انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السياسة الخارجية للولايات المتحدة إزاء الأزمة السورية ووصف خطاب الرئيس باراك أوباما الأخير للشعب الأميركي بهذا الشأن بأنه "خطير للغاية". ففي مقال كتبه بوتين بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أنحى الرئيس الروسي باللائمة على أوباما لسعيه للتصرف بعيداً عن منظمة الأممالمتحدة قائلاً "إن القانون يظل قانوناً وعلينا الامتثال له سواءً راق لنا أو لم يرق". وأضاف أن لا أحد يرغب في أن تواجه الأممالمتحدة نفس المصير الذي آلت إليه عصبة الأمم من قبلها والتي انهارت -كما أشار- بسبب افتقارها لنفوذ حقيقي. واستطرد قائلاً إن انهيار الأممالمتحدة ممكن طالما أن "الدول المؤثِّرة تتجاهل الأممالمتحدة وتنصرف إلى العمل العسكري دون تفويض من مجلس الأمن الدولي". وقال إن ما دفعه للتحدث مباشرة -عبر المقال- إلى الشعب الأميركي وقادته السياسيين تلك الأحداث التي شهدتها سوريا مؤخراً. وأوضح -في مقاله المنشور قبيل مباحثات بين روسياوالولاياتالمتحدة اليوم الخميس في جنيف- أن ضربة محتملة ضد سوريا "ستسفر عن مزيد من الضحايا الأبرياء والتصعيد، ومن شأنها أن تنشر الصراع إلى أبعد من حدود سوريا". وتابع "إن أي ضربة سوف تفاقم العنف وتُطلق العنان لموجة جديدة من الإرهاب. وقد تقوض الجهود المتعددة الرامية إلى حل مشكلة النووي الإيراني والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتزعزع استقرار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر. بل إن من شأنها أن تُفقد منظومة القانون والنظام الدولي برمتها توازنها". وقال إن لا أحد يساوره الشك في أن ثمة غازاً ساماً استُخدم في سوريا، "لكن هناك من الأسباب ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأنه لم يُستخدم من قبل الجيش السوري بل إنها قوات المعارضة التي تقف إلى جانب الأصوليين بغية تحريض ولاة نعمتها الأقوياء على التدخل". وأردف قائلاً إن ملايين حول العالم باتوا ينظرون يوماً بعد يوم إلى أميركا ليس على أنها نموذج للديمقراطية بل على أنها أضحت تعتمد على القوة الباطشة فحسب، مبيناً أن تلك القوة أثبتت "عقمها وعدم جدواها" من أفغانستان إلى ليبيا والعراق. ومع إقراره بأن علاقته العملية والشخصية مع أوباما تتسم "بثقة متزايدة"، إلا أنه لا يتفق معه في مقولته عن "التفرد الأميركي" حين أورد في خطابه الأخير أن سياسة الولاياتالمتحدة هي "التي تجعل أميركا مختلفة. وهي التي تجعلنا متفردين". وكتب بوتين تعليقاً على مقولة أوباما تلك أن "من الخطورة بمكان دفع الشعب لكي يرى نفسه متفرداً مهما كانت الدوافع. هناك دول كبرى وأخرى صغرى، وهناك دول غنية وأخرى فقيرة، ودول ذات تقاليد ديمقراطية عريقة وأخرى تتلمس طريقها نحو الديمقراطية. وهي دول لها سياسات مختلفة أيضاً. نحن كلنا مختلفون، لكننا عندما نتضرع إلى الله لا ينبغي أن ننسى أنه خلقنا سواسية".