كتبه : زكريا الكمالي: الصحف التي كانت تنشر إعلانات موسمية، تبحث فيها عن "صحفيين، مندوبي مبيعات، سكرتارية " للانضمام إلى هيئتها، يبدو أنها ستقوم باستبداله إلى نوع جديد من المهن الإجبارية، على شاكلة: "مطلوب مهربين". قام اليمنيون بثورة بيضاء ضد نظام فاسد فرّخ من مهربي الغاز والديزل وكافة الثروات، ما لا يمكن حصره، وأجبر الأخير وسائل الإعلام البحث مهربين، خبرة 5 سنوات في تسلق الجبال وهبوط الأودية، للإفلات النقاط الأمنية التي تهجم على أي صحيفة أو منشور أو لافتات، تدعم الثورة وتهاجم الفساد. الحروب لم تعد تُدار بالوسائل التقليدية. في العصر الحديث، الإعلام، هو من يمنحك مفاتيح النصر فقط. في هذه الحالة، لايستطيع النظام أن يكون خصماً شريفاً .لا يمكن أن يصمد في معارك لا يشرف عليها أقاربه وأبناء عشيرته. يدرك أن صحفه الرسمية ضحلة، تقف معه بافتتاحيات كتبت منذ عشرين عاما، ويتم نشرها يوميا بعد تغيير مواقع الكلمات من أعلى إلى أسفل. هل تستطيع افتتاحية الثورة، التي لا تخرج من 500 كلمة كل يوم، أن تقارع مانشيت واحد لصحيفة أهلية ناشئة؟ لا أعتقد. إعلام السلطة، فاشل، ولا هدف له سوى نشر صورة الرئيس. الفضائية اليمنية التي تعتقد هذه الأيام أنها تقود معركة دفاعية غير مسبوقة، ولولاها لكانت الشرعية الدستورية في خبر كان، تثير الشفقة. تستخدم أسلحة القنوات المصرية أيام عدوان 67 . أمام هذا الخطاب الإعلامي الرسمي البائس، كان لا بد أن نشاهد الحملة المسعورة ضد الصحف الأهلية، من قبل أجهزة السلطة، ومنعها من الوصول إلى القارئ، عبر احتجاز كمياتها. شخصياً، راقتني الطريقة الاخيرة التي أتبعها النظام في احتجاز الصحف. الصادرة في صنعاء لا تصل تعز، والصادرة من تعز لا تصل صنعاء، ولا أؤيد فكرة التنديد من النقابة والصحف. مثلاً، أفُضّل أن يقرأ سطوري طقم، أو 3 جنود من الأمن المركزي، حتى يشاهدون أن في اليمن صحف غير الثورة و26 سبتمبر، ويعرفون ما يقوم به النظام من جرائم بشعة، خير من أن يقرأها ألف في وسط المدينة يعرفون كل شيئ. على رؤساء تحرير الصحف أن يضحون، فداءاً لرأس الثورة، ب1000 نسخة مقابل سحب أفراد نقطة أمنية إلى صف الثورة، عمل جبار، ولا يقدر بثمن. الاجتماع النقابي مع رؤساء التحرير، يجب ألا ينتهي ببيان فقط. ماذا تصنع البيانات مع مدير امن لا يعرف من التكنولوجيا سوى "جهاز إشارة " يبلغ فيه قادته أن الصحيفة الفلانية وصلت يافندم؟ إذا كانت النقابة لا تستطيع منح "فيزه" لكل صحيفة إلى المحافظات، فعليها أن تناشد النقاط العدالة، أن تقوم بحجز كل الصحف التي تمر من تحت أيديها، وخصوصا صحف أحزاب المشترك، وأن كانت ترى أن هذا الإجراء سيعاقب الكل، عليها أن تبحث عن مطبعة خاصة لصحف صنعاء في تعز. تطبع الصحيفة، و لاتمر من مثلث برمودا في الحوبان