تشهد مدينة القطن بمحافظة حضرموت هذه الأيام وتحديداٌ في النصف الأخير من شهر جماد الآخر فعاليات مهرجان موسم زيارة الهدار اوزيارة القطن في ذكراها ال( 159 ) حيث يتم افتتاحها رسمياٌ وذلك من خلال قص الشريط للسوق التجاري إيذانا ببدء الفعاليات التي تعد تقليداُ سنوياٌ يحتفي به في الثالث عشر من جماد الآخر من كل عام , ولتسليط الضوء أكثر على تلك الفعالية وأبعادها التاريخية وما يصاحبها من فعاليات أخرى تقترن بها اجرينا الاستطلاع التالي : استطلاع/ خالد بلحاج في قلب وادي حضرموت الطويل وعند ملتقى الوديان الرئيسية فيه تقع مديرية القطن ذات المساحات الزراعية الشاسعة والقرى المتعددة والمناطق التاريخية العريقة التي ورد ذكرها في كتب التاريخ , وتزخر هذه المديرية بالعديد من الفعاليات والمناشط الاجتماعية المتميزة والتي تكسب نكهة خاصة بطيب أهلها وكرم أخلاقهم , ومن ذلك ما يعرف محليا باسم ( زيارة القطن ) المنسوبة تاريخيا إلى أحدى الشخصيات الاجتماعية المؤثرة في المنطقة خلال القرن الثالث عشر الهجري ألا وهو المصلح الاجتماعي السيد العلامة عمر بن محمد الهدار المتوفى سنة 1284ه , وقد سعى في حياته لتأمين الحالة الأمنية للمنطقة من خلال إبرام المواثيق والعهود بين مختلف القبائل بعدم الإخلال بالطمأنينة العامة وأجواء الاستقرار , وتم بمناسبة وفاته إقامة زيارة عامة لضريحه وعقد صلح قبلي عام بين مختلف قبائل المنطقة لمدة شهر جماد الآخر من كل عام , ساعد هذا الصلح على تشجيع دخول الناس إلى المنطقة في أمن واستقرار وأسهم بشكل كبير في ازدهار حركة التجارة فأقيم سوق سنوي كبير خلال هذا الشهر لا يكاد يوجد له مثيل فقد كان بمثابة السوق الحرة التي تزدهر فيه تجارة الترانزيت بين مناطق الوادي الخاضعة لكل من الدولة القعيطية والكثيرية ( سابقا ) , كما أن أهالي المناطق المجاورة قد ربطوا اقتنائهم للمستلزمات الخاصة به فارتبط تبعا لذلك مواعيد الزواجات والمناسبات الأخرى بموسم الزيارة هذا حيث لا يجد المواطن حاجته إلا في هذا السوق. (ظاهرة شعبية أصيلة) نظرا لهذا البعد التاريخي الهام وهذه الأهمية القصوى لمناسبة الزيارة فقد امتدت عبر السنوات وعبر مراحل تغير الأنظمة الحاكمة كظاهرة شعبية أصيلة لها جذورها التاريخية العميقة , فقبل أن يهل شهر جماد الآخر تنفض مديرية القطن غبارها استعداد لهذا الموسم وتجري التحضيرات لاستقبال الزوار والوافدين ويتم بشكل رسمي في أروقة السلطة المحلية ودوائر الخدمات العامة مناقشة سبل إنجاح هذا الموسم السنوي , كما تحضر عدة الألعاب الشعبية (الشبواني ) لإقامة مطلعها السنوي بهذه المناسبة , وتشهد فعاليات الزيارة ذروتها خلال الليالي المقمرة من الشهر وهو الموعد التاريخي لإقامتها استغلالا لوجود ضوء القمر . ( المطلع السنوي لعدة الشبواني) *تزامناٌ مع موسم الزيارة تقام فعاليات المطلع السنوي لعدة الألعاب الشعبية (الشبواني) بالمدينة حيث تشهد المدينة توافد المواطنين من معظم مناطق المحافظة ومن غيرها لمشاهدة فعاليات المطلع الذي تشارك فيه عدد من فرق الشبواني من مدن الوادي وعدد من شعراء ألدان الحضرمي المعروفين وتتنافس الفرق في إظهار مواهب أفرادها وحيويتهم من خلال الإيقاعات القوية والرقصات المتقونة وباستخدام العصي كما تلعب الأقوال الحماسية التي يمليها الشعراء دور في إذكاء شعلة الحماس لدى أفراد فرقة العدة , وتتجه جميع العدد إلى ساحة قصر السلطان كمكان تاريخي مناسب لإقامة سمر المطلع , وفي المساء يكون المواطنون على موعد ساخن مع السمر حيث تبدأ فعاليات (السَرِيِّة) بانطلاق موكب العدة إلى ساحة السمر التي تكتظ بالحضور ويبدأ السمر ويتناوب الشعراء المشاركون فيه إلقاء قصائدهم التي يعبرون فيها عن هموم المواطنين وتطلعاتهم ويتخلل أبياتها الشدو ببعض الأبيات بصوت ألدان الشهير حتى ينقضي السمر بعد ذهاب منتصف الليل فينصرف الناس في سكينة وأمن إلى بيوتهم بعد أن قضوا ليلة عامرة بالأفراح . ( السوق التجاري ) *وفي جانب آخر ومنذ بداية الأسبوع تحتضن مديرية القطن سوقا تجاريا مفتوحا يستمر خلال عشرة أيام في وسط الشهر يزدهر بمحلات بايعي الحلويات والألعاب للأطفال وغيرها من محلات المنتجات مثل المنتوجات اليدوية المحلية الصنع من الخوص وغيرها , كما يتوافد على سوق هواة بيع المواشي من أبل وأغنام وتفتح مطاعم شعبية لبيع اللحم المضبي والمحمس تلبي حاجة رواد السوق والزوار الذين يتوافدون على المديرية بالآلاف فتنتعش الحركة التجارية وتزدحم الشوارع الرئيسة للمدينة بحركة السير . ( فعاليات دينية وثقافية ورياضية ) من ناحية أخرى تقام على هامش الزيارة فعاليات دينية وثقافية ورياضية متنوعة وتشهد المدينة حركة تواصل اجتماعي بتبادل الزيارات ووفود الأصدقاء والأقرباء ونزولهم ضيوفا على أهاليهم ومعارفهم في المدينة ,,,,,, إن موسم زيارة القطن وإن كان ذا طابع شعبي بسيط إلا أن له تأثير ملموس على المديرية ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا , ولذلك يتطلع أبناء المديرية إلى السلطات المحلية والمركزية أن تسعى بجدية لتحسين أوضاع المديرية والعمل على وضع إستراتيجية بعيدة المدى لتطوير هذا الموسم واستغلاله الاستغلال الأمثل في ترويج سمعة المديرية وتراثها وتاريخها وازدهار حركة التجارة والسياحة فيها بما يخدم أبنائها ويعكس بشكل عام تراث وتاريخ هذا الوطن ,,,,,,