تؤيدها الأممالمتحدة، مضيفا أن إيطاليا تساند تماما الإدانة الدولية لنظام الأسد، وأنه "يجب على المجتمع الدولي أن يرد وبقوة على الأسد ونظامه وعلى الفظائع التي ارتكبت". أما رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، فقال إن بلاده مقتنعة بضرورة تنفيذ حملة عسكرية غربية ضد الأسد، مشيرا إلى أن بلاده لم تقرر بعد المشاركة عسكريا فيها. وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إنه "يجب بذل كل جهد من أجل حل سياسي، لكن هذا لن يحدث إلا إذا استطاع الائتلاف أن يظهر كبديل يتمتع بالقوة اللازمة خاصة على صعيد جيشه". أما رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس فرأى أنه لا يزال هناك مجال للتوصل إلى حل سياسي عبر العزل الاقتصادي والسياسي للنظام السوري، مضيفا أنه إذا شاركت روسيا والصين في الموقف فستؤدي الضربة العسكرية إلى نتائج عكسية. وعلى الصعيد العربي، عقد مجلس الوزراء الكويتي اليوم اجتماعا استثنائيا، وحث المجتمع الدولي على "تحمل مسؤولياته الأخلاقية في مواجهة الأعمال الإجرامية (في سوريا) واتخاذ إجراءات عملية رادعة لمنع تكرارها"، وذلك في إشارة إلى إدانته لمجزرة الغوطة. وقال وزير الخارجية المصري نبيل فهمي إن بلاده لن تشارك في أية ضربة عسكرية ضد سوريا وإنها "تعارضها بقوة"، مضيفا في بيان رفض بلاده استخدام الأسلحة الكيمياوية من أي طرف. تحرك عسكري وبالتوازي مع التصريحات السياسية تواصل الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية محتملة لسوريا، فقد عززت واشنطن وجودها في البحر الأبيض المتوسط، وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية اليوم إرسال ست طائرات حربية إلى قاعدتها بقبرص، ونقلت تقارير صحفية فرنسية أن باريس أرسلت فرقاطة لتنضم للأسطول الحربي المرابط قبالة السواحل السورية. وبينما رصدت حشود للقوات الأميركية والأردنية المشتركة على طول الحدود الأردنية السورية، قررت روسيا -حليفة نظام دمشق- إرسال سفينتين حربيتين إلى شرق البحر المتوسط.