الرئيس الزبيدي لم يخاف الرصاص فأنى يهاب النقد؟    همسة في أذن من يطالبون بفتح طريق عقبة ثره    دعوة لمقاطعة مبخوت بن ماضي    تفاصيل قضية "الزويكي" الذي حكم عليه الحوثيين بلإعدام لدفاعة عن شرفه بعد اغتصاب شقيقته    محلل سياسي: صراخ الرزامي ومرافقيه باسم عبدالملك الحوثي وسط الحرم المكي سيكون ثمنه الكفن لكل قيادات الجماعة وخاتم سليماني يشهد    خبير سعودي: أحمد علي عبدالله صالح مطلب شعبي لإخراج صنعاء من حكم المليشيات الحوثية    حملة تقودها وسائل إعلام الشرعية للنيل من الانتقالي ليست غريبها عليها    العطش وانعدام الماء والكهرباء في عاصمة شبوة يصيب مواطن بجلطة دماغية    رسائل مهمة للحوثيين و"الكيانات المساندة للمجلس الرئاسي".. نص بيان المجلس الوزاري لدول الخليج بشأن اليمن    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    في تصعيد جديد: مليشيا الحوثي تختطف مدير موريمن بعد مداهمة منزله    غارات دموية تستهدف نازحين عقب يوم من مجزرة النصيرات التي أسفرت عن 998 شهيدا وجريحا    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    بينهم طفل وامرأتان.. استشهاد 6 فلسطينيين بقصف إسرائيلي لبناية في غزة    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    مختار علي يعزز صفوف المنتخب السعودي امام الاردن    وديًّا: فوز متواضع لإيطاليا على البوسنة    رجل يقتل زوجته بالرصاص ويدفنها في المطبخ.. والكشف عن دافع الجريمة    إيران تمول والحوثي ينفذ: اختفاء 43 طفلاً من مراكز صيفية في ذمار    فيما وزير الخارجية يهنئ نظيره البرتغالي باليوم الوطني..الخارجية تدين استمرار التصعيد العسكري الصهيوني في ارتكاب مجازر يومية في غزة    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    جرة قلم: قمة الأخلاق 18    في ورشة لاستعراض ومناقشة التقرير الرسمي التاسع للجمهورية اليمنية    جسدت حرص واهتمام القيادة الثورية في تخفيف معاناة المواطنين.. فتح الطرقات.. مبادرات انسانية وموقف شعبي مؤيد    الضرائب تعلن عن امتيازات ضريبية للمنسوجات المحلية    تدشين مخيم مجاني للعيون بمديرية العدين في إب    أكدوا ثبات الموقف الداعم والمساند لفلسطين.. تحذير أدوات العدو ان من التمادي في خطواتهم ضد شعبنا واقتصادنا    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    العاصمة صنعاء تشهد الحفل الختامي وعرضاً كشفياً لطلاب الدورات الصيفية    صنعاء بعيدة.. التصعيد الاقتصادي الأخير يؤطر للانفصال    رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، الدكتور عبدالله العلفي ل"26 سبتمبر": ترتيب الأدوار مع الجهات ذات العلاقة بالقطاع الزراعي يؤسس لمسار أداء تكاملي    غارات دموية تستهدف نازحين عقب يوم من مجزرة النصيرات التي أسفرت عن 998 شهيدا وجريحا    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    تفاصيل جديدة بشأن انهيار مبنى تابعًا لمسجد ''قبة المهدي'' ومقتل مواطنين    الرواية الحوثية بشأن حادث انهيار مبنى في جامع قبة المهدي بصنعاء و(أسماء الضحايا)    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    ''استوصوا بعترتي'' و استوصوا بالمعزى!!    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي يدعو برامج المنطقة لزيادة عدد الألعاب والمسابقات والاهتمام بصحة اللاعبين    يورو 2024.. هذه قيمة الأموال التي سيجنيها اللاعبون والمنتخبات المشاركة    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    منتخب الدنمارك يقهر نظيره النرويجي بقيادة هالاند    أسعار الذهب في صنعاء وعدن صباح اليوم    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    أحب الأيام الى الله    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    ما علاقة ارتفاع الحرارة ليلا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث بابطين في دراسة تاريخية يوضح علاقة المهرة بحضرموت
نشر في هنا حضرموت يوم 02 - 06 - 2014

في دراسة تاريخية أعدها الباحث والمؤرخ علي بن محمد بابطين ( أحد كتّاب موقع هنا حضرموت ) حول حضرموت والمهرة أوضح فيها كثير من الحقائق التاريخية وأزال الخلط والالتباس بين المساعي والطموحات السياسية وبين المسلمات التاريخية والجغرافية واستشهد بكثير من الوقائع السابقة ، أكد في دراسته على ما يلي:
* . حق أبناء المهرة وسقطرة في إقامة مشروع سياسي مستقل إن وجدوا في ذلك حلا لمشكلاتهم الاجتماعية والتنموية.
* . بيّن في الوقت نفسه على أن المهرة قبيلة حضرمية وأرضها أرض حضرمية من أيام الملك الحضرمي (العزيليط) ومرورا بالحكم الكثيري والذي حكم مناطق واسعة من حضرموت
* . خلص الباحث إلى أن قيام شكل من أشكال الدولة لا يعطي للحكام أحقية إنكار هوية الإقليم لدواعٍ سياسية لأن كل هذه الأشكال السياسية أمور متغيرة لا يصح أن تكون سبيلاً لإلغاء الهوية الحضرمية وتستبدلها بهويات حكامها وهذا ما حصل فقد حكمت الدولة الكثيرية قرابة ستة قرون لكنها لم تمح الهوية الحضرمية وكذلك الإمارات اليافعية في الساحل والداخل.
بدأ الباحث في دراسته بتعريف الهوية ثم انتقل إلى تعداد أنواعها ثم فرّق بين الهوية التاريخية والأطماع السياسية ثم انتقل إلى المهرة القبيلة ومنشأها وعلاقتها بحضرموت الأرض وحضرموت القبيلة وفي نهاية دراسته أزال الإشكال بين المشروع السياسي الذي ينادي به ابن عفرار وبين الحقيقة التاريخية للمنطقة، يشار إلى أن هذه الدراسة جزء من بحث تاريخي يعده الباحث عن حضرموت.
لا يستغني طالب المعرفة والراغب في الوصول للحقيقة عن قراءة مثل هذه الدراسات التاريخية المؤصلة ومراجعتها وعرضها ونقدها فهي كفيلة بإزالة كثير من الأوهام والتي يحاول البعض جعل منها إشكالات لضرب النسيج الاجتماعي الواحد موقع حضرموت الأرض والشعب ينشر الدراسة كما وصلته من معدها في السطور التالية:
حضرموت والمهرة
دراسة تاريخية للمؤرخ الأستاذ : علي بن محمد بابطين
المقدمة
تعد مسالة الهوية من أكبر المسائل المهمة في البناء السياسي للدول والحركات السياسية ، ولابد من أن تكون الرؤية واضحة حول هذه المسالة .
والهوية كلمة مستحدثة لا تعرفها القواميس العربية القديمة ، وإنما ذكر الجرجاني في كتابه التعريفات قال :"الهوية الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق " .
وهيمن كلمة "هو" المقابل لكلمة "أنا" وعلى هذا فهي تعني علاقة الفرد بالآخرين المحيطين به والذين يحيون في نفس الإطار الجغرافي والتاريخي له .
لا شك أن العوامل السياسية قد تؤثر في مجملها في تحديد هوية سياسية مختلقة لكنها هوية لا يمكن ادعاؤها أو الدفاع عنها لأنها هوية قانونية مؤقتة
والهوية تتعدد بحسب ضيقها وسعتها وهي على هذا ثلاثة مراتب حسبما ظهر لنا :
أولاً: الهوية الدموية أو النسَبية (بفتح السين )أو العرقية ، وهي تشمل الأسرة والقبيلة أو التجمع الإنساني القائم على الارتباط العرقي ، وفي حال توسع هذا المجال قد لا يحكم بوجود رابط نسبي حقيقي داخل أفراد هذا التجمع ، حيث يصبح العامل الأمني والاقتصادي مبرراً لاستيلاد رابط نسَبي شكلي معتبر .
ويعد هذا المستوى من الهوية أدنى المستويات بحيث لا يستطيع استيعاب مكونات واسعة داخل المجتمع فهو في النهاية شكل ضيق جداً من أشكال الهوية ولا يسمح لقيام شكل سياسي إلا إذا تدخلت ظروف خارجية وحولت هذا الانتماء العرقي لهوية سياسية قانونية تستوعب قطاعات سكانية خارج إطار الرابطة النسَبية ، كل هذه الهوية المفتعلة- إن صح التعبير – غير قابلة للدوام بل هي مرتبطة بالواقع السياسي المتغير للنظام السياسي الراعي لهذا الشكل من الهوية المفتعلة .
ثانياً: الهوية المدنية القائمة على نوع من الارتباط السكاني بالمدينة أو مجموعة من المدن الصغيرة ، وهو شكل ضيق آخر من أشكال الهوية والتي ينطبق عليها ما سبق ذكره لكنه أقل شروطاً في التوسع إذ يكفي أن يكون الفرد ساكناً في المدينة متعلقاً بها لكي يتم ادماجه في الهوية المحلية .
ثالثاً : الهوية العامة لإقليم جغرافي معين يحمل في طياته تشابها تاريخياً واجتماعياً ،ويتم من خلاله تحديد إطار جغرافي واضح وحدود خارجية واضحة يمكن تلمسها من خلال أنماط اجتماعية تتعلق بالعادات والقيم كما تتعلق بنمط لغوي متقارب يحمل صفاتاً مشتركة .
رابعا : الهوية القانونية وهي تشمل نطاق سياسي – إداري يخضع لسلطة معينة قد يكون الإقليم مختزلا من هوية عامة أو واسعاً خارج نطاق الهوية التاريخية العامة .
ولا شك أن العوامل السياسية قد تؤثر في مجملها في تحديد هذه الهوية. لكنها هوية لا يمكن ادعاؤها أو الدفاع عنها لأنها هوية قانونية مؤقتة .
كان لآل كثير سلطنة استمرت أكثر من ستة قرون ولم يعط هذا آل كثير الحق للإدعاء بهوية خاصة أو إنكار الهوية التاريخية المشتركة
وقد تنشأ داخل الإقليم ذي الهوية المشتركة عدة أنظمة سياسية قد تدفعها لمحاولة خلق هوية خاصة لن يكتب لها النجاح لأن العوامل الاجتماعية واللغوية والتاريخية ستقاوم هذا المسعى وستبقى هذه العوامل المشتركة دافعا نحو توحيد سياسي خصوصا إذا ساهمت النواحي الاقتصادية والتنظيمية في تشجيع خلق كيان سياسي واحد .
كما أن بعض الأنظمة السياسية قد تتوسع خارج الإقليم التاريخي فيؤدي ذلك إلى محاولة خلق هوية مصطنعة بين الإقليم الأم والإقليم الجديد ولن تستطيع هذه الهوية المصطنعة الاستمرار إلا في حالة بقاء الحالة السياسية قوية وذات عوامل جذب اقتصادية .
وتعد حضرموت مثالا حيا واضحا للهوية التاريخية والاجتماعية واللغوية والثقافية وقد ولدت هذه الهوية مع أول مملكة حضرمية سياسية حكمت من شبوة غرباً وحتى ظفار شرقا ، وساهمت الجغرافيا المغلقة شمالا وجنوبا في تثبيت هذه الهوية الواحدة ، ثم تتابعت المحاولات السياسية لتأكيد هذا الإطار الجغرافي الواسع والذي يحدد الهوية الحضرمية من شبوة إلى ظفار .
لكن هذا العامل السياسي لم يكن وحده الدافع للقبول بهذه الهوية الواحدة فهناك عدد من الجوانب المشتركة سكانيا واجتماعيا وثقافيا ، فمجموع السكان في هذه المنطقة تجد لها تمددات متقاربة جداً ، إلى جانب النواحي الاجتماعية من ناحية الملبس والطعام والقيم الاجتماعية فهي متقاربة جداً ، كما أن الجوانب اللغوية المشتركة كالألفاظ والشعر وصيغ المعاقدات نجد فيها كثير من القواسم المشتركة .
وتعد حضرموت مثالا حيا واضحا للهوية التاريخية والاجتماعية واللغوية والثقافية وقد ولدت هذه الهوية مع أول مملكة حضرمية سياسية حكمت من شبوة غرباً وحتى ظفار شرقا
والكلام هنا على الهوية الحضرمية لا على التطلعات السياسية لجزء أو أكثر من الإقليم وهي تطلعات مشروعة ، لكنها لا يجب أن تمس الهوية المشتركة ، ومن أمثلة هذه التطلعات المشروعة داخل إقليم حضرموت الدولة الكثيرية التي حكمت مناطق واسعة من حضرموت لكنها لم تمح الهوية الحضرمية وتستبدلها بهويه كثيرية وكذلك الإمارات اليافعية في الساحل والداخل، ولا يعطي قيام شكل من أشكال الدولة للحكام أحقية إنكار هوية الإقليم لدواعٍ سياسية مستقلة لأن كل هذه الأشكال السياسية أمور متغيرة لا يعقل أن تؤثر في الثوابت المطلقة .
المهرة هل هي قبيلة حضرمية؟
نظراً للدواعي المزعومة من قِبل بعض الأسر التي نجحت في إقامة سلطنات لها ولأسرتها شملت منطقة المهرة وجزيرة سقطره في حقبة تاريخية سابقة فإننا محتاجون للإجابة بوضوح على هذا السؤال ، رغم أنه ليس من حق أحد إنكار هوية مشتركة ثابتة بسبب تطلعات سياسية قد تكون مشروعة لكنها تعارض الرؤية السياسية المنشودة من قبل شعب المنطقة الذي بسبب تنامي الوعي السياسي صار يرفض الرجوع إلى عهد السلطنات السابقة ويتطلع إلى حكم مدني واضح المعالم يكون فيه حق ممارسة السلطة مشاعاً بين كافة قطاعات الشعب الحضرمي وللإجابة على هذا السؤال يجب تحديد مقصود كلمة مَهْرة ، وهل هي أرض أم قبيلة ؟
والراجح بلا خلاف أن المهرة قبيلة ، فقد ذكر الفيروزآبادي قال "والمهرة بن حيدان حي " وقال الزبيدي في تاج العروس "حي عظيم وإليها يرجع كل مهري "
وهذا القول يوضح سبب اختلاف مساكن هذه القبيلة في حقب تاريخية مختلفة ، حيث كانت تسكن حول الشحر ، وعلى اعتبار الشحر ذو دلالات متعددة إذ يطلق في بعض المصادر على الساحل الحضرمي بكامله ، قال الهمداني "الأسعاء من مهرة" ص 45
وقد وفدت قبيلة مهرة شأنها شأن كثير من القبائل على النبي صلى الله عليه وسلم وكان عليهم مهري بن الأبيض الذي كتب له النبي صلى الله عليه وسلم كتابا جاء فيه " هذا كتاب من محمد رسول الله لمهري بن الأبيض على من آمن به من مهرة ألا يؤكلوا ولا يعركوا وعليهم إقامة شرائع الإسلام" وفي آخره كتب محمد بن مسلمة الأنصاري قال يعني بقوله لا يؤكلون أي لا يغار عليهم ، كما وفد رجل من مهرة يقال له زهير بن قرضم بن العجيل بن قباث بن قمومي المهري من الشحر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدنيه ويكرمه لبعد مسافته. ص 355 الطبقات الكبرى لابن سعد
قلت والراجح عندي أن تصحيفا لحق اسم الصحابي زهير بن قرضم فكلمة ( قمومي ) لعلها تصحيف كلمة الحمومي ومما يقوي ذلك أن العجيل لا يزال بيتا معروفا في قبيلة الحموم-وإن صح هذا الافتراض – فإنه يدل على أن مرجع كثير من بيوت قبيلة الحموم إلى قبيلة مهرة وقد ورد في كتاب لقمان (تاريخ الجزر اليمنية ) قوله عند الحديث عن بيوت قبيلة مهرة قال وبيت حراويز وهم قسم بدوي وقسم مستقر حوالي قشن ويدعون أنهم والحموم من أصل واحد ص 48
والذي يظهر أن المهرة كانوا يسكنون حول الشحر عند ظهور الإسلام ثم نتيجة لضغط القبائل الساكنة شمال الساحل الحضرمي تحركوا شرقا نحو مواطنهم الحالية وبقيت بيوت منهم التحقت بقبائل أخرى أو انقطعوا عن الانتساب للمهرة ، ولعل القائل أن الحموم والمهرة من أصل واحد لا يبعد عن الصواب . والحموم قبيلة حضرمية عريقة لا ينكر ذلك أحد .
وقد سكنت قبيلة المهرة في القرون المتأخرة في المنطقة الساحلية الواقعة بين وادي المسيلة غربا إلى منطقة حوف شرقا ، وقد عد المؤلف المهري سالم لحيمر القميري في كتابه المسمى (المهرة القبيلة واللغة) عدداً من منازل البيوت المهرية ومنها ( سيحوت ، قشن ، منطقة عتاب ، رضوت، حبروت ، ولغيضة ، ردفات ، نشطون ، طبوب، جانب ، هروت، مهرات ، ثوف ، شحن ، ايروب ، دقموت ، حوف ووادي طلغت ).
وكلها مناطق ساحلية أو قريبة من الساحل ، أما المناطق الشمالية عنهم والواقعة على طرف صحراء الربع الخالي الجنوبي فتسكنها قبائل من آل كثير عدها لقمان في كتابه الآنف الذكر وعد منهم آل راشد ، بيت هِنا ، بيت خوار في وادي كديوت ، وبيت عوبثان في وادي جزعا ويملكون نخيلا في منطقة ماريتوالمهيفيف في منطقة الغيضة ، وقبيلة الحراسيس.
ويذكر لقمان قصة مخطوط سُلم لمحمد مهدي فدعق القادم في وفد من عدن سنة 1967م إلى سقطرة لمؤلف مجهول يظهر من خلال مقدمته أنه من أهل سقطرة حيث يشرح بداية قيام دولة ابن عفرير فيها جاء فيها :" أقول أول استيلاء سلاطين آل عفرار وملكهم أرض المهري أن ثلاثة أنفار خرجوا من حضرموت أحدهم اسمه عفرار والعفيفي لقبه فهو ينسب إلى آل عفيف اليافعي بالجد، والثاني من الذين خرجوا من حضرموت عرشي والثالث عكشوت " ص67
والشاهد قوله من حضرموت وهو الاسم المتداول على الساحل من ظفار إلى عين بامعبد غربا ، وقد ذكر انجرامس المستشار البريطاني في كتابه عن حضرموت قال " ومن المفهوم الواسع الذي يستخدم اليوم فان منطقة الواحدي والدولة القعيطية والدولة الكثيرية والمهرة هي التي تدخل ضمن ذلك المصطلح ( حضرموت ) ولا يشمل المنطقة شرق المهرة وهي ظفار . ص 11
وذكر الخانجي في منجم العمران في المستدرك على معجم البلدان قال: حضرموت بلاد في أرض العرب قليلة الخصوبة والخيرات واقعة على شاطئ بحر عمان عرضها 12 درجة وطولها 71درجة يحدها شمالا صحراء الأحقاف وجنوبا بحر عمان وشرقا سلطنة مسقط وغربا ولاية اليمن "ص174ج2
وعلى هذا ومع عدم وجود المعارض المقبول فبلاد المهرة حضرمية الهوية ، وقبيلة المهرة قبيلة حضرمية .
وقد ذكر المؤلف سعد الجدحي المهري في كتابه عن تاريخ المهرة قبل الإسلام قال :"وقد كانت للمهرة قديما أحلاف وثيقة مع المملكة الحضرمية ، وأقدم ذكر للمهرة نجده في نقش المعسال رقم 4 الذي يتحدث عن مشاركة المهرة (مهرت) مع الجماعات والقبائل الحضرمية الأخرى بزعامة يهبئر في الانتفاضة التي قامت ضد الملك العزيلط " ص28
وقال :" واستخدام مصطلح (شعب) للمهرة مثلها مثل سيبان يدلل على اندماجها في البناء الاجتماعي السياسي للحضارة العربية الجنوبية"ص29[1]
وقد تتابع ذكرها في كتب التاريخ الحضرمي خصوصا منذ سنة 900ه ، ومن أخبارها ما يلي قال بافقيه صاحب تاريخ الشحر : وفيها خرج السلطان جعفر بن عمر الكثيري من ظفار إلى الشحر واستدعى حلفاءه من بيت زياد من المهرة ، قال وصاروا المهرة يومئذ منقسمين ، بيت زياد مع جعفر وبيت محمد مع بادجانة صاحب الشحر" ص14 وبادجانة هو سعد بن مبارك بادجانة الكندي .
وشهدت هذه الفترة نشاطاً عسكرياً لقبيلة المهرة حتى أن السلطان عامر بن عبد الوهاب صاحب تعز لما تحقق من عسكره عدم النصيحة استخدم جماعة من المهرة وأجزل أعطياتهم فتغير خاطر العسكر حيث آثر المهرة عليهم" ص124بافقيه (تاريخ الشحر)
كما قامت محاولات مهرية لأخذ الشحر لم يكتب لها النجاح ،كما ذكر المؤرخون عدداً من نقاط الالتقاء العدائية بين المهرة والبرتغالية ، وكما ورد ذكر مساعدة المهرة للبرتغاليين لأخذ الشحر ، فقد قال ابن حميد في تاريخ حضرموت " وكان دخول المخذول الشحر بمساعدة بعض المهرة فبعد ذلك حصل على أرضهم غيث كثير وأخرب دورا كثيرة في أرضهم " ص165ج1
وفي سنة 940ه جاء أنه وصل غراب من الافرنج لقشن ووجد جماعة كان قد حشدهم السيد عبدالله بن شيخ إلى عدن للشيخ عامر بن داود فأغرقهم وغالبهم بدو ومهرة " ص231 بافقيه مرجع سابق
قلت وعبارة " بدو ومهرة " واضحة الدلالة اذ المقصود بالبدو آل كثير المجاورين للمهرة في الإقليم.
وفي سنة 946ه ذكر أن الشريف ناصر بن احمد المتحالف مع السلطان بوطويرق أغار ومعه مئة رجل من بادية آل كثير والمهرة على بادية نهد ص269
وفي عهد السلطان بدر بوطويرق الكثيري كان هناك الكثير من العلاقات مع المهرة ، إذ كانوا جزءا من جيشه ،وكانت هذه العلاقات تتقلب بين العلاقات العدائية أو الثورات شأنهم في ذلك شأن العمودي في دوعن ونهد في الكسر وغيرهم ، وبين محاولات الصلح كما حدث سنة 955ه فقد ورد أن السلطان لما وصل حيريج جاء إليه سعد بن عيسى بن عفرار ساقطا فقبله ثم اصطلح هو وإياه على العدالة على الحصن وعلى أن لهم قواعدهم الأصلية ولا لأحد اعتراض عليهم في بلدهم " ص331
وتكرر هذا الصلح بن السلطنة الكثيرية وقبيلة المهرة في سنة 978ه وسنة 983ه .
وجاء في حوادث سنة 1118ه أن المهرة منعوا السلطان عمر بن جعفر الكثيري من دخول ظفار إلا بمقابل ثلاثمائة قرش " ص276ج2
وفي عام 1119ه وقعت بين آل الاحموم والمهرة في وادي المقراض ملقاة فقتل من المهرة ثلاثون رجلا ومن الاحموم ثمانية " ص278
وفي نفس هذا العام ذكر ابن حميد أن المهرة أخذوا ظفار من غير قتال ومعهم بدر بن السلطان محمد الكثيري ، ولما تولوها ولوا فيها سعيد بن عمر بن طوعري ، وقرر للسلطان بدر قوتا ومصروفا قال المؤلف تعليقا فسبحان المعز المذل "ص
وينقطع ذكر المهرة في المدونات التاريخية الحضرمية حتى سنة 1270ه حيث جاء أن السلطان علي لما وصل قصيعر اتفق بجماعة من حذاق المهرة والمناهيل وحالفهم الجميع وحالفوه " ص 121ج2
وفي سنة1283ه ذكر أن الكسادي حّجّر على المهرة ألا يعاملوا أهل قصيعر وريدة بن حمدات " ص251ج2
وجاء في أخبار سنة 1294ه أن المهرة منعوا آل عبدالودود أصحاب الريدة من دخول سيحوت وقالوا لهم إن بيننا وبين القعيطي مكاتبة وصلح ولا يمكن أن تسكنوا عندنا "ص373ج2
قلت وبعد هذا التتبع التاريخي الذي يدل على التداخل التاريخي بين قبيلة المهرة وغيرها من القبائل الحضرمية وهو ما يقطع القول حول هوية المهرة الحضرمية ولا يعني وجود كيانات سياسية مستقلة لهذه القبيلة أو تلك أن الكيان السياسي ذو هوية مستقلة تاريخيا فقد كان لآل كثير سلطنة استمرت أكثر ستة قرون ولم يعط هذا آل كثير الادعاء بهوية خاصة أو إنكار الهوية التاريخية المشتركة ، وإن كان يحق لهذه الكيانات السياسية خلق هويات خاصة فهي هويات قانونية وليست هوية تاريخية .
من حق المهرة السعي لإقامة كيان سياسي مستقل تحت قيادة ابن عفرار أو غيره لكن هذا الحق السياسي لا ينبغي له القفز على حقائق تاريخية واضحة أو الادعاء بهوية مختلفة أو استعداء المحيط الإقليمي
ومن المهم الإشارة إلى أمر مهم أنه من حق كل الجماعات والأفراد السعي نحو سلطة سياسية مستقلة ، فيحق للمهرة على هذا السعي لإقامة كيان مستقل إن وجدوا في ذلك حلا لمشكلاتهم الاجتماعية والتنموية ،سواء تحت قيادة قديمة كقيادة ابن عفرار أو قيادة جديدة تسعى للصالح العام ، لكن ينبغي أن يكون ذلك تحت أطر واضحة من أهمها وجود قدرات اقتصادية وبشرية تستطيع تحقيق المصالح العامة المنشودة ، وكذلك عدم استعداء المحيط الاقليمي ،لكن هذا الحق السياسي لا يحتاج ولا ينبغي له القفز على حقائق تاريخية واضحة أو الادعاء بهوية مختلقة ، وأرض كانت من أيام الملك الحضرمي (العزيليط) حضرمية وحتى الحكم الكثيري لن تكون سوى أرض وهوية حضرمية .
والله الموفق لكل خير
للملاحظات
[email protected]
– نقلا عن موقع حضرموت الأرض والشعب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.