كشف مصدر مقرب من الرئاسة اليمنية أمس أن هناك مخاوف سياسية من احتمال التفاف الحوثيين على الاتفاقات المبرمة مع القوى السياسية ومن محاولة الانقلاب على السلطة الشرعية في البلاد. وقال ل(القدس العربي) «ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه مساء الاربعاء بين الحوثيين والقوى السياسية اليمنية على تفويض الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح على تشكيل الحكومة من كفاءات تكنوقراط لحسم الخلاف الذي نشب بين القوى السياسية حول الحصص الحزبية في الحقائب الوزارية، يجب أن يكون تفويضا كاملا لهما يتضمن إعلان التشكيلة الحكومية دون الحاجة الى الرجوع الى الحوثيين والى القوى السياسية حتى لا يقعوا في نفس الخلافات السابقة». وأوضح أن «الحوثيين لم يثبتوا حتى الآن التزامهم بالاتفاقات المبرمة بينهم وبين القوى السياسية والسلطة، وفي مقدمة ذلك اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي تم التوقيع عليه في 21 الشهر الماضي، يوم سقوط صنعاء في أيدي المسلحين الحوثيين والذي يلزمهم بالانسحاب من صنعاء ومن بقية المدن التي سيطروا عليها». وذكر أن المخاوف السياسية من الحوثيين تكمن في استخدامهم لهذه الاتفاقات كوسائل لكسب الوقت وتمرير الخطط التي يسعون الى تنفيذها، ومن بينها احتمال استخدام مجلس الحكماء القبلي الذي من المقرر انعقاده اليوم الجمعة في صنعاء بدعوة من جماعة الحوثي، كمجلس ثوري بديل عن المجالس التشريعية المنتهية الصلاحية في البلاد. وأعرب عن مخاوفه من احتمال حصول مثل هذا الأمر وقال «لو حصل أن قام الحوثيون بإعلان هذا المجلس القبلي المؤيد للحوثيين مجلسا تشريعيا ثوريا، فإن هذا سيكون انقلابا على سلطات الدولة وعلي شرعية الرئيس هادي المنتخب من الشعب مباشرة». وأوضح أن تشكيل الحوثيين لمثل هذا المجلس سيعني سحب البساط من تحت اقدام السلطة الحالية والقيام بمهامها التشريعية والتنفيذية، لأنه من المحتمل أن يتعذر الحوثيون بالفراغ الحكومي الحاصل في البلاد والقيام بتشكيل حكومة كفاءات من الكوادر المحسوبة عليهم والموافقة على ذلك من قبل مجلس الحكماء المعيّن من الحوثيين، وبالتالي لن يكون أمام السلطة سوى الاستسلام للأمر الواقع وتعذر ممارستها لصلاحياتها الدستورية، إثر النفوذ الحوثي وسيطرته على كل مقومات الدولة. وكان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن جمال بنعمر تمكن من حسم الخلافات الحادة حول الحصص الحزبية في الحقائب الوزارية وتوصل الى اتفاق بين الحوثيين والقوى السياسية مساء الأربعاء قضى بتشكيل حكومة تكنوقراط من كفاءات غير حزبية، وتفويض الرئيس هادي ورئيس الحكومة بحاح باختيار أعضاء الحكومة الجديدة، غير أن المخاوف من احتمال استخدام هذه الأطراف حق الاعتراض (الفيتو) على الأسماء المرشحة للمناصب الوزارية وبالتالي طالب سياسيون بتفويض كامل لهادي وبحاح لتشكيل حكومة الكفاءات. في غضون ذلك أعلن الناطق الرسمي لتكتل أحزاب اللقاء المشترك (الاصلاح والاشتراكي اليمني والوحدوي الناصري و3 أحزاب صغيرة)، عن اتفاق وشيك على تشكيل حكومة كفاءات بعيدا عن المحاصصة الحزبية، كما أكد بن عمر على وجود موافقة مبدأية من القوى اليمنية على تشكيل حكومة كفاءات يختارهم الرئيس هادي ورئيس حكومته الجديد بحاح وفقا لمعايير اتفاق السلم والشراكة الوطنية. إلى ذلك اعترض حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح على هذا الاتفاق بسبب انه لم يدع الى حضور جلسة هذا الاتفاق وحمّل المبعوث الأممي الى اليمن جمال بن عمر مسؤولية تجاهل دعوة حزب المؤتمر لحضور اللقاء الذي جمعه مساء الأربعاء بممثلين عن القوى السياسية والحزبية اليمنية والذي توصلوا خلاله الى صيغة الاتفاق الذي يقضي بتفويض الرئيس هادي ورئيس الحكومة بحاح باختيار وزراء حكومة الكفاءات. وأوضح الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر والأحزاب المتحالفة معه عبده الجندي انهم لم يشاركوا باجتماع القوى السياسية مساء الأربعاء ولم يتم دعوتهم إليه. ونسبت وكالة خبر للأنباء الى الجندي قوله «في حال كانت هناك اتفاقات جديدة أفضت إلى أن يعين الرئيس هادي حكومة مستقلين، فإن المؤتمر الشعبي وأحزاب التحالف لن يرفضوا، وإن كانت مخالفة لاتفاق السلم والشراكة الوطنية». وأضاف الجندي «ان تشكيل الحكومة بهذه الطريقة لن تجد لها غطاءً حزبياً يدعمها، وتعتبر هروباً من المسؤولية وإلقائها على الرئيس هادي ورئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة خالد بحاح»، وبناء على ذلك «لن يعتبر المؤتمر الشعبي العام نفسه مشاركاً في هذه الحكومة المختارة من قبل الرئيس ورئيس الوزراء المكلف بتشكيلها». وقد أعاقت عملية اختيار رئيس الحكومة وقضية المحاصصة الحزبية للحقائب الوزارية وتسمية أعضائها تشكيل الحكومة الجديدة لنحو 40 يوما حتى الآن منذ التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية، ولا يستبعد أن تطرأ خلافات جديدة حول التشكيل الحكومي الجديد، لإعطاء مبرر جديد للحوثيين للسطو على ما تبقى من مقومات الدولة، بعد سيطرتهم على أغلب مفاصل الدولة في العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات الرئيسية. على الصعيد الأمني، قتل 28 شخصا في اشتباكات بين مسلحي القبائل وآخرين حوثيين في محافظة البيضاء، وسط اليمن، بحسب مسؤول محلي. وقال المسؤول المحلي الذي طلب عدم نشر اسمه، إن «أكثر من 25 مسلحاً حوثياً قتلوا، بالإضافة إلى 3 من مسلحي القبائل في اشتباكات بين الطرفين، اندلعت مساء الأربعاء، واستمرت حتى صباح أمس الخميس ، في منطقة الزوب التابعة لقيفة رداع بمحافظة البيضاء، وسط اليمن». وأشار إلى أن الاشتباكات توقفت صباح امس، غير أنه رجح عودتها لاستمرار توتر الوضع في المنطقة، ويخوض مسلحو القبائل ومسلحو جماعة الحوثي معارك مستمرة منذ أيام في عدة مناطق تابعة لرداع بمحافظة البيضاء خلفت قتلى وجرحى من الطرفين.