نجح الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، في انتزاع 112 مقعداً من مقاعد مؤتمر الحوار الوطني الشامل، المزمع إطلاقه نهاية الشهر الجاري، تنفيذا لاتفاق نقل السلطة الذي ترعاه دول مجلس التعاون الخليجي منذ أواخر نوفمبر العام الماضي. وأقرت لجنة الحوار اليمني، أمس الأول، منح حزب الرئيس السابق “المؤتمر الشعبي العام” وحلفائه 112 مقعدا في مؤتمر الحوار الوطني، الذي يبلغ قوامه 565 عضوا، من بينهم 62 عضوا يختارهم الرئيس الانتقالي، عبدربه منصور هادي.
وحصلت أحزاب “اللقاء المشترك” وشركاؤها على 137 مقعدا، بواقع 50 مقعدا لحزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة “الإخوان المسلمين” في اليمن، و37 مقعدا للحزب الاشتراكي، الذي كان يحكم جنوب البلاد حتى العام 1990، و30 مقعدا للتنظيم الوحدوي الناصري، الذي حكم الشمال منتصف سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى 20 مقعدا توزع على بقية أحزاب التكتل، وهي حزب الحق الديني الشيعي، واتحاد القوى الشعبية، وحزب البعث العربي الاشتراكي، إضافة إلى “المجلس الوطني للثورة الشبابية والشعبية”، التي يمثلها رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، ووزير ماليته صخر الوجيه.
فيما حصلت فصائل “الحراك الجنوبي” الانفصالية في الجنوب على 85 مقعدا، مقابل 35 مقعدا لجماعة “الحوثي” الشيعية في الشمال. وفي الآونة الأخيرة اتهمت أطراف رئيسية في “المشترك”، “الحوثيين” والانفصاليين الجنوبيين بالتحالف مع الرئيس السابق لإفشال العملية السياسية الانتقالية.
كما خصصت لجنة الحوار لثلاثة مكونات رئيسية في مؤتمر الحوار الوطني، وهي الشباب، النساء، ومنظمات المجتمع المدني، 120 مقعدا بواقع 40 مقعدا لكل مكون.
وقال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، في مؤتمر صحفي، الليلة قبل الماضية، إنه “سيتم الاتفاق على آلية لتمثيل الشباب والنساء والمجتمع المدني والحراك الجنوبي”، في إشارة إلى ضرورة حصول توافق بين طرفي “المبادرة الخليجية” على اختيار ممثلي هذه المكونات.وفيما حصل حزبا “الرشاد” السلفي، و”العدالة والبناء”، حديثي التأسيس، على 14 مقعدا بواقع سبعة مقاعد لكل حزب، أُقصيت من التمثيل في الحوار الوطني أحزاب سياسية عريقة وتكتلات قبلية بارزة، كحزب “رابطة أبناء اليمن”، و”مجلس التضامن”، الذي يتزعمه الزعيم القبلي النافذ حسين الأحمر.
وجاء الإعلان عن نسب تمثيل مكونات الحوار بعد أيام من مفاوضات مكثفة قادها المبعوث الدولي مع طرفي الاتفاق، خصوصا حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي كان قد رفض بشدة مقترحات سابقة بمنحه 60 مقعدا مقابل أكثر من 140 مقعدا لتكتل “اللقاء المشترك” وشركائه.وأعلنت ثلاثة أحزاب في تكتل “اللقاء المشترك”، وهي حزب الحق، “اتحاد القوى الشعبية”، وحزب البعث العربي الاشتراكي، أمس الخميس، اعتراضها على نسب تمثيلها في مؤتمر الحوار.
وقرر حزب “اتحاد القوى الشعبية” الانسحاب من المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، مجدداً في بيان صحفي، التزامه ب”المصلحة الوطنية العليا” وب”الأهداف التي قامت من أجلها الثورة الشبابية الشعبية” ضد الرئيس السابق العام الماضي.
وعزا الحزب قرار انسحابه من الحوار الوطني بعدم توفر “المناخ الضروري لتحقيق حوار مجدٍ ومسؤول”، معتبرا أن اليمنيين، وفق النسب المعلنة لتمثيل الأطراف المتحاورة، سيكونون أمام عملية عبثية ستعيد إنتاج الأزمات الوطنية و تفاقمها وتعقيدها”.
فيما دعت اللجنة المركزية لحزب “البعث العربي الاشتراكي”، لاجتماع السبت القادم “لاتخاذ موقف من المشاركة أو عدمها في الحوار الوطني”. وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب، نايف القانص، وهو الناطق الحالي باسم “اللقاء المشترك”، إن حزب البعث تعرض للإقصاء بالتمثيل غير اللائق به.
وأضاف القانص ل«الاتحاد» :”قررت تجميد عضويتي في تكتل اللقاء المشترك حتى يصدر الحزب السبت قراره بشأن المشاركة أو الانسحاب من الحوار”، معتبراً أن الرئيس السابق استطاع بذكاء “الانتصار” على “أحزاب اللقاء المشترك والمكونات الثورية”، ومتهما الرئيس الانتقالي ورئيس لجنة الحوار عبدالكريم الارياني، وهو النائب الثاني لرئيس المؤتمر، بالتواطؤ مع صالح في “هذه اللعبة السياسية”.
كما اتهم الأطراف الرئيسية في تكتل “اللقاء المشترك”، في إشارة إلى أحزاب “الإصلاح” و”الاشتراكي” و”الناصري”، بتقديم مصالحها الحزبية على المصالح الوطنية العليا من خلال القبول بمنح صالح وحزبه نسبة تمثيل كبيرة في مؤتمر الحوار.
وقال :” كان من المفترض أن يغادر صالح المشهد السياسي نهائيا مقابل الحصانة الممنوحة له لكنه بهذا التمثيل سيعود إلى المشهد السياسي بقوة وسيكون لاعبا رئيسيا وأساسيا في مؤتمر الحوار”.
وحسب مراقبين ومحللين سياسيين فإن صالح حقق “انتصارا كبيرا” على منافسيه في “اللقاء المشترك”، بعد أن نجح في امتلاك ما يزيد على ربع مقاعد مؤتمر الحوار الوطني.
وقال النائب البرلماني، ياسر العواضي، وهو قيادي بارز في حزب صالح، إن “المؤتمر استطاع أن يمرر ما يريده بخصوص نسب التمثيل في مؤتمر الحوار الوطني”.
وذكر الصحفي والناشط الحقوقي اليمني، عدنان الصنوي، ل«الاتحاد» إن نسب تمثيل الأطراف المتحاورة ستجعل من الرئيس السابق “لاعبا رئيسيا” خلال مؤتمر الحوار الوطني، خصوصا في ظل تحالفه غير المعلن مع جماعة الحوثي وبعض فصائل “الحراك الجنوبي”.