في مطار عربي ..جلس فرج بامحذوف على كرسي الانتظار وإلى جواره حقيبته الصغيره وفي يده اليمنى الجواز اليمني ..اما رأسه فكان ملئ بالأفكار الكثيرة ..حول الحاضر والمستقبل….فيما … أحاطا الحزن والألم بقلبه ويكاد رأسه ينفجر منهما …. رغم كل ذلك كان فرج يغني (( يدندن )) بصوت منخفض لعله ينسى همومه بأغنية لبدوي الزبير تارة واحياناً لكرامه مرسال ..وفي احايين اكثر يتذكر الماضي مع اغنيات مطرب الجزيرة العربية الراحل الكبير محمد جمعه خان …او محضاريات الدكتور ابوبكر سالم بلفقيه … فرج يتمتع بصوت جميل لا توحي بنيته القوية و قامته القصيرة و بشرته السمراء التي تشبه التمر الحضرمي (( المديني )) _ لاتوحي بعذوبة صوته ورقة مشاعره..وإدراكه لكل تفاصيل الاحداث التي تدور حوله باعتبار ان نتائجها تنعكس على معيشته حاضرا ومستقبلاً…. في لحظات هروب فرج من واقعه المؤلم إلى الغناء.. سمع شخصاً يلقي عليه السلام ويقول له الاخ يمني ..فرد فرج بعفويه:جوازي يمني ..لكن الرجل كرر السؤال بشكل آخر قائلاً :يعني يمني….. واثاره صوت الرجل الغريب..فرد عليه فرج بلهجة حضرميه وبحده لافتة : (( كنك ..ياخي ..إيه بغيت ..جوازي يمني .. بغيت جوازي شله..تفضل..خارجنا كنك ))..لكن الرجل الغريب تبسم..و جلس بجوار فرج ..وقال بهدوء .انا يمني مثلك وهذا جوازي اليمني… وبداء الحوار التالي : فرج :إنت يمني ..و انا جوازي يمني الرجل الغريب: اولاً انا اريدك ان تعرف أن إسمي (( سيف نعمان )) وعرفت إسمك يا استاذ فرج لأنه مكتوب على حقيبتك بخط واضح . فرج : تشرفنا يا بو يمن سيف : تصدق أني اعتز واشعر بالفخر إني يمني فرج : يابختك ..ومبروك عليك سيف : وعليك ان تشعر بالفخر مثلي فرج : حاضر .. وتظاهر فرج بالانشغال وبداء يغني لكن بصوت مسموع قليلاً : ""بلانا بهم ..ربي """ !! فقاطعه سيف قائلاً: اظن هذه اغنيه للفنان اليمني ابوبكر سالم وعنوانها يازارعين الورد. لم يرد فرج ..إلا انه نظر إلى سيف نظره فيها إستغراب وضيق وتعجب ..فبادره سيف قائلا: اليست الاغنية للفنان اليمني ابوبكر سالم . فرج :نعم للدكتور ابوبكر سالم لكنه ليس يمنيا ..إنه سعودي وحصل على الجنسية السعودية قبل الوحدة . ..(( يعني )) ..حصل عليها وهو حضرمي والاغنية تغير اسمها من يازارعين العنب.. سيف: وماذا في الامر في ان يكون ابو بكر يمنياً ؟ فرج : تعال ..خذ إسمي واعطني إسمك سيف: غير ممكن مثل هذا الامر ..لأن إسمي يدل على شخصيتي فرج : وايضا فن الدكتور ابوبكر يدل على شخصيته الحضرمية سيف: انا فرد اما ابوبكر سالم فهو علم ..ومبدع فرج : ولهذا باتخلونه يمني..كيف تريد مني ان اقول ان حضارة الطين يمانيه مثلاً وحصن الغويزي يماني وهي تمثل عمل امه حضرمية شيدها الاجداد قبل ان يخطر في بال احدهم زيارة اليمن وليس الوحدة بمفهومها الحالي..وينطبق ذلك على الدكتور ابوبكر سالم والاستاذ علي احمد باكثير..وغيرهم سيف : لماذا الإنفعال ..يا اخ فرج ..فنان بقامة الدكتور كل امه تتمنى ان يكون منها فرج : ولهذا نحن الحضارمه متحمسون في القول أنه حضرمي بن حضرمي وابوه وجد جده حضارم ‘و بدأ يحقق نجاحاته الاولى من عدن..وليس له صلة باليمن لا ..من بعيد ولا من قريب سيف :اليمن كبير..لكنك تربط ابوبكر سالم بمساحة صغيرة.. فرج :تقصد حضرموت سيف: نعم ..يا ..اخي اليمن كبير فرج : (( باتغرمبي..شفك )) ..يابن نعمان سيف: لم افهم ماتقول فرج : طبعا لن تفهمه هذا كلام حضرمي ..مثل كلمات اغنيات الدكتور ابوبكر سالم ..ولا ادري ماذا تقصد بالكبير..فإن قصدت المساحه فإن حضرموت اكبر مساحه وإن قصدت الثروة فحضرموت الأغنى بثرواتها الطبيعية وبحرها الزاخر وإن قصدت التاريخ..لنبدأ من حضارة عاد التي لم يكن لها مثيلاً في البلاد… سيف ..قاطع فرج بضحكه عاليه ..قائلا.: انا لم اتحدث عن ذلك ياراجل ياطيب ..ياحبيب…ولكني اريد القول ان هناك وضع قائم (( وحدة )) يمنية علينا المحافظة عليها والتخلي عن العصبية والمناطقية كي نبني بلدا قويا.. فرج : نبني بلدا قويا ً ..نحارب به من ؟ سيف : انت تعرف انه لم يعد مكاناً للحروب الصغيره ولا اقصد بالقوة ..القوة العسكريه ..اقصد بالقوه ..القوة الإقتصاديه والنهضه العلميه والتطور الصحي.. هنا ضحك فرج لأول مره ..ولكنه ضحك مختلف (( كركره ))..وبدأ يمارس هوايته في الغناء ..فرفع صوته : كل من غلط مره عطُه عادك امل ..أما إذا تكرر خطاه الناس بتمله سيف متسائلاً: هل قلت شيئ خطأ.. يا ..اخ فرج فرج : اظن اني لم اسمع منك شيئاً ..صح ..من يوم بدأنا الجلسه لكن انا ساختصر النقاش و(( اجيبها )) من الآخر…بعد اكثر من 20 سنه من الوحده البلاد لاتعليم (( زي الناس )) .. فيها ولا صحه ..ولا اعمال ..زاد التقطع في الطرقات وإنتشرالقات بين الرجال والنساء .خذ مثلا انا اخذت إجازه من عملي بصعوبه لمدة 25 يوم فقط وذلك لعلاج والدتي التي ستأتي من المكلا في حضرموت بعد يومين من وصولي فرج : تقصد المكلا في اليمن فرج : انا اتحدث عن معاناه إنسانيه ..اما المكلا فكما يعلم الجميع انها عاصمة حضرموت ونافذة العرب على بحر العرب.. المهم سافقد عملي لو تاخرت على ال25 يوم وانت تعلم اني لن اجد عملاً لو عدت إلى حضرموت سيف : ولماذا التشاؤم ؟ فرج : البطاله ساكنه ربوع البلاد والناس هناك تبحث عن مخرج من البلاد وليس عن عمل داخل البلاد. فلماذا اعود واترك عملي ورزقي ورزق والدتي واسرتي فرج : وماهو مرض والدتك سيف: لا ..ادري لكن المستشفى الرئيسي في المكلا لا توجد به اشعه مقطعيه ..وهي من الاشياء الاساسيه في أي مستشفى ..وغياب مثل هذه الاشعه جعلني اخاف من ان تحتاج اشياء اخرى ولن تكون متوفره لديهم وهو الامر الذي اقلقني على والدتي فقررت السفر بها خارج البلاد ..رغم اني قد افقد عملي كما ذكرت لو ..لا سمح الله ..طالت فترة العلاج سيف : لا حول ولا قوة إلا بالله ..لكن هذا النقص ليس مسئولية الوحده .. وليس عيب الوحده فرج : بلا فلسفه..(( الوحده )) شيئ معنوي..وانا لا انظر للوحده كمسمى ..انا انظر للنتائج .. والنتائج كما ترى ..ولا تحتاج إلى تعليق.. اقلعت الطائره من المطار العربي..ووصلت إلى مطار دوله عربيه اخرى ..وفي المطار الآخر سمع فرج موظف يقول لزملائه (( طيارة )) العيانين __ هتوصل __ بعد نصف ساعه فين الشباب ؟؟؟؟بحث فرج…وهو يستمع إلى صوت الموظف في صالة المطار عن سيف هائل فرآه يحاور شخصا آخر ..فاشار له بيده بما معناه هل سمعت ؟؟ .. وكأنه يقول له انّ الناس تآتي إلى هذا البلد الكبير للتعليم أوالسياحه إلا مواطني الوحده يأتون للعلاج. كل ذا جري بينهم ومحمد باجنيد بينهم … وقد إستمع إلى حججهم ويحاول مسرعاً إنهاء إجراء مغادرة صالة الوصول في المطار العربي قبل ان يظن موظفوا المطار انه جاء في طائرة (( العيانين )). فلا يلتفت إليه احد ..لإن المعامله في المنافذ الحدوديه على نوع الجواز.