دعا الرئيس التونسي منصف المرزوقي مساء الاثنين مختلف مكونات الشعب إلى الالتفاف حول الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها بعد التوافق من طرف الفرقاء السياسيين على مهدي جمعة رئيسا لها. وفي الأثناء تباينت ردود أفعال الأحزاب السياسية بين دعم اختيار جمعة أو التحفظ عليه. وفي كلمة له، أشاد المرزوقي ب"توافق" الأحزاب التونسية حول رئيس حكومة الكفاءات المقبلة، داعيا إلى الإسراع بإنهاء ما تبقى من المرحلة الانتقالية. وقال إن التوافق الذي حصل بين الفرقاء السياسيين يعد "نصرا جديدا للنموذج التونسي في الانتقال السلمي الديمقراطي الذي غلّب الحوار على الصراع". وتوصل المشاركون في الحوار الوطني مساء السبت بعد أشهر من المفاوضات المضنية للتوافق عبر آلية التصويت على وزير الصناعة المستقل في الحكومة المؤقتة الحالية مهدي جمعة (52 عاما) رئيسا للحكومة المستقلة المقبلة. ومع ذلك، عبّرت عدد من الأحزاب المعارضة -المنضوية تحت جبهة الإنقاذ الوطني- التي لم تشارك في عملية التصويت عن معارضتها لاختيار جمعة لكونه عضوا من حكومة علي العريّض الحالية. وقال المرزوقي "على جميع الأطراف ترك الحكومة تعمل في ظروف جيدة وأن لا تضع العقبات أمامها في ما تبقى من المسار الانتقالي، حتى نصل إلى الانتخابات في ظروف جيدة من الاستقرار الاجتماعي". مواقف حزبية وعلى صعيد ردود الفعل لاختيار جمعة، أعلن حزب التحالف الديمقراطي المعارض دعمه لرئيس الحكومة المقبلة ودعاه إلى الالتزام ببنود خريطة الطريق، وتحييد الجهاز التنفيذي، ومراجعة التعيينات داخل مؤسسات الدولة، والتصدي لظاهرة العنف والإرهاب. وقال الناطق الرسمي باسم التحالف الديمقراطي محمد الحامدي، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة التونسية، إن حزبه سيختبر الحكومة الجديدة ومدى التزامها بخريطة الطريق. من جانبه، طالب حزب حركة نداء تونس -وهو أبرز أحزاب المعارضة في تونس- الاثنين مهدي جمعة ب"الالتزام" بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة "قادرة" على تحقيق خمسة أهداف وصفها بأنها "عاجلة". وقال الحزب في بيان إن هذه الأهداف هي "مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن، واتخاذ إجراءات للإنقاذ الاقتصادي والمالي والحد من تدهور المقدرة الشرائية وتحسين الوضع الاجتماعي، ومراجعة التعيينات الحزبية في مؤسسات الدولة، وحل ما يسمى رابطات حماية الثورة، وتحييد المساجد سياسيا وحزبيا". واعتبر حزب نداء تونس أن تنفيذ الحكومة الجديدة للأهداف الخمسة "العاجلة" التي ذكرها سوف "يوفر المناخ الملائم لتنظيم انتخابات حرة نزيهة تضع البلاد على سكة الاستقرار وتحقيق الانتقال الديمقراطي". انسحاب نهائي في المقابل، قال رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي إنّ حزبه انسحب نهائيا من الحوار الوطني ولن يشارك في بقية أشغاله لأنه يعتبر أن الحوار خرج عن الوفاق وتحول إلى اتفاق بين طرفين، في إشارة إلى الرباعي الراعي للحوار وحزب حركة النهضة. وقال الشابي خلال مؤتمر صحفي إن رفض الحزب الجمهوري رئيس الحكومة الجديد لا يتعلق بشخصه بل لأنه شخصية غير معروفة سياسيا، مؤكدا أن الحوار انحرف عن أهدافه، بحسب تعبيره. وفي سياق ذي صلة، دعت "حركة وفاء" إلى تفعيل آلية المصادقة على الفريق الحكومي المرتقب من طرف المجلس الوطني التأسيسي بعد أن تكلف رئاسة الجمهورية رئيس الحكومة الجديد بتشكيل حكومته وتقديم برنامج واضح يتصدى للملفات ذات الأولويّة. وقالت الحركة في بيان لها إن الضرورة تدعو إلى تصحيح مسار الحوار الوطني والإسراع بتحديد موعد للانتخابات، وتفعيل المواد التي لم تلغ ضمن التنظيم المؤقت للسلطات. وأضاف البيان أن فشل الأحزاب في التوافق هو الذي دفعها لاعتماد آلية التصويت.