يقول علماء المنطق : أن المقدمات الخاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة، ويؤكد الكيميائيون أن إجراء تجربة ما دون ضبط المتغيرات لا تعني النتائج شئياً، وأيضاً يقول علماء المنطق الرياضي أن المعطيات الخاطئة في الهندسة الفراغية لا تساعد على استنباط حلول . وما دام الأمر كذلك فالوعود التي يطلقها فقهاء ومنظري الإسلام السياسي باعتبار الديمقراطية منهج للحكم وضمان حقوق الإنسان وسيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس وتطبيق مبدأ الحكم الرشيد وكلها تمثل هم نضالي يومي لفئات المجتمع وقيم إنسانية سامية لا يمكن أن تكون نتائج لممارسة خاطئة لهذه الجماعة أو أي جماعة دينية تصل إلى الحكم لعدة أسباب : السبب الأول : الديمقراطية منهج في الحكم وصلت إليه البشرية بعد نضال مرير وقاسي مع الاستبداد الديني والسياسي لأنظمة الحكم البطريركية والعسكرية، تفتق هذا النظام عن العقل البشري وابتدعه الإنسان من أجل اختيار منظومة الحكم على أساس برامجي تهدف إلى تحسين الأداء الإداري والوظيفي والمشاركة المجتمعية في تسيير الدولة والمجتمع . وهذه الجماعات تستند إلى الحق الإلهي وإلى نصوص دينية جامدة تحتكر الحقيقة وتعتبر البشر ناقصي الأهلية ولا يعرفون مصالحهم وأن خالقهم هو الأعرف باحتياجاتهم ومن يمثل هذه الاحتياجات هم أصحاب الحل والعقد ولذلك رفعوا شعارين هما "الحاكمية لله"، والإسلام هو الحل مستندين إلى نص "أن الحكم إلا لله" . ورفعهم لشعار الديمقراطية رغم الجدل الكبير الذي دار ويدور في أوساط تلك الجماعة يمثل موقفاً انتهازياً من أجل إحكام السيطرة على الدولة والمجتمع بعد شراكتهم للأنظمة العسكرية التي تحالفوا معها لإجهاض المشاريع الحداثية التي رفعت في ستينات وسبعينات القرن المنصرم، واستفادوا من هذه التحالفات في تحقيق ثروات وامبراطوريات مالية ضخمة وتمدد وتوغل في كل مرافق الحياة، وبعدها انقلبوا على تلك الأنظمة مستغلين تذمر ورفض الناس، وفساد أنظمة الحكم السابقة المشاركين في صناعته وفي كلا الحالتين كانوا هم الرابحين، ربحوا الفساد وكسبوا الثورة عليه، وأفضل مثال على ذلك اليمن، فلم يكن الإخوان المسلمون يوماً في الصف المعارض للنظام السياسي المتعاقب منذ 1962م وحتى 2011م ولم يتعرضوا للسجن أو الملاحقة، بل كانوا هم السجانين ومليشيات الموت التي عملت على تصفية الكوادر الوطنية في المؤسستين العسكرية والأمنية والقطاع المدني . وفي 2011م بعد انقلابهم على حليفهم السابق الجنرال علي عبدالله صالح كانوا هم من استفاد من الحراك الشعبي فتحولوا إلى نزهاء وشرفاء ولبسوا ثوب الفضيلة والنزاهة .