مرة اخرى يبرز من يقول إن التوراة جاءت من الجزيرة العربية وإن مسرحها كان اليمن لا فلسطين. وبعد الكتاب الشهير "التوراة جاءت من الجزيرة العربية" للمؤرخ والباحث اللغوي الكبير الراحل كمال الصليبي والذي صدر سنة 1985 يأتي باحث لبناني آخر هو فرج الله صالح ديب ليقول ان اليمن هو مسرح انبياء التوراة.
وقد جاء كلام ديب في كتابه "اليمن وأنبياء التوراة..هل جاء المسيح الى صنعاء" الذي تألف من 211 صفحة متوسطة القطع وصدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت. ولديب كتاب اخر في هذا المجال اسمه "التوراة العربية وأورشليم اليمنية" صدر سنة 2009.
وقال المؤلف عن عمله الحالي "يتناول هذا الكتاب تبيان مسرح انبياء التوراة في اليمن حيث مدينة حبرون التي دفن فيها ابراهيم تقع شمال عدن وحصن اريحا (بالعبرية يريخو) مازال شمال صنعاء باسم يراخ وحصن اليهودية مازال جنوبيريم وجرار حيث تغرّب ابراهيم جنوب غرب صنعاء اضافة الى مئات الاسماء التوراتية.
"كما يتناول افلاس علم الاثار في فلسطين في تصديق كتابات التوراة وان النبي هود (اصل اليهود) كان في الاحقاف شمال عدن وان الانصار في يثرب كانوا يهودا. كما يتناول المسرح الجغرافي للنبي ابراهيم ويوسف وموسى وسليمان والحلال والحرام في دين اليهود والاسلام."
وتحت عنوان "الاثريات في اسرائيل تكذب اسطورة ارض الميعاد" قال فرج الله صالح ديب "مرة اخرى يكذّب علم الاثار في اسرائيل اسطورة "ارض الميعاد" وخطأ اسقاط جغرافية التوراة على فلسطين. فبعد تحقيق مجلة تايم(الامريكية) 18-12-1995 بعنوان "هل التوراة واقع ام خيال" جاءت مجلة "لونوفيل اوبزرفاتور" الفرنسية عدد 18 24-7-2002 لتنشر تحقيقا على امتداد عشر صفحات بعنوان "الطوفان.. إبراهيم.. موسى.. الخروج.. التوراة الحقيقية والاسطورة. الاكتشافات الجديدة لعلم الاثار" كتبه فيكتور سيجلمان.. جان لوك لوتييه.. صوفيا لوران.
"اضافة الى نحو سبعة كتب نشرت في فرنسا منذ 1998 حول المضمون نفسه وملخصه: ان علم الاثار في فسطين لم يؤكد ما جاء في اسفار التوراة وبالتالي فان "ارض الميعاد" الكنعانية... ليست في فلسطين وعليه فالاسطورة الصهيونية عن ارض الاجداد باطلة."
اضاف انه وفي مقابلة مع اسرائيل فلنكشتاين مدير كلية الاثار في تل ابيب جاء "ان الحفريات الاثرية سيطر عليها نص التوراة الذي كان يعتبر مقدسا" وكان ينتظر ان تصدق الحفريات وان تؤكد الرواية التوراتية. وحتى عام 1960 لم يكن اي عالم يشك في التاريخية المقدسة لرحلات الاباء "اي انبياء التكوين والخروج من ابراهيم حتى موسى. وكان المهم العثور على موجودات اثرية تؤكد النص. لكن منذ ذلك الحين والاثريات وسط معمعة."
وقال "اما فيكتور سيجلمان وإن كان اكثر جرأة من فلنكشتاين الا انه صهيوني بالقوة اذ كما حمل الشعب الفلسطيني وزر التفسير الصهيوني للتوراة فانه يريد تحميله ايضا وزر سقوط الوهم وتجلياته."
يقول سيجلمان "الامر بالنسبة للفلسطيني فان شرعية وجود دولة اسرائيل هي المطروح وليس الاراضي التي احتلت عام 1967. فبعد المؤرخين الجدد جاء دور الاثاريين الجدد في اسرائيل الذين وضعوا النص التوراتي محل الشك خصوصا حول تاريخية الاباء والانبياء وحول معبد سليمان."
وتابع سيجلمان يقول "وعليه فان الايديولوجيا الصهيونية التي اسس اليهود دولتهم على ارض الاجداد عليها لم تعد بالحسبان. ان علماء الاثار لم يعثروا على اي اثر لخراب معبد ولا مملكة متألقة لسليمان ولا اي شيء اخر. والنص التوراتي الذي ليست له مادية حقيقية ليس سوى اختراع ادبي. لكن ذلك لا يبدل ابدا ارتباط الشعب اليهودي بهذه البقعة المسماة ارض اسرائيل وبالعربية فلسطين."
وقال ديب "الحقيقة ان مسرح التوراة كان هناك في اليمن. فمن ابناء نوح حسب التوراة ازال وحضرموت وازال اسم صنعاء عاصمة اليمن حتى القرن السادس ميلادي او مدينة سام. كما ان ابراهيم رحل من اور قاصديم من بلاد بني قاصد اي يافع السفلى جنوباليمن الى مصر بين بريم وإب جنوبصنعاء. ولم يتساءل الفكر الغربي التوراتي عن مصراييم التوراتية وتناسى ان مصر الدولة الحاضرة كان اسمها التاريخي بلاد القبط. ثم ارتحل ابراهيم الى حبرون التي ما زالت باسمها شمال شرق عدن في منطقة الواحدي."
اضاف "ان الفكر العربي يلام تاريخيا وآثاريا ولا يلام الفكر الغربي. فهل كان الهمذاني (في كتاب الاكليل) والطبري (في تاريخ الامم والملوك) من الاغبياء عندما ذكرا ان فراعنة مصر ايام يوسف وموسى كانا الوليد بن الريان والوليد بن مصعب ام ان احدا لم يقرأ الطبري بل اعتمد فهرسه فقط؟ ان اليهود عشائر عربية يمنية نسبة الى النبي هود الوارد ذكره في القرآن والذي كان من الاحقاف شمال حضرموت."
وفي الحديث عن صور ينفي ان تكون هي نفسها المدينة اللبنانية الحالية ويقول "اما فعلا فان مدينة ومرفأ وقلعة صور العمانية... تقع على بحر العرب وعلى مداخل خليج عمان المرتبط بمضيق هرمز اذن صور وقلعتها التوراتية هي صور عمان او بني عمون لأن التوراة التي ظلت محفوظة بالسريانية تبدل الالف الى واو... وبالتالي عمان - عمون."
وينتقل الى مجال اخر فيقول عن صهيون انه "في التوراة العبرية ترد اسم صيّون وليس صهيون وبالتالي فان الهاء فعل لهجة عربية بدلت الياء الى هاء. لكن اين نجد صيّون في اليمن؟ انها مدينة سيئون اليوم... وسيئون مدينة يمنية على حافة وادي حضرموت."
وعن مصر يعود فيقول ان "مصر الحاضرة كان اسمها قبل الاسلام في القرن السابع بلاد القبط وفي التوراة ترد باسم مصرايم وبالتالي فان مصر هنا في اليمن."
من جورج جحا
(إعداد جورج جحا للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)