● لا احد يستطيع أن ينكر إننا نعيش فترة من الانقسامات الخطيرة والتناقضات السياسية المريبة .. إلا إذا كان هذا الأحد يجد في هذه الانقسامات ما يخدم أهداف سياسية ذات بعد اديولوجي عابر للحدود أو يضطلع بادوار في خدمة قوي من خارج الحدود ، وهذا واضح في تصرفات ومشاريع قيادات المنتظم السياسي اليمني المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وتلك المناضلة من خارج حدود دولة يصعب حتى وصفها بالرخوة أو الفاشلة .. حتى هذه المصطلحات لم تعد قابلة للاستخدام في وصفها بعد هذه الانقسامات التي تسببت فيها مساومات سياسة أدمنتها مكوناتها السياسية و الاجتماعية . ● فما جرى ويجري على الأرض يؤكد لنا كل تلك الهشاشة السياسية و الرخاوة – المؤسسية التي أضحت تئن بها الدولة اليمنية ، ليزداد الأمر تردي على كافة المستويات .. الأمنية و الاقتصادية والاجتماعية في ظل حكومة توافقت – لا بل اتفقت على تجنب مواجهة الانقسامات في مؤسسات الدولة الإستراتيجية منها و الخدمية ، مما وسع من مساحة الاختلالت الأمنية وشجع عصاباتها على وضع تلك المؤسسات تحت سطوة مساوماتها مع الدولة .. والجهات المستفيدة من وسطاء ومقاولين .. بصرف النظر عن أفقية أو راسية تلك العلاقة بين مقاولي التخريب و مقاولي إعادة التشغيل ؟! مما شجع مختلف القوي والتيارات المتطرفة لقاعدة الجهاد في جزيرة العرب وتلك المعتمدة نهجها مثل أنصار الشريعة وغيرها من هذه الفرق والأذرع إلي تحويل اليمن إلي مسرح عمليات و محافظات حضرموت و مأرب إلي قواعد ومناطق ايوى واستقبال وإمداد – لوجستية لبقية المحافظات .. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ولا يجد إجابات شافية لا من قبل المؤسسات العسكرية والأمنية و لا حكومة توافقت على تجنب مسائلة تلك الأجهزة هو : كيف عكست هذه الأزمة السياسية كل هذه التراكمات ؟! . ● ذلك سؤال يطرح نفسه بقوة .. والإجابات تبدءا من حقيقة رخاوة بل تأكل الدولة اليمنية ،التي ورغم التدخلات الإقليمية و الدولية الايجابية و تلك المتطلعة إلي ترسيخ نفوذها في اليمن ، لم يقابلها عمل سياسي ايجابي يعكس إدراك المنتظم السياسي اليمني لتلك التدخلات في شقها الايجابي الحريص على وحدة اليمن وأمنه واستقراره بل ذهبت في اتجاه استثمار شقها السلبي إلي حد العمل على تجاوز آليات المبادرة الخليجية وإخضاعها للمساومات في حوارها الوطني .. الذي تحول إلي ساحة لتحقيق مكاسب ذاتية – حزبية كانت أم عشائرية اجتماعية و مناطقية ضيقة ، ساعد على ذلك ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السفير: جمال بن عمر الذي رهن نجاحه بسياسة المساومات والترضيات إلي حد الذهاب بعيدا في ترسيخ حضوره كجزء من المشكلة لا البحث عن حلول لها ، من خلال الدفع في اتجاه بناء دولة فدرالية من أقاليم تتمتع بحكومات ومؤسسات تشريعية وتنفيذية ، بل ذهب إلي العكس من ذلك تماما لإرضاء أو استرضى إطراف حزبية وقوي سياسية إلي جانب قوي عسكرية أو اجتماعية رافضة للفكرة من أساسها ، و أخري مطالبة برسم طريق إلي التشطير من خلال أطروحات شطرية .. لفدرالية من شاطرين ، مستلهمة النسخة السودانية – وسيلة لتحقيق أهدافها . ● كل ذلك في غياب أصبح ملحوظاً بل وخطيراً للنظام الإقليمي ممثلا في مجلس التعاون الخليجي المعني بالمبادرة و المعني بكل ما يحدث على ارض اليمن ، كما هو معني بما يجرى في البحرين !! . ● وإذا كانت البحرين نافذة لزعزعة الأمن والاستقرار؟ وهي كذلك .. فإننا هنا نفترض أن اليمن هو البوابة التي تسعى ذات القوي الإقليمية إلي استخدامها ، وليس ما يجرى في(صعدة) من معارك يمكن حصرها في صورتها المذهبية أو حصارها في نطاقها الجغرافي في ظل ضعف الدولة و انقسامية مؤسساتها .. الأمر الذي يؤكد أن الدولة اليمنية قد أضحت قابلة للانفجار .. نعم الانفجار والانهيار وهذا يفتح الأبواب على كل الاتجاهات و في كل الاتجاهات للتدخلات السلبية لا داخل اليمن الذي سيصنف كدولة فاشلة بل وفي اتجاه الإقليم الذي توقفت ايجابيته عند افتتاح الجولة الأولى من الحوار الوطني . ● لم تصل الأزمة اليمنية إلي هذا المأزق الخطير فجأة ، ولا تسارعت تداعياتها الخطيرة على هذا النحو من فراغ .. فهي و بكل ما عكسته مظاهرها وأحدثته تبايناتها الخطيرة ليس سوي نتائج لموروثات التجزئة السياسية و الاجتماعية التي أنتجتها الذهنية القبلية و المناطقية الانقسامية ورسختها التدخلات الخارجية – الاستعمارية ، ولم تستطع الأنظمة الكليانية ولا الشمولية – الأيديولوجية ..تجاوزها بقدر ترسيخها لها و الرهان عليها في مراحل التشطير لاستدامة حكمها وبسط سلطانها وهذا جانب ما زالت أحداثه و صراعاته ماثلة وحية في الذاكرة .. بل وساحبة نفسها داخل الحوار الوطني ، الأمر الذي فرض شطرية الحوار وغيب مناطقية اجتماعية وجغرافية متفاعلة لم يعد السكوت عنها غير تأجيلا لمرحلة صراعية قادمة ، تتداخل فيها و تتشابك الأدوار الداخلية أو المحلية مع الأدوار الخارجية .. الأمر الذي معه ستتغير الأدوار.. لنجد أنفسنا امام تقسيم و تقاسم جديد ربما أعادنا إلي التجزئة لا التشطير .. وعندها على بن عمر أن يحمل حقائبه ويرحل ليأتي أستاذة ومعلمة الأخضر الإبراهيمي و القضية في حقيقتها تبادل ادوار وخبرات فاشلة .. في بلد وارث للانقسامية والتدخلات الخارجية . ● لم تعد التدخلات الإقليمية بالأصالة أو بالوكالة مجرد تكهنات .. بل حقيقة تجاوزت كل التوقعات وفتحت الأبواب والنوافذ لاستخدام كل الأدوات واستغلال كل ما دفعت به ثورة الساحات في ظل عجز وشلل مؤسسات الدولة التي أصبحت تتعامل بالمتاح لا بما يجب أن يكون الأمر الذي يتطلب تدخلا مباشرا من رئيس الجمهورية .. بصفته السيادية فضلا عن كونه اقل الإطراف حظا في الاختلافات معه أو علية في الداخل أو من قبل التدخلات الايجابية الخارج .. هل يفعلها الرئيس عبدربه منصور .. ام تتحول اليمن إلي سوريا في جنوب الجزيرة العربية وعندها ستسقط مطالب الفدرالية وربما لن نجد وسيلة إلي الكنفدرالية !! .