إن من أعظم القضايا التي عالجتها الشريعة الإسلاميّة وأولاها عناية فائقة،قضية تعزيزالأخوّة بين المسلمين و تقوية روابطها ورعايتها أتمّ رعاية.حتى أنزل الله فيها آيات بيّنات ، ووضحها وزادها بياناً رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم… كيف ربّى النبيّ أمته؟ لقد كان النبيّ يربّي أمته على تعزيزالأخوّة في مابينها فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال )المسلم أخوالمسلم لايظلمه ولايُسلمه ،وكان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن سترمسلما ستره الله يوم لقيامة) رواه البخاري ومسلم.. الشعوربالغير! إن الشعور بالغير هو شأن الأكرمين أصحاب النفوس العالية الذين يعلمون أن أخوّة الإيمان أعظم أخوّة ، ورابطة التقوى أعظم رابطة،فعن النعمان بن بشيررضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى)رواه البخاري ومسلم.. إن الأمة الإسلامية تعيش هذه الأيام بلاءً عظيماً في أصقاع كثيرة لاحصرلها . ونسأل الله السلامة والعافية وقد جاء في الحديث عن رسول الله قوله (وأهل الجنة ثلاثة وذكرمنهم ، ورجل رقيق القلب لكل ذي قربى مسلم)..والرجل الرقيق هوالذي يتألم قلبه من حال إخوانه الذين يعيشون في العراء،ويعانون من شدة البرد ويتضورون جوعاّ من شدة الفاقة.. الرجل الرقيق الذي يبكيه حال هؤلاء المستضعفين الذين تبدلت أحوالهم،وجارعليهم العدو، وخذلهم القريب فهم أقوام فقدوا أوطانهم وبيوتهم وأموالهم،بل وأهاليهم تتابعت عليهم المحن ، وتوالت عليهم الإحَن فتضاعف حزنهم،وتزايد ألمهم فأصبحوا في حاجة إلى قلب رقيق يكفكف دموعهم ويفرّج همومهم ، ويقف معهم مؤازراً ومسانداّ في هذه المحن العظيمة.. لقد شاهد الجميع رجالاًونساءً، صغاراًوكباراً ماتنقله وسائل الإعلام من صورومآسي لأهلنا في (عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة) وغيرها من المدن اليمنيّة،وقد كان كل ذلك الدماروالقتل والتدميرمن قبل فئة ضالة هم (الحوثيين) ومن ساندهم من الموالين للرئيس المخلوع (علي عبدالله صالح) الذين لايعرفون إلا الحقد والبغض لمن خالفهم وهم قوم قال الله فيهم((لايرقبون في مؤمن إلاّ ولاذمة وأولئك هم المعتدون)).. ويسرني في هذا المقام أن أقدّم تحيّة إجلال وإكبار لأولئك الرجال الأشاوس من رجال المقاومة الذين أبوا إلا أن يطهروا أرضهم من تلك الحثالة المجرمة الظالمة المعتدية عليهم..وقد أثبتوا والله للعالم كله أن عدن غيرها من بلاد الجنوب بها رجال يذودون عن حياض الدين والأرض والهويّة مع قلة عتادهم وأسلحتهم ، فهم أقوياء بالله ومن كان مع الله كان الله معه ، ولن يضره كيد كائد ولاعدوان معتدي ، أومكرماكر..يقول الله تعالى: ((وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئأ))… ويقول سبحانه ()ويمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين))..ويقول أيضاً ((إنهم يكيدون كيدا وأكيدُ كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ))..فما علينا ياعباد الله إلا أن نثق بالله ونؤمن به فالنصر قادم لامحالة،ولكم الله يا أهلنا في عدن وغيرها من مناطق الجنوب الباسلة .
الاصطفاء والابتلاء إن الله يبتلي ويصطفي ،ولا اصطفاء إلا من بعد ابتلاء ومايتعرض له أخواننا في تلك الأماكن ظاهره الابتلاء وباطنه الاصطفاء،والنصرمع الصبر،والفرج مع الشدة واليسرمع العسر،وبشائرالنصرتلوح في الأفق بإذن الله فالظلم ساعة،والعدل إلى قيام الساعة… مِسكُ الختام وفي ختام مقالي هذايسرني أن أذكّرنفسي وأخواني بعدة أمور و من أبرزها: أولا/ أن نكثر الدعاء لإخواننا المجاهدين الصابرين ، والدعاء سلاح عظيم يجب أن لانستهين به وعلى المؤمن الحق أن يدعو بإخلاص وحُرقة في صلاته (ركوعه وسجوده) وفي جميع الأوقات خاصة جوف الليل ويناشد الله نصرة إخوانه كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يناشد ربه النصر في (يوم بدر) ويلحّ في ذلك.. ثانياً / أن نتبرع لإخواننا بالمال، سواء الوافدين إلينا ضيوفا أو المقاومين في ساحات الجهاد. فجاهد ياعبدالله وانصر إخوانك بمالك ، فإن الله قد قدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس يقول سبحانه ((يأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم…))..وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث جابربن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم)في صدر النهار ، فجاء قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء ،متقلدي السيوف عامتهم من مُضر، بل كلهم من مضر ، فتمعّر وجه رسول الله لِما رأى مابهم من الفاقة ، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام ، فصلى ثم خطب فقال((يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة…)) و((يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد…)) ثم قال : تصدق رجل من ديناره ،من درهمه ،من صاع تمره ، حتى قال : ولو بشقِّ تمرة..فجاء رجل من الأنصار بصرّة كادت كفه تعجز عن حملها ثم تتابع الناس،حتى رأيت كومين من طعام وثياب،حتى رأيت وجه رسول الله يتهلل كأنه مَذهبة ، فقال رسول الله سلى الله عليه و سلم (من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من بعدهم إلى قيام الساعة من غيرأن ينقص من أجورهم شيئاً)..ويمدح النبيّ الأشعريين في ثناء يمتد من ذلك الزمان إلى يومنا هذا.. يمدحهم بمعونتهم لبعضهم وتقاسمهم لمعيشتهم وسدّ حاجة بعضهم بعضاً… وإننا إذ ندعوا لنصرة إخواننا هناك، إنما ندعوا لنصرة وإغاثة أقوام ظلمهم العدو ، وبطش بهم المجرم حتى أوصلهم إلى ما وصلوا إليه من الحاجة والفاقة بعد ما كانوا في رغد من العيش،وبحبوحة من الحياة الطيبة لكن قضاء الله أسبق، ونفاذه فيهم أمضى… ثالثاً / في ظل هذه الأزمة التي تمر بها البلاد فإننا نوجه نداءً عاجلا لإخواننا التجار وأصحاب المحلات التجارية نحذرهم من احتكار البضائع والمواد الغذائية و استغلال حاجة الناس وظروفهم المعيشية الصعبة ورفع الأسعار لأنهم يعلمون أن الناس مضطرون للشراء سعركان و ذلك والله حرام ولايجوز ، وسيحاسب كل واحدعن ما اقترفه فعله استغلالاً لحاجة إخوانه في الوقت الذي هم في حاجة ماسة إلى دعمهم ومساندتهم والوقوف إلى جانبهم… رابعا/ وهو الأهم حيث أنني ادعو نفسي وجميع أهل هذه المحافظة (قادة ، ساسة وأحزاب ، مكونات ، وعلماء) فالجميع دون استثناء مدعوون إلى التآخي والتكافل، التقارب والتعاون ، وتوحيد الكلمة ، لأن العدو مشترك ويجب علينا ان نتحد على هدف واحد وهو صدّ الباغي المعتدي ولانترك له أيّ ثغرة يستغلها كي لانكرر ماوقع لإخواننا في عدن من قيام ما يسمونهم (الخلايا النائمة) وبمساعدة من الخارج،فالأمر جد خطير، بل أخطر مما نظن ، وهم موجودون فعلا… لأجل ماورد ذكره ندعو الجميع خاصة الشباب إلى تعلم استخدام السلاح والاستعداد لأي أمر طارئ،وهذا ليس من باب تمني لقاء العدو ولكن من باب قوله تعالى ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة…)) والمجرّب لا يُجرّب،كما يُقال، كما أذكر أهل هذا الحيّ (الانشاءات) وخاصة الشباب منهم إلى أهميّة الحراسات الليليّة في ظل هذه الأوضاع حفاظاً على أنفسنا وأعراضنا.. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته… *الإمام والخطيب السابق ل (جامع الألباني) الموجود في حيّ الانشاءات/ فوّه بالمكلا عاصمة حضرموت…