* يقول الشاعر سالم باذيب : مع الترحال كم شافت عيوني * مداين شارقة في ليلها ونهار بهن صلحت لي احوالي * ولكن الوطن غالي ينازعني حنين الشوق للصفراء وكيف اختار وبيحم رسم خالد في عيوني * وما في الكون اشقى من غريب الدار ويقول ايضاً : * ونفسي في الهوى حرة عصية * ومرهونة بكم يااهل الشمايل و لازالت طباعي حضرمية * وفي الاوطان ماارضى بالبدايل وان يسالك سائل * مكانه حضرمي دمي ولا زال على خاطري والبال * مازل عاد لازالت على خاطري والبال * ربما يأتي أبياته شبيهه ولكن من زاويه أخرى لا تبتعد كثيراً عن زوايا حب الوطن وقوة الإنتماء والحنين لمسقط الرأس سوى كان الوطن بكل قراه ومدنه وباديته أو إلى مضارب القوم من العشيرة والقبيلة ومسكن الأهل والخلان مثلما ذكرته الشاعرة ميسون بنت بحدل زوجة معاوية بن أبي سفيان وهي أماً لابنه يزيد وقد تزوجها وحملها معاوية من البادية الى قصره بالشام وضاق بها العيش في القصور وكرهت حياة الملوك وحنت إلى عيشة البادية وسعادة اهلها وبساطة الحياة والطبيعة والخيام ونباح الكلاب وتغريد العصافير فقالت: لبيت تخفق الأرواح فيه *** أحب إلي من قصر منيف وأكل كسيرة في كسر بيتي *** أحب إليّ من أكل الرغيف وكلب ينبح الطراق دونه *** إحب إليّ من ضرب الدفوف وخرق من بني عمي نحيف *** أحب إليّ من علج علوف : دائماً ما يشاركها الرأي في ذلك الشاعر السيد حسين المحضار حينما يرد عليها مراراً ويقول* الراس نود وأبن آدم يحن عا ما تعود فرحته بين أحبابه وعيده مهما بطا رد لا بلاده يريد أو ما يريد قربن لي البعد يا الله يا مقربات البعيد * * * * * * العود أحمد بعد مازرت في طيبه محمد لي مساعيه مشكوره حميده والركن لسعد طفت به يومنا حظي سعيد قربن لي البعد يا الله يا مقربات البعيد * * * * * * الشحر تشهد ان عهدي بها باقي مجدد ما تشوبه العلاقات الجديده دايم تنشد بها في قصيدي والنشيد قربن لي البعد يا الله يا مقربات البعيد ضبضب لنا سد والقبالي وكم من حيد أسود بانقبله لا صبحت سويده وأن حد خطا الحد نارنا باترده والحديد قربن لي البعد يا الله يا مقربات البعيد - * وللمحضار رحمه الله صولات وجولات من هذا القبيل من أشعاره الوطنيه الدالة على حبه وشغفه لوطنه حضرموت فتراه هنا يرد أيضاً يوافق برأيه مارمت به قبله الشاعرة ميسون بنت بحدل بأبيات أخرى عديدة ومنها قوله: من قال لي في مصر خذ قصرين * باقول بلا كوت في الهجرين لي عا طلوعي والنزول اجرين * والرزق ياتي رطب ولا حاف * الطف بنا يا واسع الالطاف * أما في ماجاء من روائع شاعر العزل الشهير حداد بن حسن نستمع الى حنينه وهو يقارن بين الغناء وبين كل بقاع المعمورة فلا يرى أغلى وأجمل من الغناء المملوءة بكل انواع المزايا وسبل العيش المتوافرة، وربما ليست في الغناء تريم وفرة من الثمرات والخيرات والحياة المدنية الحديثة كما هي موجودة في أقطار العالم، لكنها نفسية الشاعر الأصيلة التي تفضل زاوية في الوطن ومسكن تضربه الرياح وأصوات الأشجار وحفيف سعف النخيل الذي يطرب مسامع الشاعر ويلهم من ذلك أروع الأشعار:
قال الفتى بن حسن قلبي يحن لا خير بلدة * تريم فيها المنى والسول والمقصود طالت علي طولت والقلب في محنة وشدة * كالف شدايد والحمل مثقل ومشدود * لا سنقفورة كما الغناء ولا جاوه وجدة خيرة بلد واهلها اهل الكرم والجود * لو طفت فارض الاوربا يا محمد والهولنده الخير واجد * فيها تحصله موجود * وربما في كل مرة نتحدث فيها عن قيمة الوطن والحنين اليه والبعض يأخذه الشوق إلى مسقط الرأس ومراتع الصبا، وتفضيله على كل مباهج الدنيا فاننا نعود الى المحضار، ونرفرف معه في عالمه الوطن الجميل الفسيح المحبوب الغالي إلى قلبه: عيني امتلات منها لكن فوادي * ما فيه شي غير حبك يا بلادي ولعاد با يشتري فوقه و لا بايبيع * الهند فيها الهنا * والهند فيها المنى والجو في الهند غايم تحسب انه ربيع ما اجمل الهند لكن ارضي اجمل * يشتاق قلبي لها من حين يرحل يذكر زمان الصبا وايام عاده رضيع الهند فيها الهنا * والهند فيها المنى * والجو في الهند غايم تحسب انه ربيع * ومازلنا نرافق للسيد المحضار في أسفاره ونلازمه حله وترحاله لنسمعه دائماً يغرد مخاطباً الطيور في السماء ومخاطباً الكون بأكمله ومخاطباً أشواقه ومحاولاً من تهدأة ولعه وشغفه فنسمعه: عزي وطاني * من حيث يدي تصل فيها كناني * من كل قاطر وبل خله يعاني * من لا لقى له مكن قال بو محضار * طابت مجاني * شعب القبالي * وخضبت فيه لشجار رحم الله شعرائنا الحضارم وألف رحمة للمرحوم لفنان حضرموت الكبير وشاذيها الأول/ كرامة سعيد مرسال..