تحت عنوان "الحقيقة في خطر"، وعلى وقع معاني التضحية على درب الحرية، نظمت شبكة الجزيرة أمس السبت مهرجانا للتضامن مع الزميلين عبد الله الشامي ومحمد بدر، المعتقلين في مصر على خلفية تغطيتهما للأحداث التي أعقبت الانقلاب العسكري الأخير. وإلى جانب العديد من صحفيي الشبكة وأهالي الزميلين المعتقلين، شارك في المهرجان لفيف من الحقوقيين وممثلون عن المجتمع المدني وصحفيون من مختلف البلدان. وقال مدير شبكة الجزيرة بالوكالة الدكتور مصطفى سواق إن مطاردة واعتقال الصحفيين تعكس تصميم الأنظمة الدكتاتورية على اغتيال الحقيقة والزج بها في السجون، لحجبها عن الشعوب التي تتطلع للكرامة والحرية. توثيق التاريخ وأشاد سواق بأداء بدر والشامي في تغطية الأحداث التي أعقبت الانقلاب العسكري في مصر. وقال إنهما اعتقلا خلال توثيق مرحلة مهمة من التاريخ وأثناء تقديم خدمة جليلة للشعوب العربية. وحرص على تذكير السلطات المصرية الجديدة بأن الحقيقة لا تغيب ولا تتشوه بفعل اعتقال أو قتل الصحفيين، إنما تصمد أمام الموت وتتحدى عتمة الزنازين. وشدد على أن الجزيرة لن تتنازل عن سياستها التحريرية، وستمضي على درب الحرية الذي عمّدته بدماء شهدائها وتضحيات صحفييها في العديد من بقاع العالم. ولم ينس مدير شبكة الجزيرة لفت انتباه حكام مصر الجدد إلى أن جهودهم في مصادرة الحقيقة مصيرها الفشل في ظل ثورة الإعلام الجديد، مذكرا بأن الاحتياطات والقيود لم تمنع من تسريب نقاش سري بين قادة الجيش، في إشارة لفيديو تسرب أخيرا إلى وسائل الإعلام عن اجتماع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بضباط من الجيش المصري، وفيه تم التداول بشأن كيفية سيطرة الجيش على الإعلام. وأكد سواق أن الجزيرة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام اعتقال بدر والشامي، بل إنها تبذل جهودا حثيثة مع منظمات حقوقية وصحفية داخل وخارج مصر، وتتواصل مع الجهات السياسية لضمان الإفراج عنهما في أقرب الآجال. وإلى جانب تشديده على التضامن مع الصحفيين المعتقلين، أكد سواق أن الجزيرة مستمرة في مساندة الصحفيين من مختلف وسائل الإعلام الأخرى، وماضية في الانحياز للشعوب التواقة للحرية والتغيير. ثمن الحرية أما جهاد بدوي، زوجة عبد الله الشامي، فخاطبت الحضور بالقول إن الحرية هي أغلى هدف وينبغي الاستعداد لدفع ثمنها حتى وإن كان القتل أو المكوث في درك السجون. وعرّجت على أداء زوجها في ليبيا وتركيا وليبيريا ونيجيريا، وتلت على الجمهور آخر رسالة استلمتها منه، حيث بدا فيها صامدا وراضيا عما يتعرض له في سبيل تنوير الشعوب وكشف الكذب والزيف، وفق تعبيرها. بدورها تحدثت سالي بدر شقيقة محمد بدر، مصور الجزيرة مباشر-مصر، عما يتعرض له الناس من قمع وتضييق وتكميم للأفواه، في ظل ما سمته النظام العسكري الفاشي الذي يعتقل معارضيه وحتى مؤيديه لمجرد أنهم يختلفون معه في سفاسف الأمور، حسب تعبيرها. وتحدثت سالي عن التهم الواهية التي قالت إن الأمن المصري لفقها لشقيقها، كما سردت جانبا من معاناته الإنسانية وولادة طفله الأول في ظل تغييبه في المعتقل. إسبانيا وغوانتنامو وإلى جانب ذوي المعتقلين، شارك في المهرجان العديد من صحفيي الشبكة ممن قدموا تضحيات جسيمة في سبيل نقل الحقيقة، يتقدمهم نزيل غوانتانامو السابق المصور سامي الحاج والصحفي تيسير علوني الذي قضى سبع سنوات في إسبانيا بين الإقامة الجبرية والسجن. وبينما أبدى علوني أسفه لتورط القنوات المصرية في تسويغ اعتقال الإعلاميين، حث سامي الحاج على مراسلة السجينين، قائلا إنه على ثقة بأن الجزيرة تتولى رعاية أسرتيهما. وقدم كل من مدير مكتب الجزيرة في القاهرة عبد الفتاح فايد ومدير قناة الجزيرة مباشر أيمن جاب الله عرضا عن الانتهاكات والمضايقات التي تتعرض لها الجزيرة في مصر، بدءا من دهم مكاتبها ومصادرة أجهزتها وانتهاء باعتقال 45 من طواقمها. وتابع الجمهور تقريرا يرصد انقلاب النخبة المصرية على الجزيرة حيث تحولت من قناة تقود الثورة في نظرهم إلى راعية للفتنة ومتآمرة على الأمن القومي المصري. وبدا مثيرا للاستغراب تعبير الصحفي المصري إبراهيم عيسى عن فخره البالغ واعتزازه بقناة الجزيرة ليظهر في لقطة أخرى جديدة يكيل لها التهم ويصفها بالعمالة والتصهين. ولم تمر المناسبة دون تذكر شهداء شبكة الجزيرة الذين لفظوا أنفاسهم في الخطوط الأمامية بحثا عن الحقيقة مثل الصحفي طارق أيوب والمصور علي حسن الجابر والمراسلة أطوار بهجت.