ربما ادت غارات جوية مكثفة على مدى يومين استهدفت تنظيم "القاعدة" في اليمن، الى مقتل وجرح بعض قادة التنظيم، لكن من المستبعد أن تقضي الضربات الجوية وحدها على الخطر الذي تمثله "القاعدة" على اليمنيين والغرب. وتضافرت عوامل عدة تتمثل في ضعف الحكومة المركزية وسوء تجهيز القوات الأمنية وتفشي الفقر والفساد، لتجعل من اليمن ملاذا مثاليا لتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" الذي وصفه الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه أنشط الجماعات التي "تتآمر على وطننا". واستخدمت واشنطن طائرات بدون طيار لاصطياد أعضاء التنظيم وقادته، سعيا الى منعه من التخطيط لمزيد من الهجمات مثل محاولته تفجير طائرة ركاب أميركية في كانون الأول (ديسمبر) 2009. وقال مصدر في أجهزة الأمن القومي في الولاياتالمتحدة امس الاثنين إن الحكومة الأميركية تعتقد أن التنظيم يخطط حاليا لشن هجمات على أهداف أميركية بما فيها السفارة الأميركية في صنعاء. لكن المحللين يقولون إن الضربات الجوية لا تلحق بالقاعدة سوى ضرر محدود. ويعتبر هؤلاء ان التنظيم سيظل مصدر خطر جسيم ما لم تستطع الحكومة معالجة تحديات مثل الفقر وعدم كفاية القوات الأمنية وتحد من الخسائر البشرية التي تتسبب فيها بين الحين والحين تلك الضربات الجوية، ما يغذي المشاعر المعادية للولايات المتحدة. وقالت الباحثة المتخصصة في شؤون الارهاب ومكافحته في منظمة "هيومان رايتس ووتش" ليتا تيلر "لا يمكن للولايات المتحدة ببساطة أن تقضي على خطر الارهاب بالقتل". وأضافت "على الولاياتالمتحدة والدول الأخرى المعنية أن تعالج كل العوامل المحركة للإرهاب بما في ذلك الفقر والأمية والتهميش السياسي وانعدام الفرص للشباب". والنجاح الرئيسي الذي حققته الطائرات بدون طيار هو الحد بدرجة كبيرة من تحركات "القاعدة" وقدرته على الاحتفاظ بمكاسب على الأرض مثلما كان الحال في العام 2011. ووقعت يومي السبت والأحد الماضيين هجمات عدة يفترض أن طائرات أميركية من دون طيار نفذتها في محافظات وسط اليمن وجنوبه. وقالت وزارة الخارجية اليمنية إن 55 متشددا قتلوا الأحد وحده، فيما واحدة من أكبر الضربات للتنظيم منذ العام 2012 على الأقل. وقال اليمن إن عشرة من مسلحي "القاعدة" قتلوا في هجوم السبت. واكد مصدر أمني كبير إن بين القتلى ثلاثة من قادة التنظيم. وقال خبير الارهاب في كلية الدفاع الوطني السويدية ماغنوس رانستورب ان "الضربات بطائرات من دون طيار ليست الحل على الاطلاق. فهي وسيلة علاج اولي تكتيكية لكنها يمكن أن تصبح في غاية الأهمية إذا كنت لا تريد أن يشاهد الغربيون الطائرات وهي تتساقط من السماء". لكن استخدام الطائرات بدون طيار يتسبب حتما في سقوط ضحايا من المدنيين. واعترفت الحكومة اليمنية بمقتل ثلاثة مدنيين في الضربة الجوية التي وقعت السبت في محافظة البيضاء. ويشير أستاذ العلوم السياسية اليمني عبد الغني الارياني إلى الزيادة الحادة في عدد عناصر "القاعدة" منذ بدأت حملة الضربات بالطائرات بلا طيار في 2003 من بضع مئات إلى آلاف عدة بحسب بعض التقديرات الان. وقال إن هناك أسبابا عديدة لهذه الزيادة وإن كان من الصعب استبعاد الاثر العكسي الناتج عن استخدام الطائرات بدون طيار. وأضاف أن "من العوامل التي ساهمت في نمو القاعدة في اليمن اعتماد الحكومتين اليمنية والأميركية اعتمادا كبيرا على استخدام هذا النوع من الطائرات كوسيلة مفيدة في تأجيل حل المشكلة بدلا من انتهاج منهج سليم شامل لحل المشكلة". ويشن "القاعدة" حاليا سلسلة عمليات اغتيال تستهدف كبار ضباط الامن والاستخبارات اليمنيين، ونجح امس واليوم في اغتيال اربعة ضباط.