الجوف.. محافظة لا تزل في جوف الصحراء بعيدا عن الاهتمام الحكومي، وعن عيون الإعلام.. غادرت سلطتها المحلية إلى صنعاء مع بدايات الثورة السلمية التي اندلعت العام الماضي ولم تعد حتى الآن. ومنذ ما يزيد عن 14 شهرا وشباب الثورة بالجوف هم من يؤمنون الطرقات ويحرسون لمنشئات المدنية والعسكرية في المحافظة بما في ذلك اللواء 115 مشاة وقدموا في سبيل ذلك عددا من الشهداء.
وفي هذا الحوار مع عبدالحميد محمد عامر -رئيس المكتب التنفيذي للإصلاح بالجوف- نسلط الضوء على بعض أوضاع المحافظة..
حاوره/ مبارك العبادي
هل استقر وضع المحافظة؟ - وضع المحافظة مستقر ولله الحمد منذ انتهاء المواجهات في شهر رمضان العام الماضي وحالات الاحتراب والثأر تلاشت بشكل كبير جدا.
هل بسطت السلطة نفوذها على كافة المديريات؟ - السلطة لم تبسط نفوذها على المحافظة منذ خمسين عاما، كانت مغيبة قبل الثورة السلمية ، أما اليوم فقد غابت بشكل تام. والسلطة المحلية تمارس مهامها اليوم من العاصمة وتعبث بمقدرات المحافظة في ظل صمت رهيب لحكومة الوفاق التي لم تحرك ساكنا.
هل استلم الجيش المواقع العسكرية التي سيطر عليها الثوار؟ - أعلن الثوار استعدادهم التام لتسليم كل ما بحوزتهم من المنشئات لحكومة الوفاق أو بموجب توجيهات الأخ رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي، وحتى هذه اللحظة لم يطلب من الثوار شيئ من هذا القبيل.
كيف هي علاقة الإصلاح بالحوثي بعد المواجهات الأخيرة؟ - علاقة الإصلاح بجميع مكونات المحافظة جيدة جدا بما فيهم الحوثيون الذين أبدى عدد منهم أسفهم على الأحداث الماضية، وأكدوا صراحة على وجود أيادي تخريبية تعبث بأمن المحافظات وتعمل على جر الثورة بعيدا عن أهدافها ومحاولة إغراقها في مستنقع الاحتراب والاقتتال الداخلي.
هل صرفت مرتبات الموظفين؟ - مرتبات الموظفين تصرف بصورة منتظمة ولكن من العاصمة صنعاء حيث يتواجد المحافظ ومدراء المكاتب المختصة.
كيف ترى التفجير الانتحاري الذي حدث بالجوف مؤخرا؟ - أي عمل فيه ترويع للمواطن أو إقلاق للسكينة العامة وإزهاق للأرواح أيا كان مصدره هو عمل مرفوض ومدان، وهذا موقف معلن سبق وأن عبرنا عنه في أكثر من مناسبة وتبناه المجلس الأعلى في العاصمة الذي دان جميع هذه الحوادث المخالفة لأعراف وعادات وتقاليد شعبنا وتتنافى مع تعاليم الإسلام الحنيف.
هل بالإمكان أن تتحول الجوف إلى ملاذ للجماعات المسلحة؟ - من الطبيعي أن تتواجد الحركات المسلحة في أي مكان تغيب منه الدولة والجوف إحدى المناطق التي قد تغري من يفكر في الحرب والقتال نظرا لطبيعتها الجغرافية والحرمان الذي تعيشه المحافظة منذ خمسة عقود، وحتى بعد اندلاع الثورة الشعبية لم تستطع حكومة الوفاق سد الفراغ وقد تعلمنا أن المكان الذي تتركه فارغا يملؤه غيرك، وهو ما يحدث فعلا في كثير من محافظات الجمهورية كصعدة وأبين وغيرها وليس الجوف استثناءا منها.
كيف ترى الجوف بعد الثورة؟ - الجوف مع الثورة وهي تنشد الأمن والاستقرار والتنمية والمواطنة المتساوية، والجوف أيضا لديها هاجس كبير أن تنساها الثورة الشعبية كما نستها ثورة 26 سبتمبر 1962م لتظل خمسين عاما أخرى من النسيان.
ما مستقبل العمل السياسي في المحافظة؟ - مستقبل العمل السياسي في المحافظة واعد لأن لدينا تجربة من العمل المشترك تكاد تكون فريدة من حيث الانسجام والتعاون والتواصل بمختلف الأطراف، ونأمل أن تتم في غياب الغبن السياسي الذي عشناه طيلة عشرين عاما الماضية.
وبالمناسبة: نحن ندعو جميع الأطراف إلى نبذ العنف وترك السلاح والتوجه إلى مؤتمر الحوار الوطني وطرح كافة القضايا وبدون شروط مسبقة باعتبار الحوار الوسيلة الوحيدة أمام اليمنيين لحل مشكلاتهم وبناء الوطن مسئولية الجميع والحفاظ على أمنه واستقراره من أقدس الواجبات.
ما هو الدور الذي يمارسه الإصلاح في الجوف؟ - الإصلاح يبذل جهود استثنائية في مواجهة أمية متفشية من خلال الاهتمام بالتعليم العام ومدارس تحفيظ القرآن الكريم والتعليم المهاري وكذا الدفع والتشجيع على الالتحاق بالتعليم الجامعي بحسب ظروف وإمكانيات أبناء المحافظة البسيطة.
كما أنه يقوم بجهود كبيرة في المجال الخيري والتكافل ورعاية أسر الشهداء وكفالة الأيتام، كما يعمل على التدخل في النزاعات ويعمل على إصلاح ذات البين عبر عدد من رموزه الاجتماعية التي تحظى باحترام المجتمع، وقد كان له دور هام ومحوري في إنهاء عدد من القضايا ذات الطابع الثأري وتجنيب المحافظة عددا من مواقف الصدام القبلي، كما يمارس أدوارا فكرية في توجيه المجتمع وإرشاده إلى منهج الوسطية والاعتدال لتربية أفراد المجتمع على معاني روح الإسلام المواكب للحياة العصرية مع الحفاظ على الموروث الثقافي والاجتماعي الأصيل.
يتهمكم البعض كإصلاح للسعي للاستحواذ على كل شيء.. هل هذا صحيح؟ - لا يوجد أي شيء نستحوذ عليه ولو كان هذا الادعاء صحيحا لتم نهب المنشئات والمعسكرات التي لازلنا نحرسها حتى اللحظة ولم يثبت على الثوار أنهم عملوا على مضايقة أي موظف كما أنه تم توجيه الدعوات للإخوة في المؤتمر الشعبي العام عدة مرات لتدارس أوضاع المحافظة إيماناً منا بدور المؤتمر الشعبي وحرصاً على تعزيز الوفاق السياسي وستظل أيدينا ممدودة للتعاون.
كيف تنظر إلى أداء المحافظ والسلطة المحلية؟ - المحافظ غادر إلى صنعاء وطاقمه بعد اندلاع الثورة التي جاءت بعد يوم 14/3/2011م الدامي الذي تم فيه توجيه جميع الأسلحة النارية بمختلف الوحدات العسكرية وبمؤازرة ودعم مباشر من عتاولة الفساد من البلاطجة الذين أسقطوا في لحظة واحدة 41 شهيد وجريح من المتظاهرين سلميا أمام مبنى المحافظة.
أما المجلس المحلي فهو ضعيف ومغيب قبل الثورة، أما بعد الثورة فقد تلاشى تماما عدا الأمين العام للمحافظة الذي لا يزال متواجدا بالمحافظة والتعاون والتفاهم معه مستمر وهو شخص يستحق التقدير.
هل هدأت حدة قضايا الثأر والنزاعات أثناء وبعد الثورة؟ - قضايا الثأر تلاشت جدا وهو دليل قاطع على تغذية النظام السابق للصراعات القبلية وتسييس الثأر وإذكاء المشاكل.
ما أهم احتياجات المحافظة والمواطنين، وهل هي متوفرة؟ - احتياجات المحافظة لا حصر لها ابتداء بالطرق، ومرورا بالتعليم والصحة والكهرباء وفرص العمل والاهتمام بالزراعة والتخطيط والقضاء النزيه، وانتهاء بتواجد الدولة في كل مديريات المحافظة.
كيف كان انعكاس زيادة سعر الديزل على المزارعين في هذه المحافظة الزراعية؟ - كان لإقدام الحكومة على رفع سعر الديزل مردود سلبي للغاية ويشكل كارثة اقتصادية بكل ما تعني الكلمة وما كنا نتوقع أن يصدر مثل هذا عن حكومة الوفاق، وقد وجه أبناء المحافظة رسالة للحكومة تندد بهذه الجرعة واعتبروها عود مشنقة لهم في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وبوار المحاصيل الزراعية ونرى أن على الحكومة الاعتذار عن هذه الجرعة وتعويض المزارعين المتضررين.
ماذا عملتم بشأن ترتيب وضع المحافظة وما هي أهم أولوياتكم؟ - احتياجاتنا وأولوياتنا على طاولة رئيس مجلس الوزراء وقد علمنا أن مجلس الوزراء شكل لجنة لدراسة أوضاع المحافظة لكن هذه اللجنة ضعيفة وغير مبالية ولم تكلف نفسها عقد حتى اجتماع أولي لأعضائها ولا ندري متى ستزاول عملها..؟ نرى أنه عندما يتعلق الأمر بأي محافظة أخرى تحشد الحكومة كل إمكانياتها لحضور وتفعيل دور اللجنة ومدها بكل الاحتياجات، وعندما يتعلق الأمر بالجوف تموت اللجنة قبل أن تولد وهي بوادر سيئة تكشف عن أنانية مفرطة لحكومة الوفاق تجاه الجوف، نأمل تلافيه حتى لا نشعر بمواطنة غير متساوية كما كان في العهد البائد.
ما رسالتكم لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء؟ نوجه رسالة للأخ رئيس الجمهورية ورفيق دربه المناضل باسندوة ونقول لهم: ظلمت الجوف في العهد البائد طيلة خمسين عاما، ونرجو من الله أن لا تظلم في عهدكم.